محتوى الكراهية «البديع» 3

محتوى الكراهية «البديع» (3)

المغرب اليوم -

محتوى الكراهية «البديع» 3

أمينة خيري
بقلم : أمينة خيري

كيف نُبقى على الصحافة الحقيقية فى الظروف بالغة الصعوبة التى تعيشها، من مادية ومنافسة شرسة من قبل المنصات الرقمية وجيوش وجحافل المؤثرين والمؤثرات، أو من يتصورون أنهم كذلك، ناهيك عن تغير تركيبة القارئ أو المشاهد أو المستمع، ويكفى تحول لقبه إلى «متلقٍ» أو «مستهلك»، أو تأرجحه هو شخصيًا بين التلقى وصناعة المحتوى؟

وكيف نحافظ على القارئ الرصين المنقرض، ونحميه من الزوال؟! ليست هناك وصفة سحرية أو روشتة مؤكدة، لكن هناك محاولات لتوصيف الحالة، والنظر بعين الاعتبار لمن سبقونا فى مسار الإنقاذ.

نقل أجزاء من تجارب الآخرين وارد، لكن استنساخ، أو الاعتقاد فى إمكانية الاستنساخ، أو كما نقول «نقل مسطرة»، هو الوهم بعينه. فالمجتمعات التى سبقتنا لا يتحكم فى قواعدها الشعبية العريضة خليط جهنمى من الانفلات السلوكى والتدين المظهرى والشفهى والإجرائى المتطرف والإقصائى. وحتى تلك التى تعتريها صحوة يمينية متطرفة، أو انتشار جماعات شاذة فكريًا، فإنها غالبًا تعمل فى إطار من القانون المدنى الذى يحمى- ولو إلى حد ما- حقوق الآخرين وخصوصيتهم.

كما أن المستوى التعليمى والثقافى فى المجتمعات المختلفة يلقى بظلاله فى مسائل مثل هيمنة صحافة الإثارة، وشاهد قبل الحذف، وإطلالة الفنانة الجريئة، وتكفير كل من لا يشبهنا، أم ترك متسع للإعلام الحقيقى لمن يرغب.

«لمن يرغب» لا تعنى بالضرورة القارئ الرصين المنقرض، بل تتسع لقاعدة أعرض أتاح لها التعليم الجيد والثقافة المتنورة متعددة المصادر وهامش التفكير النقدى أن تعرف الوقت المناسب الذى تبحث فيه عن الخبر الحقيقى والتفسير العلمى والتحليل متعدد الزوايا، بدلًا من «شاهد قبل الحذف».

هذه المجتمعات ليست ملائكية. كما أنها لا تركب المترو وهى تطالع «نيويورك تايمز» أو تناقش فى المقهى ما ورد فى «إيكونوميست» وما كُتب فى «فايناشيال تايمز» أو «لو موند».

تلخيصًا للفكرة، أقول إن استنساخ ما تقوم به دول ومجتمعات أخرى للإبقاء على الصحافة الرصينة، ولو حتى تلك التى أصبحت تقدم محتواها عبر «بود كاست» أو رسائل نصية قصيرة أو ما شابه، لن ينجح فى مصر، لأن المجتمع مختلف، ولأن اليد العليا فى الشارع باتت لدى جبهتين متضادتين: محترفو الإثارة وجذب المتابعين عبر المحتوى الساخن الفارغ، محترفو الإثارة وجذب المتابعين عبر المحتوى المفعم بالتكفير والكراهية ورفض الآخر والإقصاء وتشويه الدين عبر احتكار التفسير وتحليل الحرام وتحريم الحلال.

هاتان الجبهتان القويتان تندمجان أحيانًا، فتقدمان محتوى أقرب ما يكون بالقنبلة النووية من حيث الأثر المجتمعى من جهة، ومن حيث تحقيق المشاهدات المليونية من جهة أخرى، ويصبح محتوى كراهية «بديع» الأثر.

وهذا يعيدنا إلى جدلية أثر التعليم (ونوعه) والثقافة (وتعدد مصادرها) والمنظومة الأخلاقية (التى لا تقتصر على الحلال والحرام) فى شكل الصحافة التى نريد إنقاذها، والقارئ الرصين المنقرض الذى يعانى الوحدة والحرمان. وللحديث بقية.

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

محتوى الكراهية «البديع» 3 محتوى الكراهية «البديع» 3



GMT 15:23 2025 الثلاثاء ,04 تشرين الثاني / نوفمبر

عفواً سيّدي الجلاد

GMT 15:21 2025 الثلاثاء ,04 تشرين الثاني / نوفمبر

الفوسفات والذنيبات والمسؤولية المجتمعية تصل البربيطة

GMT 15:18 2025 الثلاثاء ,04 تشرين الثاني / نوفمبر

أبو دلامة وجي دي فانس

GMT 15:07 2025 الثلاثاء ,04 تشرين الثاني / نوفمبر

العودة إلى إسحق رابين

GMT 14:59 2025 الثلاثاء ,04 تشرين الثاني / نوفمبر

من الساحل إلى الأطلسي: طريق التنمية من أجل الاستقرار

GMT 14:52 2025 الثلاثاء ,04 تشرين الثاني / نوفمبر

فضيحة في تل أبيب!

GMT 14:45 2025 الثلاثاء ,04 تشرين الثاني / نوفمبر

مصر تفرح بافتتاح المتحف الكبير (1)

GMT 14:42 2025 الثلاثاء ,04 تشرين الثاني / نوفمبر

شخص غير مرغوب فيه

نجمات مصريات يجسّدن سحر الجمال الفرعوني في افتتاح المتحف المصري

القاهرة - المغرب اليوم

GMT 10:46 2025 الثلاثاء ,04 تشرين الثاني / نوفمبر

أفضل الوجهات العربية لقضاء خريف معتدل ومليء بالتجارب الساحرة
المغرب اليوم - أفضل الوجهات العربية لقضاء خريف معتدل ومليء بالتجارب الساحرة

GMT 13:31 2025 الثلاثاء ,04 تشرين الثاني / نوفمبر

طرق ذكية لتعليق اللوحات دون إتلاف الحائط
المغرب اليوم - طرق ذكية لتعليق اللوحات دون إتلاف الحائط

GMT 18:26 2025 الثلاثاء ,04 تشرين الثاني / نوفمبر

بوريس جونسون يهاجم بي بي سي ويتهمها بالتزوير
المغرب اليوم - بوريس جونسون يهاجم بي بي سي ويتهمها بالتزوير

GMT 07:55 2025 الأربعاء ,05 تشرين الثاني / نوفمبر

إعادة فتح مطار بروكسل بعد توقف مؤقت نتيجة رصد طائرات مسيرة
المغرب اليوم - إعادة فتح مطار بروكسل بعد توقف مؤقت نتيجة رصد طائرات مسيرة

GMT 18:52 2025 الثلاثاء ,04 تشرين الثاني / نوفمبر

خبراء التغذية يوصون بمشروبات طبيعية لتحسين الأداء الإدراكي
المغرب اليوم - خبراء التغذية يوصون بمشروبات طبيعية لتحسين الأداء الإدراكي

GMT 01:36 2025 الأربعاء ,05 تشرين الثاني / نوفمبر

أحمد حلمي وهند صبري في أول تعاون سينمائي بأضعف خلقه
المغرب اليوم - أحمد حلمي وهند صبري في أول تعاون سينمائي بأضعف خلقه

GMT 20:20 2019 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

4 أصوات تشير إلى أعطال في محركات السيارات

GMT 06:27 2018 الثلاثاء ,05 حزيران / يونيو

دراسة تؤكّد تأثير حجم المخ على التحكّم في النفس

GMT 21:07 2018 الأربعاء ,04 إبريل / نيسان

"سباق الدراجات" يدعم ترشح المغرب للمونديال

GMT 01:40 2018 السبت ,10 آذار/ مارس

رجل يشكو زوجته لسوء سلوكها في طنجة

GMT 05:32 2017 الأربعاء ,03 أيار / مايو

محمود عباس فى البيت الأبيض.. من دون فلسطين!

GMT 06:27 2016 الجمعة ,11 تشرين الثاني / نوفمبر

باكستان تُبعد صاحبة صورة ناشيونال جيوغرافيك الشهيرة

GMT 04:19 2016 الإثنين ,05 كانون الأول / ديسمبر

"فرزاتشي Versaci" تطلق مجموعتها الساحرة لعام 2017

GMT 07:02 2017 الجمعة ,20 تشرين الأول / أكتوبر

فيلم الرعب الأميركي "Happy Death Day" الأول على شباك التذاكر
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
RUE MOHAMED SMIHA ETG 6 APPT 602 ANG DE TOURS CASABLANCA MOROCCO
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib