أزمة صامتة بين المغرب وموريتانيا

أزمة صامتة بين المغرب وموريتانيا

المغرب اليوم -

أزمة صامتة بين المغرب وموريتانيا

بقلم : محمد الأشهب

لا نواكشوط ولا الرباط جاهرتا بالتداعيات السلبية لنزاع الصحراء على علاقاتهما التي تجتاز فترة أقل من عادية، أقرب في نسقها إلى أزمة صامتة. إلا أن ذلك لا يحجب حقيقة أن أي توتر لا يميل لفائدة ما تتوق إليه منطقة الشمال الأفريقي. ما يؤكد صعوبة السير من دون نزع الحصى من الأحذية.
حدث مثل هذا في تعاطي الأسرة الأفريقية مع النزاع الصحراوي، واستقرت شظاياه في المنطقة المغاربية، إلى درجة لم يعد ممكناً معها إحياء سنوات الوفاق التي جعلت بلدان هذه المنظومة تقدم نموذجاً في التضامن والانصهار، كما كان عليه في التصدي للحقبة الاستعمارية. حتى أن هذه البلدان طبّعت علاقاتها مع المستعمر السابق وعجزت عن بناء مقدار أقل من الثقة مع بعضها.
منذ اختراع مقولة الأطراف المعنية أو المهتمة بقضية الصحراء، سارت الأمور في اتجاه نقيض لما يمليه منطق التفاهمات الجماعية، مرة ينظر إلى الانسجام المغربي - الموريتاني أنه على حساب الجزائر، ومرة يصنف التفاهم الموريتاني - الجزائري أنه يحد من هامش حركة المغرب. والحل أنه في استثناءات نادرة تمكنت الأطراف الثلاثة من الحديث بصوت واحد. وكان يعوّل على الاتحاد المغاربي أن يكون إطاراً أشمل لوئام إقليمي بين الشركاء الثلاثة إضافة إلى تونس وليبيا، لولا أنه تعرض لانتكاس، نتيجة الأثر السلبي لاستمرار خلافات الصحراء وأضيفت إلى ركامها ثقوب مزقت الثوب المغاربي.
كأن نزاع الصحراء وجد ليبقى من دون تسوية، تبدو التطورات تمضي على نحو مقلق. لا الأفارقة الذين كانوا أول من لامس جمرات الصحراء، أفلحوا في إطفائها بحكمة الماء والأعصاب الباردة، ولا الأمم المتحدة التي استلمت النزاع بشحنات إقليمية لم تفتر، استطاعت أن تخترق الرمال التي تطايرت حباتها في كل اتجاه، ولا أواصر القيم المشتركة في تاريخ المنطقة ولغتها وهويتها ومصائرها طوقت التوتر الذي لا يخمد إلا ليعاود الاشتعال من جديد.
ظهور خلافات حيال بعض القضايا لا يغلق الباب أمام الفرص المتاحة لتطويقها والتغلب على مضاعفاتها. ولئن كانت الرباط تتفهم إشكالات التركة الثقيلة لمرحلة الجفاء التي سادت ارتباطات البلدين، فإن ذلك لا يعني الإذعان إلى الأمر الواقع المتمثل في أن نواكشوط اعترفت في وقت سابق بـ «جمهورية بوليساريو» من دون الذهاب أبعد. فقد انتظر المغرب أن تأتي المبادرة من نواكشوط، على غرار دول أفريقية علقت اعترافها بـ «الجمهورية الصحراوية».
تعود الحساسيات الموريتانية إلى الماضي. وعلى رغم أن جبهة «بوليساريو» تأسست في «الزويرات» الموريتانية وضمت بين قيادييها أشخاصاً ذوي أصول موريتانية، فإن العلاقات بين نواكشوط والرباط تخلصت من إرث سوء التفاهم إلى حد ما. وبقيت أنواع من الارتباطات القبلية في مجتمعات صحراوية تفرض نفوذها على السياسة.
إن دول الشمال الأفريقي كافة لها صحاراها وقبائلها وخصوصياتها، إلا أنه لا يمكن الاستثناء أن يصبح قاعدة، وإلا فإن كل تلك الصحارى تعتبر كيانات قابلة للانفصال عن الدول المركزية. وليس من قبيل المصادفة أن مشروع إقامة كيان صحراوي، يضم الامتدادات الجنوبية لكل من المغرب والجزائر وموريتانيا كان في صلب المخططات الاستعمارية التي واجهتها المنطقة. الأدهى من ذلك أن فكرة إقامة كيانات مستقلة لم تعد وقفاً على دول الجنوب، فها هي إسبانيا المستعمر السابق للصحراء تواجه النزعة الانفصالية في كاتالونيا، على غرار ما عانته في الباسك.
بلدان الاتحاد الأوروبي تضع الأيدي على القلوب ترقباً لما سيكون عليه الموقف البريطاني من الاستمرار في الاتحاد من عدمه، بينما المغاربيون يستحلون الأزمات التي تفتت إمكانات وحدتهم، كأن لا شيء يحدث على الإطلاق.

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

أزمة صامتة بين المغرب وموريتانيا أزمة صامتة بين المغرب وموريتانيا



GMT 08:17 2016 الثلاثاء ,30 آب / أغسطس

معنى استعادة سرت من «داعش»

GMT 08:15 2016 الثلاثاء ,30 آب / أغسطس

لغة الإشارات بين المغرب والجزائر

GMT 08:14 2016 الثلاثاء ,30 آب / أغسطس

عن التناوب الحكومي في المغرب

GMT 08:13 2016 الثلاثاء ,30 آب / أغسطس

التحالف الإسلامي ومواجهة «داعش»

GMT 07:17 2016 الثلاثاء ,09 آب / أغسطس

بن كيران والاستحقاق الانتخابي

نجمات مصريات يجسّدن سحر الجمال الفرعوني في افتتاح المتحف المصري

القاهرة - المغرب اليوم

GMT 00:22 2025 الأربعاء ,05 تشرين الثاني / نوفمبر

بوتين يؤكد صاروخ بوريفيستنيك يضمن أمن روسيا لعقود
المغرب اليوم - بوتين يؤكد صاروخ بوريفيستنيك يضمن أمن روسيا لعقود

GMT 18:26 2025 الثلاثاء ,04 تشرين الثاني / نوفمبر

بوريس جونسون يهاجم بي بي سي ويتهمها بالتزوير
المغرب اليوم - بوريس جونسون يهاجم بي بي سي ويتهمها بالتزوير

GMT 21:54 2025 الثلاثاء ,04 تشرين الثاني / نوفمبر

تفاصيل خطة تشكيل القوة الدولية لحفظ الأمن في غزة
المغرب اليوم - تفاصيل خطة تشكيل القوة الدولية لحفظ الأمن في غزة

GMT 13:31 2025 الثلاثاء ,04 تشرين الثاني / نوفمبر

طرق ذكية لتعليق اللوحات دون إتلاف الحائط
المغرب اليوم - طرق ذكية لتعليق اللوحات دون إتلاف الحائط

GMT 20:20 2019 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

4 أصوات تشير إلى أعطال في محركات السيارات

GMT 06:27 2018 الثلاثاء ,05 حزيران / يونيو

دراسة تؤكّد تأثير حجم المخ على التحكّم في النفس

GMT 21:07 2018 الأربعاء ,04 إبريل / نيسان

"سباق الدراجات" يدعم ترشح المغرب للمونديال

GMT 01:40 2018 السبت ,10 آذار/ مارس

رجل يشكو زوجته لسوء سلوكها في طنجة

GMT 05:32 2017 الأربعاء ,03 أيار / مايو

محمود عباس فى البيت الأبيض.. من دون فلسطين!
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
RUE MOHAMED SMIHA ETG 6 APPT 602 ANG DE TOURS CASABLANCA MOROCCO
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib