«واقعة» صبي المنبر

«واقعة» صبي المنبر

المغرب اليوم -

«واقعة» صبي المنبر

أمينة خيري
بقلم : أمينة خيري

«على الفور، تحرك القطاع الدينى بوزارة الأوقاف للنظر فى الواقعة، (تطاول صبى على النبى، صلى الله عليه وسلم، وتحليل محتوى المقطع (الوارد فى خطبة من أعلى المنبر)، وفتح تحقيق فى الجوانب الفكرية والإدارية ذات الصلة». ورأت وزارة الأوقاف «فى ذلك المسلك تطاولاً لا يغتفر.. وجهلًا بمقام المولود أفضى إلى إساءة». وقالت الوزارة إنها تحمد الله تعالى على «تلك الهَبّة التى عمّت الأجواء إنكاراً لهذا التطاول».

«واقعة» اعتلاء صبى منبر مسجد، وخطبته فى جموع المصلين، وتطاوله على مناسبة المولد النبوى الشريف، وهى القومة التى تقومها كل التيارات الدينية المتطرفة والعنيفة والكارهة للحياة والرافضة لكل من لا يتطابق معها فى الشكل والجوهر، أقامت الدنيا، ولكن الدنيا ستقعد، وستعود إلى سباتها العميق بعد قليل، إن لم يكن ساعات، فبضعة أيام تقل عن أسبوع على أكثر تقدير.

على هامش هذه «الواقعة»، أقول: هذه ليست واقعة، هذه ظاهرة تحولت إلى «العادى المعتاد والمقبول والمنتشر والمبارك والمرحب به». بالطبع لا أتحدث عن الإساءة للنبى، صلى الله عليه وسلم، أتحدث عن حديث متشدد متطرف شعبوى يدغدغ مشاعر بسطاء الفكر والتعليم والاقتصاد الباحثين عن أى معنى وقيمة وتفرد لحياتهم، ولم يجدوا سبيلاً لذلك إلا اعتناق نسخة مشوهة من التدين العنيف. وهى «واقعة» تعكس تمدداً وتوسعاً وتوغلاً وتغولاً لموجة حديثة من «سلفنة» الشارع المصرى، أشرت إليها مراراً هنا، ومتروكة دون ضابط أو مواجه. وأشير هنا إلى أن موجة «السلفنة» هذه باتت تصل وتصيب وتخترق غير البسطاء، لأسباب تحتاج دراسة سوسيولوجية ونفسية عميقة وسريعة، لو كانت هناك رغبة لوقف عملية «الأفغنة».

السببان الرئيسيان الوحيدان اللذان أوصلا «الواقعة» إلى مشارق مصر ومغاربها هما: أن التعدى وُجِّه إلى النبى، صلى الله عليه وسلم، وأنه تم تصويرها وتحميلها على منصات السوشيال ميديا. وأقول إن هذه «الواقعة» نقطة فى بحر مما يحدث على مسمع ومرأى، وربما مباركة كبيرة من نبض الشارع الباحث عما يتعلق به فى خضم مصاعب الحياة.

كتبت كثيراً فى الفترة الماضية عن ظاهرة عودة «الزوايا»، حيث فرشات الصلاة فى باحات مراكز تجارية صغيرة، بدأت بسجادة صلاة، ثم توسعت لتصبح حصيرا متمددا، وصلاة جماعة تتوسط هذه الأماكن، رغم وجود مساجد على مرمى حجر منها. هذه الزوايا، وإن لم تكن قد وصلت إلى مرحلة «دروس الدين» بعد، لكنها فى طريقها إلى ذلك. وكتبت عن ملصقات «تعليم أحكام الفقه والشرع والتلاوة» على جدران غير معروفة المصدر، ولكن تلقى هوى لدى كثيرين بحسن نية.

وأعود إلى الواقعة التى انتشرت لأن المتعدى عليه هو النبى (ص)، ولكن لو بحثنا فيما قاله هذا الصبى وأمراؤه من قبل، سنجد قوائم من المتعدى عليهم، ولكن لم يلفتوا الانتباه كثيراً، لأنهم ربما مجرد نساء، أو منتمون لديانات أخرى.

الوزارة قالت إن الصبى لا ينتمى للأوقاف، وأقول إن الصبى مجرد نقطة فى بحر هائج. وأضيف أن الكتاتيب ستفاقم الأمر، وليس العكس.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

«واقعة» صبي المنبر «واقعة» صبي المنبر



GMT 00:10 2025 الثلاثاء ,09 أيلول / سبتمبر

أزمة النووي الإيراني.. أي مسار سنشهد؟‎

GMT 00:06 2025 الثلاثاء ,09 أيلول / سبتمبر

قمة لا غرب فيها

GMT 00:03 2025 الثلاثاء ,09 أيلول / سبتمبر

وميضٌ عربي في بحر الظلمات

GMT 00:00 2025 الثلاثاء ,09 أيلول / سبتمبر

لبنان وخطر العودة إلى العادات القديمة

GMT 23:56 2025 الثلاثاء ,09 أيلول / سبتمبر

«عيد ميلاد سعيد».. أمل جديد!

GMT 23:53 2025 الثلاثاء ,09 أيلول / سبتمبر

النجم الساطع وشنغهاي!

الكروشيه يسيطر على صيف 2025 ونانسي عجرم والنجمات يتألقن بأناقة عصرية

بيروت ـ المغرب اليوم

GMT 17:42 2020 الجمعة ,01 أيار / مايو

أبرز الأحداث اليوميّة

GMT 16:51 2018 السبت ,30 حزيران / يونيو

فركوسي تمنح المغرب ذهبية في سباق 5000 متر

GMT 08:10 2016 الأحد ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

فيديل كاسترو: مرثية خيبة تنضاف لبقية الخيبات !!
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
RUE MOHAMED SMIHA ETG 6 APPT 602 ANG DE TOURS CASABLANCA MOROCCO
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib