أميركا تمهد لاقامة ناتو خليجي

أميركا تمهد لاقامة ناتو خليجي

المغرب اليوم -

أميركا تمهد لاقامة ناتو خليجي

بقلم : عبد الباري عطوان

يبدو ان هناك مؤشرات تتزايد حدة تفيد بأن منطقة الخليج، بشقيها العربي والايراني، ستكون ميدان الصراع السياسي والعسكري المقبل بعد الانقلاب المفاجيء للاستراتيجية الامريكية في الازمة السورية، والتخلي عن ابرز اهدافها وهي تغيير النظام السوري ورئيسه، والايحاء باستعداد للتعامل معه باعتباره عنصر استقرار، ولاعب رئيسي في مكافحة الارهاب.

المواجهة الجديدة التي تستعد لخوضها الادارة الامريكية ربما لن تكون على الارض السورية، وانما في الساحة الخليجية، وضد ايران على وجه التحديد، ولا نستبعد ان تحاول هذه الادارة دق اسفين الخلاف بين طهران ودمشق في المرحلة المقبلة، كنوع من المقايضة، او المساومة، لتغييرها قواعد اللعبة في سورية، وخلط الاوراق، وتغيير خريطة التحالفات.

ما يدفعنا الى هذا الاحتمال هو التصريحات التي نشرتها السبت صحيفة “الشرق الاوسط” اللندنية للجنرال الامريكي جيمس جونز، القائد الاعلى السابق لقوات حلف شمال الاطلسي (الناتو)، وطالب بإقامة حلف “ناتو” خليجي.

الجنرال جونز قائدا للسلاح البحرية الامريكي، ومستشارا للامن العربي في زمن ادارة الرئيس باراك اوباما، الى جانب رئاسته لقوات حلف الناتو، وهذا يعني انه يعرف طبيعة “الطبخة” الامريكية الجديدة في المنطقة، مع قدوم الرئيس دونالد ترامب.

من اهم ما قاله الجنرال جونز انه وضع هذا الاقتراح كفكرة، لانه كلما اتحدت دول الخليج ضد “الخطر الوجودي الايراني”، واصبحت قوية عسكريا، وحسنت الاتصالات، واقامت شبكة تبادل معلومات امنية، فان الولايات المتحدة سترحب بالعمل مع هذا الكيان، وستنضم اليه.

***
نحن نعيش في الغرب منذ اربعين عاما، ونعرف ان الجنرالات عندما يتقاعدون من مهامهم الرسمية، يستمرون في العمل، ولكن خلف ستار، وبعيدا عن الاضواء، ويتم الاستعانة بهم وخبراتهم، والجنرال جونز ليس استثناء، واختيار صحيفة “الشرق الاوسط” السعودية للادلاء بهذه الافكار، وفي هذا التوقيت، ليس صدفة.

الرئيس ترامب يريد اقامة حلف سني عربي نواته اربع دول، وهي السعودية والامارات ومصر والاردن، ويقوم بالتطبيع والتنسيق مع اسرائيل، وفي اطار استراتيجيته الجديدة لحصار ايران، وربما شن الحرب عليها.

اذا تمعنا في هذا التوجه الامريكي الجديد نجد انه يركز على دولتين خليجيتين، هما المملكة العربية السعودية ودولة الامارات العربية المتحدة، ويستثني، ولو مؤقتا، ثلاث دول اخرى، هي سلطنة عمان والكويت وقطر، ولا توجد اي اشارة للبحرين لانها ستنضم بشكل آلي الى اي ناتو خليجي بحكم علاقاتها “الوثيقة” مع الرياض، ووجود قواعد للاسطول الامريكي فيها.

القاسم المشترك بين الدولتين المؤكد ان تكونا نواة التحالف السني، والناتو الخليجي، وهما الامارات والسعودية، ودورهما الكبير والاساسي والمحوري في “عاصفة الحزم” في اليمن، وهي الحرب الذي يخطط الرئيس ترامب للتدخل عسكريا فيها بصورة اكبر، لمواجهة النفوذ الايراني، حسب تصريحات منسوبة اليه.

الاستثناء “الاولي” للدول الثلاث وهي سلطنة عمان وقطر والكويت، فيعود الى حياد الاولى في حرب اليمن، وضعف دور الثانية، والمساهمة “شبه الرمزية” للثالثة، ومن المفارقة ان الدول الثلاث تقيم علاقات جيدة جدا مع ايران، وزار الرئيس الايراني حسن روحاني قبل شهرين اثنتين منها (الكويت وعمان)، وفاجأ الشيخ صباح الاحمد زملاءه في قمة البحر الميت بالمطالبة بالحوار مع طهران على ارضية الاحترام المتبادل، وعدم التدخل في الشؤون الداخلية.

الخطورة في هذا الطرح الامريكي الجديد الذي نعتقد انه تبلور بشكل اكثر وضوحا اثناء زيارة للامير محمد بن سلمان، ولي ولي العهد السعودي، الاخيرة الى واشنطن، والحفاوة التي استقبل بها من قبل الرئيس ترامب، انه يعني تحويل الارض العربية، والخليجية منها بالذات، كساحة لاي حرب طائفية مستقبلية ضد ايران.

الدول التي ستكون “محور” الناتو الخليجي المقترح في حال تطبيقه عمليا، وهذا هو الارجح، ستتحمل اعباء التأسيس المالية الضخمة، وما يمكن ان يترتب لاحقا من اعمال تسليح بالطائرات والانظمة الدفاعية الحديثة، من بطاريات صواريخ واجهزة رادارات، مما يعني ان الكلفة ستكون باهظة جدا، في وقت تتآكل فيه الارصدة والاحتياطات المالية بسرعة، وترتفع في المقابل اعباء سياسات التقشف على كاهل المواطن الخليجي في معظم هذه الدول.

***
“الناتو الخليجي” قائم فعلا، جزئيا او كليا، ويخوض حربا في اليمن منذ عامين، ولم يحقق معظم اهدافه، فهل سيكون حاله افضل في مواجهة ايران حتى لو اضيفت له دول مثل مصر والاردن، وحتى اسرائيل نفسها، وتزعمته امريكا؟
وحتى لو افترضنا ان التحالف السني انتصر، وهذا افتراض ربما يكون غير واقعي، ولكنه غير مستبعد، فالسؤال هو كيف سيكون ثمن هذا الانتصار؟ وكيف سيكون حال الدول الخليجية والعربية بعد هذا الانتصار؟ وكم من المدنيين، ناهيك عن العسكريين سيقتل؟ ومن اجل اي قضية؟

نطرح هذه الاسئلة، في هذه العجالة، ليس بحثا عن اجابات، وانما للتحذير من خطورة المصيدة الجديدة التي تنصب لدول الخليج، ومعظم العرب، تحت عنوان التصدي للخطر “الوجودي” الايراني.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

أميركا تمهد لاقامة ناتو خليجي أميركا تمهد لاقامة ناتو خليجي



هيفاء وهبي تتألق بإطلالات خارجة عن المألوف وتكسر القواعد بإكسسوارات رأس جريئة

بيروت -المغرب اليوم

GMT 01:02 2025 الإثنين ,15 أيلول / سبتمبر

زامير يقدّر أن السيطرة على غزة ستستغرق ستة أشهر
المغرب اليوم - زامير يقدّر أن السيطرة على غزة ستستغرق ستة أشهر

GMT 18:39 2025 الأحد ,14 أيلول / سبتمبر

تامر حسني يتعرض لكسر في القدم ويخفي آلامه
المغرب اليوم - تامر حسني يتعرض لكسر في القدم ويخفي آلامه

GMT 22:50 2024 الثلاثاء ,15 تشرين الأول / أكتوبر

أبرز حقائب اليد النسائية لخريف 2024

GMT 03:34 2021 الثلاثاء ,12 كانون الثاني / يناير

تعرف على أكبر وأهم المتاحف الإسلامية في العالم

GMT 12:20 2024 الإثنين ,01 كانون الثاني / يناير

رحمة رياض بإطلالات مريحة وعملية عقب الإعلان عن حملها

GMT 15:53 2023 الجمعة ,13 كانون الثاني / يناير

الين يرتفع بدّعم تكهنات تعديل سياسة بنك اليابان

GMT 07:31 2021 السبت ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

شباب الأهلي الإماراتي يخطط لانتداب أشرف بنشرقي

GMT 18:39 2020 الثلاثاء ,08 كانون الأول / ديسمبر

يبشّر هذا اليوم بفترة مليئة بالمستجدات

GMT 23:37 2020 الخميس ,09 إبريل / نيسان

كورونا" يسبب أكبر أزمة اقتصادية منذ سنة 1929

GMT 23:46 2019 الثلاثاء ,03 كانون الأول / ديسمبر

بنك مغربي يصرف شيكا باللغة الأمازيغية

GMT 23:52 2019 الإثنين ,22 تموز / يوليو

الفيضانات تقتل 141 حيوانًا بريًا في الهند

GMT 11:06 2019 الأربعاء ,24 إبريل / نيسان

الكشف عن "ميني كاب"أصغر سيارة إطفاء في العالم
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
RUE MOHAMED SMIHA ETG 6 APPT 602 ANG DE TOURS CASABLANCA MOROCCO
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib