الصحراء وخطر الجمود

الصحراء وخطر الجمود

المغرب اليوم -

الصحراء وخطر الجمود

محمد الأشهب


في خلفيات ودلالات الربط بين استمرار نزاع الصحراء والمخاطر الأمنية التي تهدد منطقتي الشمال الأفريقي والساحل، ما يرسخ الاعتقاد بأن الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون يتجه إلى ملامسة جدوى الحل السياسي للنزاع الإقليمي الذي طال أمده، على قياس متطلبات تثبيت الأمن والاستقرار. وبعد جهود مضنية بذلت لإنهاء التوتر، عبر طرح مقاربات متعددة المشارب والرؤى، حان وقت النظرة الشمولية للأوضاع في المنطقة.
السؤال الأقرب لا يتوقف عند أي الصيغ القابلة للتنفيذ لاحتواء توتر دخل عقده الرابع، من دون أن يلوح في الأفق ما يرجح الاعتقاد بأن أطراف النزاع في طريقها إلى تفاهم تاريخي. ولكنه بات يطاول قدرات المنطقة برمتها على الصمود في وجه المخاطر الأمنية والإرهابية المحدقة بها. من منطلق حدده بان كي مون بالقول أن التسوية في الصحراء «ستؤدي إلى تقليص هذه المخاطر». لكنها ليست المرة الأولى التي تنحو فيها الأمم المتحدة في هذا الاتجاه، فقد عرض بان كي مون، كما الموفد الدولي كريستوفر روس إلى مزايا التنسيق الإقليمي في مواجهة الإرهاب والانفلات الأمني، ودعيا إلى تطبيع إيجابي للعلاقات المغربية – الجزائرية، يبدأ بمعاودة فتح الحدود وتحقيق انفراج كبير.
وعرضت تقارير سابقة للأمين العام إلى معضلات الهجرة غير الشرعية واستشراء الجريمة المنظمة والتهريب، ثم زادت الأمور حدة في ضوء اتساع رقعة الانفلات الأمني وفوضى تجارة الأسلحة التي غذتها أزمة ليبيا ودول الجوار الأفريقي. فيما لفتت عواصم دولية وازنة مثل واشنطن وباريس إلى ضرورة قيام تنسيق إقليمي يتجاوز الحساسيات الراهنة، ويشكل مقدمة لمعاودة بناء الثقة المفقودة.
بيد أن أهمية دعوة بان كي مون أنها تأتي في ظرفية دقيقة، تنذر باتساع المخاطر. ما يعني أن الشمال الأفريقي لم يعد في إمكانه التعايش ونزاع الصحراء. وإن فعل ذلك اضطراراً، جراء إخفاق مساعي التسوية السياسية التي تراوح مكانها، فإن هواجس أمنية أكبر باتت تحتم الانكفاء على حل المشكل، لأنه أصبح جزءاً من تحديات شاملة. وليس صدفة أنه في الوقت الذي فتح فيه مجلس الأمن كتاب الصحراء سارعت الإدارة الأميركية إلى تأكيد التزامها دعم خطة الحكم الذاتي في الإقليم، في وقت ربطت بين مفاصل الأزمات الإقليمية في ليبيا والساحل وضرورة استتباب الأمن والاستقرار، في إطار دمج وصون حقوق سكان الإقليم.
الأهم في الطرح الراهن أنه يستبعد خيار التصعيد والمواجهة، بالنظر إلى التهديدات التي صدرت عن قياديين في جبهة بوليساريو لجهة معاودة حمل السلاح، في حال إخفاق المجتمع الدولي عن فرض التسوية. بل يزيد على ذلك منبهاً إلى أن لا بديل عن الحل السياسي، ومحوره معاودة استئناف المفاوضات العالقة. ولا تعني دعوة الأطراف كافة إلى مضاعفة الجهود للتفاوض على حل سياسي، سوى أن بوابة المفاوضات نصف المواربة تظل المدخل الطبيعي لإحراز التقدم، خصوصاً أن رهان الحل السياسي ينطلق من قاعدة وفاقية للبحث في حل تقبله كل الأطراف.
جديد التطورات في ظل مجلس الأمن أن مفاوضات الصحراء العسيرة، جراء تباين المواقف والمنطلقات، لم تعد تشمل وضع حد نهائي للنزاع، بل تجنيب الشمال الأفريقي والساحل مخاطر حالة الجمود والمآزق، كونها تفتح الباب أمام تغلغل مظاهر الحرمان في صفوف الصحراويين، على حد تعبير بان كي مون، ما ينجم عنه «تمدد الشبكات الإجرامية والمتطرفة في منطقة الساحل».
بهذا المعنى، فإن مفاوضات الصحراء صارت قضية إقليمية ودولية. ما يضع على عاتق المتفاوضين مسؤوليات جسيمة، أكان ذلك من أجل إحراز التقدم الغائب، أو بهدف الحؤول دون وقوع المنطقة في أسر مخاطر كبرى. والظاهر أن الأمين العام أراد من وراء هذا الربط معاودة نزاع الصحراء إلى صدارة الاهتمام، ليس باعتباره خلافاً جيو- سياسياً تعاقبت عليه أحداث وتطورات كيفت جوانبه ومراحله فقط، ولكن لأنه انضاف إلى بؤر التوتر المقلقة.
مسؤولية كهذه تتطلب مفاوضين أكثر إدراكاً للمسؤوليات التاريخية والدولية، ولا أقل من أن تكون البداية من التعاطي، وفق منظور التعاون الكامل مع الأمم المتحدة. لأن نجاحها في نزع فتيل التوتر المستمر سيدفع في اتجاه انتفاء قضايا أكثر خطورة على مستقبل السلم والأمن في العالم.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الصحراء وخطر الجمود الصحراء وخطر الجمود



GMT 15:23 2025 الثلاثاء ,04 تشرين الثاني / نوفمبر

عفواً سيّدي الجلاد

GMT 15:21 2025 الثلاثاء ,04 تشرين الثاني / نوفمبر

الفوسفات والذنيبات والمسؤولية المجتمعية تصل البربيطة

GMT 15:18 2025 الثلاثاء ,04 تشرين الثاني / نوفمبر

أبو دلامة وجي دي فانس

GMT 15:07 2025 الثلاثاء ,04 تشرين الثاني / نوفمبر

العودة إلى إسحق رابين

GMT 14:59 2025 الثلاثاء ,04 تشرين الثاني / نوفمبر

من الساحل إلى الأطلسي: طريق التنمية من أجل الاستقرار

GMT 14:52 2025 الثلاثاء ,04 تشرين الثاني / نوفمبر

فضيحة في تل أبيب!

GMT 14:45 2025 الثلاثاء ,04 تشرين الثاني / نوفمبر

مصر تفرح بافتتاح المتحف الكبير (1)

GMT 14:42 2025 الثلاثاء ,04 تشرين الثاني / نوفمبر

شخص غير مرغوب فيه

نجمات مصريات يجسّدن سحر الجمال الفرعوني في افتتاح المتحف المصري

القاهرة - المغرب اليوم

GMT 10:46 2025 الثلاثاء ,04 تشرين الثاني / نوفمبر

أفضل الوجهات العربية لقضاء خريف معتدل ومليء بالتجارب الساحرة
المغرب اليوم - أفضل الوجهات العربية لقضاء خريف معتدل ومليء بالتجارب الساحرة

GMT 00:22 2025 الأربعاء ,05 تشرين الثاني / نوفمبر

بوتين يؤكد صاروخ بوريفيستنيك يضمن أمن روسيا لعقود
المغرب اليوم - بوتين يؤكد صاروخ بوريفيستنيك يضمن أمن روسيا لعقود

GMT 18:26 2025 الثلاثاء ,04 تشرين الثاني / نوفمبر

بوريس جونسون يهاجم بي بي سي ويتهمها بالتزوير
المغرب اليوم - بوريس جونسون يهاجم بي بي سي ويتهمها بالتزوير

GMT 21:54 2025 الثلاثاء ,04 تشرين الثاني / نوفمبر

تفاصيل خطة تشكيل القوة الدولية لحفظ الأمن في غزة
المغرب اليوم - تفاصيل خطة تشكيل القوة الدولية لحفظ الأمن في غزة

GMT 13:31 2025 الثلاثاء ,04 تشرين الثاني / نوفمبر

طرق ذكية لتعليق اللوحات دون إتلاف الحائط
المغرب اليوم - طرق ذكية لتعليق اللوحات دون إتلاف الحائط

GMT 20:20 2019 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

4 أصوات تشير إلى أعطال في محركات السيارات

GMT 06:27 2018 الثلاثاء ,05 حزيران / يونيو

دراسة تؤكّد تأثير حجم المخ على التحكّم في النفس

GMT 21:07 2018 الأربعاء ,04 إبريل / نيسان

"سباق الدراجات" يدعم ترشح المغرب للمونديال

GMT 01:40 2018 السبت ,10 آذار/ مارس

رجل يشكو زوجته لسوء سلوكها في طنجة

GMT 05:32 2017 الأربعاء ,03 أيار / مايو

محمود عباس فى البيت الأبيض.. من دون فلسطين!
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
RUE MOHAMED SMIHA ETG 6 APPT 602 ANG DE TOURS CASABLANCA MOROCCO
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib