القارئ الرصين المنقرض 2

القارئ الرصين المنقرض (2)

المغرب اليوم -

القارئ الرصين المنقرض 2

أمينة خيري
بقلم : أمينة خيري

تصورات البقاء والإبقاء على الصحافة التقليدية فى العصر الرقمى تشمل البحث المضنى والمستمر والمحموم عن الإثارة. والإثارة تعنى النقر، والنقر يعنى تشغيل عداد القراءات والمشاهدات، وتشغيل العداد يعنى ربحًا أو منافسة والبقاء على قيد الحياة أو كليهما. والإثارة فى عالم الصحافة اليوم، والتى وصلت إلى ما وصلت إليه من مستويات غير مسبوقة تتأثر كثيرًا بالثقافة السائدة، لا سيما الشعبية. لماذا؟ لأن فى ظنى أن القارئ «الرصين» سيظل محافظًا على القراءة والمشاهدة الرصينة.

صحيح أن القارئ الرصين المنقرض لن يضمن للمؤسسة الإعلامية البقاء على قيد الحياة فى هذا العالم المتوحش الذى تهيمن عليه ثقافة «شاهد قبل الحذف» و«إطلالة الفنانة الجريئة» و«ماذا سيفعل بنا الطقس؟»، لكن فى الوقت نفسه، مقايضة ما تبقى من محتوى صحفى حقيقى فى الصحافة التقليدية، سواء كانت مقروءة أو مشاهدة أو مسموعة، بحفنة من المشاهدات والقراءات أو المتابعات قصيرة العمر يجب أن تخضع لمراجعة.

أغلب المؤسسات الإعلامية فى مصر تأخرت فى الاعتراف، ومن ثم اللحاق بركب العصر الرقمى. بعيدًا عن الأسباب، أدى هذا التأخر إلى «اللكلكة» فى عملية اللحاق. المؤسسات الإعلامية فى دول عدة استعدت لهذا الاجتياح مبكرًا، ويبدو هذا واضحًا سواء فى تغير حقيقى فى الشكل والمحتوى الصحفيين، أو فى الاستعداد «المادى» للهيمنة الرقمية، ولو كان هذا الاستعداد يتمثل فى تلك المناشدات التى تطالع المتصفح لموقع صحف كبرى مثل «الجارديان» البريطانية حيث تطالعك هذه المناشدة ما أن تفتح موقعها: «ادعم الصحافة المستقلة الجريئة. نحن لسنا مملوكين لملياردير أو مساهمين. قراؤنا يدعموننا».

وفى هذه المناشدة رسائل عدة هى أقرب ما تكون إلى سبل بقاء الصحافة التقليدية ذات المحتوى البعيد عن «شاهد قبل الحذف» و«الإطلالة الجريئة» و«دعاء درء الفقر» وهى: بين المؤسسات الصحفية والإعلامية التى تمكنت من البقاء على قيد الحياة فى العصر الرقمى من يملكها مليارديرات قادرون وراغبون فى تمويلها وضمان تقاضى الصحفيين رواتبهم، ولكن الملكية – حتى لو كانت لأفلاطون صاحب فكرة المدينة الفاضلة- تؤثر ولو بشكل ضئيل على المحتوى. وهذه هى الرسالة الثانية فى مناشدة «الجارديان»، على الراغبين فى استمرار بقاء الصحافة المستقلة الجريئة من القراء، أى من الشعب، دعمنا من أجل بقائنا.

أما السبيل الثالث والذى لم ولن تطرحه «الجارديان» لأسباب كثيرة، منها مفهوم ملكية المؤسسات الإعلامية الذى يختلف من دولة لأخرى، هو دعم الدولة. النموذج الحاضر هو هيئة الإذاعة البريطانية «بى بى سى»، وهى مؤسسة عامة، لا تملكها الدولة بحسب ميثاق تأسيسها، ولكن لـ«الحكومات» تأثير عليها دون أدنى شك. وبالإضافة لاستحالة استنساخ نموذج «بى بى سى» (المتعثرة ماليًا) لأسباب ثقافية واجتماعية وسياسية كثيرة، فإن جانبًا معتبرًا من تمويلها كان يأتى من جيوب الشعب، متمثلًا فى سداد مبلغ سنوى هو «رخصة المتابعة» أو «رسوم الترخيص». كيف نبقى على الصحافة الحقيقية إذن فى ظل تلك الظروف؟.

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

القارئ الرصين المنقرض 2 القارئ الرصين المنقرض 2



GMT 21:06 2025 الثلاثاء ,29 تموز / يوليو

آخر الرحابنة

GMT 21:04 2025 الثلاثاء ,29 تموز / يوليو

حلّ الدولتين... زخمٌ لن يتوقّف

GMT 21:03 2025 الثلاثاء ,29 تموز / يوليو

«تامر يَجُرّ شَكَل عمرو!»

GMT 21:01 2025 الثلاثاء ,29 تموز / يوليو

رياح يوليو 1952

GMT 20:59 2025 الثلاثاء ,29 تموز / يوليو

لا يجوز في الساحل ولا يليق

GMT 20:58 2025 الثلاثاء ,29 تموز / يوليو

الوزير الخائن دمر الفسطاط (1)

GMT 20:45 2025 الثلاثاء ,29 تموز / يوليو

حرب المساعدات

GMT 11:10 2025 الثلاثاء ,29 تموز / يوليو

حديث الصيف: أيام العرب في الجاهلية

نانسي عجرم تكسر قواعد الموضة في "نانسي 11" بإطلالات جريئة

القاهرة ـ المغرب اليوم

GMT 19:34 2025 الثلاثاء ,29 تموز / يوليو

فرنسا تندد بمقتل ناشط فلسطيني في الضفة
المغرب اليوم - فرنسا تندد بمقتل ناشط فلسطيني في الضفة

GMT 17:16 2021 الجمعة ,01 كانون الثاني / يناير

تطرأ مسؤوليات ملحّة ومهمّة تسلّط الأضواء على مهارتك

GMT 16:39 2020 الإثنين ,01 حزيران / يونيو

تعيش ظروفاً جميلة وداعمة من الزملاء

GMT 16:18 2020 الإثنين ,01 حزيران / يونيو

شؤونك المالية والمادية تسير بشكل حسن

GMT 19:12 2020 الإثنين ,09 تشرين الثاني / نوفمبر

تبدو مرهف الحس والشعور

GMT 08:13 2020 الثلاثاء ,06 تشرين الأول / أكتوبر

حظك اليوم برج العقرب الجمعة 30 تشرين الثاني / أكتوبر 2020

GMT 16:51 2021 الجمعة ,01 كانون الثاني / يناير

تتيح أمامك بداية السنة اجواء ايجابية

GMT 15:14 2020 الجمعة ,10 إبريل / نيسان

أبرز الأحداث اليوميّة

GMT 16:19 2020 الجمعة ,10 إبريل / نيسان

انتبه لمصالحك المهنية جيداً

GMT 19:04 2021 الجمعة ,01 كانون الثاني / يناير

يشير هذا اليوم إلى بعض الفرص المهنية الآتية إليك
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib