تحالف «الكبار»

تحالف «الكبار»

المغرب اليوم -

تحالف «الكبار»

محمد الأشهب

بعيداً عن الجدل الذي يمكن أن يثيره تصريح رئيس الحكومة المغربية عبد الإله بن كيران حول موعد الاستحقاقات الاشتراعية لنهاية السنة، لجهة فتح الحوار حول قوانينها التنظيمية وإجراءات التقطيع ونمط الاقتراع، لا يبدو أن زعيم «العدالة والتنمية» في وارد أي أرق أو قلق سياسي حيال حظوظه في الاستحقاقات المقبلة. وحتى في الفترات العصيبة التي اجتازتها تجارب حكم الإسلاميين في بلدان عربية، لم يخامره شك في أن النموذج الذي يقدمه حزبه أبعد عن إثارة المخاوف. بدليل أنه صمد من دون غيره من الأحزاب الإسلامية في موقع قيادة التحالف الحكومي.
أحرج اللحظات في الصراع الحزبي مرت من دون أن تترك ندوباً غائرة يتعذر تضميدها. وبعدما شكل انسحاب وزراء الاستقلال من حكومة بن كيران ضربة موجعة هددت مصير ائتلاف الغالبية الحكومية، أثمرت انتخابات البلديات ونظام الجهات قبل نهاية العام الماضي تحولاً جذرياً، عاود بناء شظايا التحالف الحزبية.
ولئن كان صحيحاً أن التزام حزب الاستقلال موقف المساندة النقدية للسلطة التنفيذية لا يعني منحها شيكاً على بياض، فإن فك ارتباط الاستقلال بشركاء سابقين في المعارضة يعتبر أقوى دعم سياسي ناله رئيس الحكومة، فهو لم يسع إليه مهرولاً ولكنها نقائص أخلاقية في الممارسات الحزبية دفعت الاستقلال لأن يعاود حساباته. وهو التنظيم السياسي الذي حاز على المرتبة الثانية في الاشتراعيات السابقة.
لا يقول الاستقلاليون إنهم ماضون إلى أبعد مدى في تحالف مرتقب و»العدالة التنمية». لكنهم لن يصطفوا مرحلياً ضد التيار الذي يمثله. أقله أنهم من حيث المرجعية السياسية والإسلامية كانوا سباقين إلى طرح خيار «التعادلية الاقتصادية والاجتماعية» المنبثقة من المرجعية الإسلامية، عدا أن الحزب ذاته عارض بقوة الاتجاه الذي ساد في مطلع العام ألفين. لناحية تزايد دعوات حل «العدالة والتنمية». ولا يمكن لرئيس الحكومة عبد الإله بن كيران إلا أن يقابل هذه الخطوات بمبادرات لائقة.
في كل الحسابات فإن تموقع الحزبين في أي اتجاه من شأنه أن يعزز حظوظهما، بخاصة وقد برزا كقوة سياسية متقدمة في انتخابات البلديات. ويكفي في حال تعاقبت نتائج مماثلة في اشتراعيات تشرين الأول (أكتوبر) المقبل، أن ينضم إليهما حزب أو اثنان لتصبح الغالبية النيابية من نصيب التحالف الجديد. بخاصة وقد ظهرات مؤشرات على طريق إحياء تحالف «الكتلة الديموقراطية» التي كانت تضم الاستقلال والاتحاد الاشتراكي والتقدم والاشتراكية. ما يعني في أقرب تقدير أن العلاقة مع إسلاميي «العدالة والتنمية» إن كانت أجهزت على ذلك التحالف في وقت سابق، فإنها اليوم في وارد الإفساح في المجال أمام معاودة بنائه.
هل تكون الطريق سالكة لناحية ولادة تحالف سياسي جديد، يلعب فيه «العدالة والتنمية» دور المحرك المحوري، في حال حافظ على وضعه الراهن؟ كل المعطيات تشير إلى أن موجة الاحتجاجات الاجتماعية المتنامية في قطاعات عدة، لم تنل كثيراً من سمعة وحظوظ الحزب الإسلامي الذي يتبنى رهان التغيير في إطار صون الاستقرار. والحال أن الأمر بالنسبة لحزبي الاستقلال والاتحاد الاشتراكي لن يكون أسوأ مما آلت إليه تجربة مواجهة الحزب الإسلامي. أقله أنهما يخوضان الانتخابات المقبلة من منطلق جديد. فالتحالف مع إسلاميي «العدالة والتنمية» أفضل من غيره.
كلما تقاربت روابط الأحزاب الثلاثة ضعفت حظوظ باقي المكونات الحزبية الأخرى في العودة إلى واجهة السلطة التنفيذية. ومنذ تجربة التناوب للعام 1998، لم يستطع أي حزب غير هؤلاء من الاستئثار بنفوذ رئاسة الحكومة وقيادة الغالبية. فقد تعاقب الاتحاديون والاستقلاليون والإسلاميون على قيادة السفينة الحكومية، باستثناء فترة قصيرة انفتح فيها الباب أمام التكنوقراطيين. ولا يبدو أن هذه قابلة للتكرار لأن دستور العام 2011 نص على أن رئاسة الحكومة تسند إلى الحزب الذي يمثل صدارة المشهد السياسي.
في الاشتراعيات السابقة لأوانها، تحالف ثمانية أحزاب يمينية ويسارية بأحجام متفاوتة من أجل انتزاع الغالبية النيابية، من دون جدوى. وليس في الإمكان توقع تكرار التجربة. وإن كان هناك من يدفع في اتجاه جمع شتات الأحزاب الخارجة عن الاصطفاف الجديد. لولا أن الفترة المتبقية عن استحقاقات تشرين المقبل قد تعرف مستجدات أو تراوح مكانها بما يجعل أحد الفريقين ينتصر على الآخر من دون الضربة القاتلة.

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

تحالف «الكبار» تحالف «الكبار»



GMT 07:17 2016 الثلاثاء ,09 آب / أغسطس

بن كيران والاستحقاق الانتخابي

GMT 06:19 2016 الأحد ,10 تموز / يوليو

إرهاب «داعش» والإساءة إلى الإسلام

GMT 07:17 2016 الإثنين ,29 شباط / فبراير

المغرب: لغز بن كيران

نجمات مصريات يجسّدن سحر الجمال الفرعوني في افتتاح المتحف المصري

القاهرة - المغرب اليوم

GMT 10:46 2025 الثلاثاء ,04 تشرين الثاني / نوفمبر

أفضل الوجهات العربية لقضاء خريف معتدل ومليء بالتجارب الساحرة
المغرب اليوم - أفضل الوجهات العربية لقضاء خريف معتدل ومليء بالتجارب الساحرة

GMT 00:22 2025 الأربعاء ,05 تشرين الثاني / نوفمبر

بوتين يؤكد صاروخ بوريفيستنيك يضمن أمن روسيا لعقود
المغرب اليوم - بوتين يؤكد صاروخ بوريفيستنيك يضمن أمن روسيا لعقود

GMT 18:26 2025 الثلاثاء ,04 تشرين الثاني / نوفمبر

بوريس جونسون يهاجم بي بي سي ويتهمها بالتزوير
المغرب اليوم - بوريس جونسون يهاجم بي بي سي ويتهمها بالتزوير

GMT 21:54 2025 الثلاثاء ,04 تشرين الثاني / نوفمبر

تفاصيل خطة تشكيل القوة الدولية لحفظ الأمن في غزة
المغرب اليوم - تفاصيل خطة تشكيل القوة الدولية لحفظ الأمن في غزة

GMT 13:31 2025 الثلاثاء ,04 تشرين الثاني / نوفمبر

طرق ذكية لتعليق اللوحات دون إتلاف الحائط
المغرب اليوم - طرق ذكية لتعليق اللوحات دون إتلاف الحائط

GMT 20:20 2019 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

4 أصوات تشير إلى أعطال في محركات السيارات

GMT 06:27 2018 الثلاثاء ,05 حزيران / يونيو

دراسة تؤكّد تأثير حجم المخ على التحكّم في النفس

GMT 21:07 2018 الأربعاء ,04 إبريل / نيسان

"سباق الدراجات" يدعم ترشح المغرب للمونديال

GMT 01:40 2018 السبت ,10 آذار/ مارس

رجل يشكو زوجته لسوء سلوكها في طنجة

GMT 05:32 2017 الأربعاء ,03 أيار / مايو

محمود عباس فى البيت الأبيض.. من دون فلسطين!
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
RUE MOHAMED SMIHA ETG 6 APPT 602 ANG DE TOURS CASABLANCA MOROCCO
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib