«الواسطة» أسلوب حياة

«الواسطة» أسلوب حياة

المغرب اليوم -

«الواسطة» أسلوب حياة

أمينة خيري
بقلم : أمينة خيري

ما رأيك عزيزى القارئ فى منظومة «الواسطة» أو الوساطة أو «الكوسة» أو غيرها من مسميات طلب «التوصية» لدى تلقى خدمة؟، سواء كان من يوصى عليك أمين شرطة أو ضابطًا، موظفًا كبيرًا أو موظفًا صغيرًا، «عمو» قريب بابا أو أحد معارف قريب أحد الأصدقاء، هل تطلب «واسطة» قبل أن تتوجه إلى المصلحة أو الهيئة أو الإدارة التى تأمل أن تنجز فيها معاملة؟، أم تتوجه إلى المكان و«أنت وبختك»؟، لماذا نلجأ إلى «الواسطة» أو «التوصية»؟.

وفى حال أخبرك الأهل والأقارب بأن المكان الذى ستتوجه إليه لإنجاز معاملة تم تطويره وتحديثه، وأصبح الجانب الأكبر من المعاملات مرقمنًا، وهو ما يقلص هوامش «رذالة» الموظف ويحاصر سياسة «الدرج المفتوح»، هل ستصر على «الواسطة» تحسبًا لأى سخافات، أم تمضى قدمًا وتذهب كغيرك من الملايين، وأنت لا تملك سوى العقد الاجتماعى الذى يفترض أن يضمن لك الحصول على الخدمات المستحقة فى مقابل أن تكون مواطنًا صالحًا؟!.

منظومة الوساطة فى عرفنا تستحق الدراسة. أعرف الكثير من الأهل والأصدقاء والزملاء الذين يعرفون جيدًا أن مؤسسات وإدارات عدة تطورت وأصبحت الخدمات المقدمة فيها لا تحتاج إلى «كارت توصية من حسام بك» أو «مكالمة تليفون من عمو سليمان» بالضرورة، ورغم ذلك، يصرون على الكارت أو المكالمة. وأعتقد أن جزءًا من الإصرار مرده الرغبة فى الشعور بالأهمية. نحن بشر، والمؤكد أن دخولك هيئة أو إدارة مزدحمة، واستقبالك بطريقة تشى بأنك «شخص مهم»، ويتم إدخالك فورًا مكتب «محمد بك» أو «مدام منال»، مع فنجان قهوة أمام الجموع الغفيرة، أمر يجعلنا نشعر بالسعادة والفخر، حتى لو أنهينا المعاملة، وخرجنا من الباب لنركض وراء الأتوبيس، ونزاحم الجموع الغفيرة نفسها التى تعالينا عليها قبل دقائق.

تاريخيًا، تجذرت الوساطة والكوسة والتوصية لدينا لأسباب وعوامل عدة، بينها سوء التعامل الذى يتلقاه المواطن «السادة» أى بدون واسطة، والتزاحم أمام شباك طلب الخدمة، وسعة صدر بعض الموظفين فيما يختص بتلقى «إكرامية»، ومنظومة السبع دوخات المقررة فى بعض الأماكن، حيث تبدأ من مكتب «أ» الذى يوجهك لزميله فى مكتب «ب»، ثم «ج» وهلم جرا وصولًا إلى «ى»، ومن ثم تجد نفسك أمام مكتب «أ» مجددًا، وعشوائية تناول الإفطار والشاى والصلاة، مع إضافة السنن النوافل والرواتب وما تيسر، وفوضى «أستاذ فلان ماجاش النهاردة، فوت علينا بكره»، بالإضافة إلى الشعور بالحنق والظلم لأن غيرك وصل بعدك وأنهى معاملاته، بينما أنت فى حلقة الطواف الأولى حول المكاتب، وغيرها من أسباب تحولت عبر العقود إلى أسلوب حياة.

كنت متحدثًا رسميًا باسم وزارة التربية والتعليم لفترة وجيزة قبل سنوات. هذه الفترة أكدت لى أن «الواسطة» أسلوب حياة، وأن البعض ممن يصدعون رؤوسنا بالحديث عن العدل والمساواة واحترام القانون يتكالبون للحصول على «توصية» يعلمون علم اليقين أنها ظلم للآخرين، وتمييز لهم دون وجه حق، وضرب عرض الحائط بالقانون، وللواسطة بقية.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

«الواسطة» أسلوب حياة «الواسطة» أسلوب حياة



GMT 00:10 2025 الثلاثاء ,09 أيلول / سبتمبر

أزمة النووي الإيراني.. أي مسار سنشهد؟‎

GMT 00:06 2025 الثلاثاء ,09 أيلول / سبتمبر

قمة لا غرب فيها

GMT 00:03 2025 الثلاثاء ,09 أيلول / سبتمبر

وميضٌ عربي في بحر الظلمات

GMT 00:00 2025 الثلاثاء ,09 أيلول / سبتمبر

لبنان وخطر العودة إلى العادات القديمة

GMT 23:58 2025 الثلاثاء ,09 أيلول / سبتمبر

«واقعة» صبي المنبر

GMT 23:56 2025 الثلاثاء ,09 أيلول / سبتمبر

«عيد ميلاد سعيد».. أمل جديد!

الكروشيه يسيطر على صيف 2025 ونانسي عجرم والنجمات يتألقن بأناقة عصرية

بيروت ـ المغرب اليوم

GMT 19:53 2019 الجمعة ,03 أيار / مايو

تمتع بالهدوء وقوة التحمل لتخطي المصاعب

GMT 06:56 2019 الأحد ,31 آذار/ مارس

شهر مناسب لتحديد الأهداف والأولويات

GMT 23:08 2018 الجمعة ,26 تشرين الأول / أكتوبر

"ماريما" اختيارك الأفضل لقضاء شهر عسل لن تنساه

GMT 05:49 2018 السبت ,29 أيلول / سبتمبر

امضي شهر عسل رومانسي ومميز في أفخم فنادق باريس

GMT 17:55 2017 الثلاثاء ,14 آذار/ مارس

افتتاح مصنع لزجاج السيارات في القنيطرة في 2019

GMT 08:37 2017 الإثنين ,02 تشرين الأول / أكتوبر

فرصة لقضاء شهر عسل لا يُنسى في كوستاريكا

GMT 15:40 2020 الثلاثاء ,24 آذار/ مارس

أمطار غزيرة غير مسبوقة تحاصر ساحل شفشاون

GMT 17:44 2020 الأربعاء ,22 كانون الثاني / يناير

طريقة تصليح سحاب الملابس
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
RUE MOHAMED SMIHA ETG 6 APPT 602 ANG DE TOURS CASABLANCA MOROCCO
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib