معارف «أوبن بوفيه»

معارف «أوبن بوفيه»

المغرب اليوم -

معارف «أوبن بوفيه»

أمينة خيري
بقلم : أمينة خيري

فرق كبير بين أن تكون مُلِمًّا بمعارف ومعلومات وثقافة عامة، فتعرف بعضًا من الفيزياء والكيمياء، وقليلًا من الأدب والشعر والفن، وومضات من عالم الحيوان والفضاء والمجرات والأمراض والحشرات، وتوليفة من قواعد البناء والهندسة والزراعة والتجارة، وذلك بالإضافة إلى تخصصك الأصلى مثل أن تكون صحفيًّا متخصصًا فى الشؤون السياسية، أو طبيبًا متخصصًا فى الجهاز الهضمى، أو نجارًا متخصصًا فى تصنيع غرف النوم والمعيشة من جهة، وبين أن تعتبر نفسك خبيرًا فى كل ما سبق، وقادرًا على أن تعمل بأى منها.

يعتقد البعض أن عبارات مثل «لا أعلم» أو «لا أدرى» أو «هذا ليس تخصصى» تنال من كرامة وكبرياء ومكانة قائلها. يُفتَرض أنها عبارات تصف حالة ولا تضيف أو تنقص من شأن صاحبها، لكن مجتمعنا يعتبر: «لا أعرف» سبة أو فضيحة أو وصمة فى حق قائلها.

وإذا كانت السوشيال ميديا قد كشفت عن وجه المعرفة الكاذبة المبهرة المسيطرة على كثيرين، حيث خبراء الهبد الاستراتيجى والفنى والدينى والسياسى والاجتماعى والاقتصادى والأسرى وغيرها، فإن سمة ادعاء معرفة كل شىء وأى شىء أقدم من السوشيال ميديا بكثير. كل ما قامت به السوشيال ميديا هو أنها مكّنت الملايين من الهبد على مدار الساعة، ولأن الهبد أيضًا صنعة، وهناك هبد جذاب وآخر عبيط وثالث نصف نصف، وهلم جرا، فقد امتد أثر الهبد ليتمكن من ملايين المتلقين، وصرنا فى حلقة مغلقة من الهبد والهبِّيدة.

لكن ما أود التركيز عليه اليوم هو فكرة التخصص التى تؤرق كثيرين. ولا أدرى السبب التاريخى أو النفسى أو الثقافى الذى يجعل من طبيب يعتقد أنه علامة دينى، أو من علامة دينى يعطى نفسه حق الإفتاء فى الطب والمحاسبة وسوق الخضار وبورصة الذهب وشيرين عبدالوهاب، أو خريج فنى تكييف قرر أن يكون فنى إصلاح هواتف محمولة، (يسمى نفسه باشمهندس طبعًا)، والأمثلة حولنا وبيننا أكثر من أن تُعد أو تُحصى.

معارف الـ«أوبن بوفيه» أو البوفيه المفتوح لا تؤهل شخصًا ليكون خبيرًا فيما لم يدرس أو يتدرب أو يتعلم. وحجة البطالة، أو أن سوق العمل محدودة، أو «أهى شغلانة وخلاص»، هى عذر أقبح من ذنب.

الطبيب الذى يُفتينا فى الدين إعلاميًّا يفقد مصداقيته (على الأقل بالنسبة لى) فى كلا التخصصين، ورجل الدين الذى يملى علىَّ متى وهل أخرج من البيت أم لا، وإن كان مرضى يسمح لى بالصوم، وشروط ركوب الأتوبيس والنزول من المترو لم يعد عالِم دين، والسباك الذى أصلح حنفية المطبخ، فخرب المحبس العمومى، ثم أخبرنى مفاخرًا أنه خريج شريعة وقانون وخطيب مسجد ويهوى السباكة، مكانه «القائمة السوداء»، وصحفى الفن الذى قرأ كتابًا عن مرشد الإخوان فأصبح باحثًا فى الإسلام السياسى فاقد المصداقية.

التخصص ليس عيبًا. العيب كل العيب معارف «أوبن بوفيه».

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

معارف «أوبن بوفيه» معارف «أوبن بوفيه»



GMT 21:06 2025 الثلاثاء ,29 تموز / يوليو

آخر الرحابنة

GMT 21:04 2025 الثلاثاء ,29 تموز / يوليو

حلّ الدولتين... زخمٌ لن يتوقّف

GMT 21:03 2025 الثلاثاء ,29 تموز / يوليو

«تامر يَجُرّ شَكَل عمرو!»

GMT 21:01 2025 الثلاثاء ,29 تموز / يوليو

رياح يوليو 1952

GMT 20:59 2025 الثلاثاء ,29 تموز / يوليو

لا يجوز في الساحل ولا يليق

GMT 20:58 2025 الثلاثاء ,29 تموز / يوليو

الوزير الخائن دمر الفسطاط (1)

GMT 20:45 2025 الثلاثاء ,29 تموز / يوليو

حرب المساعدات

GMT 11:10 2025 الثلاثاء ,29 تموز / يوليو

حديث الصيف: أيام العرب في الجاهلية

نانسي عجرم تكسر قواعد الموضة في "نانسي 11" بإطلالات جريئة

القاهرة ـ المغرب اليوم

GMT 17:16 2021 الجمعة ,01 كانون الثاني / يناير

تطرأ مسؤوليات ملحّة ومهمّة تسلّط الأضواء على مهارتك

GMT 16:39 2020 الإثنين ,01 حزيران / يونيو

تعيش ظروفاً جميلة وداعمة من الزملاء

GMT 16:18 2020 الإثنين ,01 حزيران / يونيو

شؤونك المالية والمادية تسير بشكل حسن

GMT 19:12 2020 الإثنين ,09 تشرين الثاني / نوفمبر

تبدو مرهف الحس والشعور

GMT 08:13 2020 الثلاثاء ,06 تشرين الأول / أكتوبر

حظك اليوم برج العقرب الجمعة 30 تشرين الثاني / أكتوبر 2020

GMT 16:51 2021 الجمعة ,01 كانون الثاني / يناير

تتيح أمامك بداية السنة اجواء ايجابية

GMT 15:14 2020 الجمعة ,10 إبريل / نيسان

أبرز الأحداث اليوميّة

GMT 16:19 2020 الجمعة ,10 إبريل / نيسان

انتبه لمصالحك المهنية جيداً

GMT 19:04 2021 الجمعة ,01 كانون الثاني / يناير

يشير هذا اليوم إلى بعض الفرص المهنية الآتية إليك
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
RUE MOHAMED SMIHA ETG 6 APPT 602 ANG DE TOURS CASABLANCA MOROCCO
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib