النضج العربى وأمريكا

النضج العربى وأمريكا

المغرب اليوم -

النضج العربى وأمريكا

أمينة خيري
بقلم : أمينة خيري

هذا هو أحد أكثر الاستقبالات العربية الواقعية لتنصيب رئيس أمريكى جديد. باستثناءات قليلة، يتعامل أغلب العرب مع تنصيب الرئيس دونالد ترامب باعتباره حدثًا سياسيًّا عاديًّا متوقعًا، لن ينجم عنه سوى استمرار للسياسة الأمريكية تجاه المنطقة العربية والشرق الأوسط. وسواء كان المتلقون يعتبرونها سياسة حميدة أو خبيثة. كلمة السر هى الاستمرارية. جيد جدًّا أن ننضج ونتوقف عن التعلق بـ«قشاية» متمثلة فى رئيس أمريكى «مسلم» لأنه يحمل اسم «حسين»، أو لأنه استهل خطابًا- نجمت عنه مصائب وكوارث- بـ«بسم الله الرحمن الرحيم»، أو لأن هذا رئيس ديمقراطى، ومن ثَمَّ سيراعى العرب أكثر «حبتين»، أو لأن ذاك جمهورى فسيميل إلى التحالف مع دول الخليج بحثًا عن المصالح المشتركة. كل ما سبق وغيره من الافتراضات وغيرها لا يعنى شيئًا فى عالم السياسة والمصالح. التقارير التى تتحدث عن التصويت العقابى العربى والمسلم فى الانتخابات الأمريكية- والتى هدفت إلى إقصاء كامالا هاريس، مرشحة الحزب الديمقراطى، «عقابًا» لها على دعم الحزب لإسرائيل فى حرب غزة الدامية، وتشتيت الأصوات من أصول عربية ومسلمة بين ترامب والاتجاه إلى التصويت لزعيمة حزب الخضر، جيل ستاين- لا تعكس إلا قلة حيلة وضبابية رؤية وهشاشة القدرة على رؤية الواقع. واقع السياسة الأمريكية، وغير الأمريكية، لا مجال فيه لحزب يحب العرب أو يكرههم. بالطبع، هناك ضغوط اللوبى اليهودى، والأموال التى تُدفع لدعم سياسات ومرشحين، وهناك أيضًا ميول عنصرية أو تمييزية لصالح إسرائيل، ولكن ماذا فعل العرب لمعادلتها، أو منافستها، أو الوقوف على قدم المساواة معها؟.

ولحين العثور على إجابات منطقية وواقعية، نكتفى بدرجة النضج التى حققناها، وتتجلى فى تقلص وانكماش الآلام والأحلام المحلقة بأن الرئيس الجديد سينصف المظلومين أو سيسحقهم.

من أطرف ما قرأت وقت الحملات الانتخابية الأمريكية تقرير عربى عنوانه «أساليب الحزب الجمهورى بعيدة عن القيم العربية». ضحكت كثيرًا، ورغم أن ما قيل جاء على لسان سياسى أمريكى ينتمى إلى الحزب الجمهورى (بالطبع)، فإن جانبًا من الإعلام العربى تعامل معه وكأنه فتح عربى مبين فى الانتخابات الأمريكية، وكأن الخلاص العربى يكمن فى انتخاب المرشح الجمهورى.

تابعت كذلك المقالات والتقارير، بل الأخبار، التى اختارت مؤسسات إعلامية عربية ذات توجهات وتحيزات معروفة أن تُغرق متابعيها فيها على شاكلة «التصويت لجيل شتاين سيلقن الحزب الديمقراطى درسًا قاسيًا ويجعله يَعِى فداحة دعمه لإسرائيل فى المستقبل» و«هاريس تخشى عقاب المسلمين يوم التصويت» و«ترامب وهاريس يتسابقان من أجل خطب ود الناخبين المسلمين» وغيرها.

بعيدًا عن الإمعان فى التغييب، والإفراط فى غسل الأدمغة، وتحليل مجريات الانتخابات الأمريكية بناء على المشاعر والأحاسيس والأمنيات الحنجورية، وبغض النظر عما سنراه من مفاجآت، لا أعتقد أنها ستكون سارة. فى الحضور الأمريكى فى ملف الشرق الأوسط، يبدو أن الرهان حاليًا هو على نضج المواطن العربى وقدرته على التفريق بين سياسة الخيال والمشاعر وسياسة الواقع والمصالح.

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

النضج العربى وأمريكا النضج العربى وأمريكا



GMT 23:56 2025 الأربعاء ,30 تموز / يوليو

ما كان لازم

GMT 23:55 2025 الأربعاء ,30 تموز / يوليو

هل يمكن تجديد العقل المُنتهي؟

GMT 23:54 2025 الأربعاء ,30 تموز / يوليو

المرأة والكرة... نتنياهو والدولة

GMT 23:53 2025 الأربعاء ,30 تموز / يوليو

مبادرة عربية أخرى!

GMT 23:51 2025 الأربعاء ,30 تموز / يوليو

الدولة الفلسطينية و«القنبلة النووية» الفرنسية

GMT 23:49 2025 الأربعاء ,30 تموز / يوليو

الحَوَل سياسي أيضًا

GMT 23:47 2025 الأربعاء ,30 تموز / يوليو

الوطنية والمعارضة وما بينهما

إليسا تتألق بفستان مرصع بالكريستالات وتخطف الأنظار بإطلالات فاخرة

القاهرة - المغرب اليوم

GMT 03:18 2025 الأربعاء ,11 حزيران / يونيو

قائمة بايرن ميونخ في كأس العالم للأندية 2025

GMT 03:13 2025 الأربعاء ,11 حزيران / يونيو

بوروسيا دورتموند يعلن تعاقده مع جوبي بيلينجهام

GMT 03:07 2025 الأربعاء ,11 حزيران / يونيو

قائمة أتلتيكو مدريد في كأس العالم للأندية 2025

GMT 03:10 2025 الأربعاء ,11 حزيران / يونيو

رد حاسم من ممثلي تير شتيجن حول مستقبله مع برشلونة

GMT 15:07 2020 الإثنين ,12 تشرين الأول / أكتوبر

فائدة غير متوقعة لـ"3 قطع شكولاتة شهريا"

GMT 13:07 2023 الأربعاء ,18 كانون الثاني / يناير

ارتفاع أسعار النفط والأمل معقود على الصين

GMT 19:38 2017 الإثنين ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

إعفاء الكاتب العام لرئاسة الحكومة المغربية من منصبه
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
RUE MOHAMED SMIHA ETG 6 APPT 602 ANG DE TOURS CASABLANCA MOROCCO
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib