استعادة الخطاب الديني

استعادة الخطاب الديني

المغرب اليوم -

استعادة الخطاب الديني

بقلم : عبد الرحمن الراشد

بسبب الأزمة الدولية التي تواجه الإسلام كدين٬ والمسلمين٬ تقاطر المعنيون به من أنحاء العالم للاجتماع في الأزهر٬ في العاصمة المصرية٬ من الصين إلى أوغندا إلى الأميركتين٬ مفتون٬ ودعاة٬ وأساتذة جامعات٬ وسياسيون. ولا يوجد اختلاف بينهم على أن الغلو والتطرف خطر مستش ٍر ولا بد من مواجهته. في المؤتمر الدولي للمجلس الأعلى للشؤون الإسلامية٬ كانت أفضل ورقة وأكثرها مباشرة كلمة نائب وزير الشؤون الدينية والدعوة والإرشاد بالسعودية٬ الدكتور توفيق السديري. دعاهم إلى استعادة الخطاب الديني من المتشددين وأنصاف المتعلمين٬» الذين أساءوا إلى تعاليم الدين السمحة وُو ِّجهوا نفعياً ومصلحياً»٬ وطالب «بتكاتف للتصدي للفكر المنحرف».

الجهود سياسياً وفكرياً وأمنياً ودينياً لا يوجد خلاف على الإجماع ضد الإرهاب٬ هذه مسألة محسومة٬ وربما لم تعد تتطلب التأكيد والترديد والتذكير٬ لأن المسألة الأهم٬ التي تحتاج إلى اتفاق وبرنامج عمل بلا تطرف يحضنه. من المستحيل أن يولد إرهابي في بيئة

وتركيز٬ هي محاربة الغلو والتطرف الذي تحول إلى ثقافة واسعة. ولا يستطيع أحد أن يزعم أن هناك إرهاباً وسطية معتدلة. وحتى الإرهابيون الذين خرجوا من مجتمعات متحررة٬ أو متسامحة٬ فإنهم دائماً ضحية فكر متطرف يحيط بهم٬ في بيئتهم الافتراضية٬ مثل غرف الدردشة والتواصل الاجتماعي عبر النت. عشرات الآلاف التحقوا بالجماعات الإرهابية٬ جميعهم بلا استثناء خريجو الخطاب المتطرف.

والحقيقة أن الإرهابيين٬ على الرغم من خطرهم على العالم٬ هم أصغر شأناً وأقل تهديداً مما يفعله المتطرفون. أذى التطرف أعظم في حياة المجتمعات الإسلامية وغيرها٬ وما يفعله الغلاة والمتطرفون يتجاوز أفعال تنظيمات مثل «داعش» و«جبهة النصرة»٬ الذين هم قلة في بحر من المتطرفين. والإرهاب هو العتبة الأخيرة في سلم التطرف٬ ولا يمكن إلغاء الإرهاب دون محاربة التطرف٬ هذه حقيقة لا يفترض أن تغيب عن إدراك المهتمين بشأنه.

وعندما نتحدث عن الغلو والتطرف يفترض ألا نخلط بينهما وبين مظاهر التشدد الفردية٬ عند بعض المسلمين. فمن حق المحافظين منهم أن يمارسوا قيمهم وطقوسهم بما يرونه يناسبهم٬ هذا حقهم٬ كما هو موجود في كل الأديان. إنما يصبح تطرفاً عندما يأتي الغلاة ويحاولون فرضه على الجميع. وأخطر التطرف الحركي منه٬ غالبا عمل منظم يقوم على خطف نشاطات كانت في الماضي نشاطات دينية بلا أهداف سياسية٬ مثل جمع الأموال٬ والتعليم٬ والدعوة٬ والإعلام٬ والأعمال الخيرية٬ ووسع دوائره الطلاب والنساء والأجانب. وسافرت نشاطاتهم الحركية المنظمة في أنحاء العالم٬ إلى مناطق فقيرة ودول متقدمة٬ واستغلت الحروب والمجاعات بحيث تشمل أيضاً

والظلم الواقع على المسلمين لنشر دعواتهم بالكراهية٬ وقامت بغرس بذرة التطرف لتبقى هناك لفترة طويلة وتصبح ثقافة محلية. إن استطعتم تخيل هذه الصورة حينها بإمكانكم أن تدركوا كيف انتشر التطرف وظهر الإرهاب٬ وأن مكافحة التطرف أولى وأهم من محاربة الإرهاب.

إلى استعادة الخطاب الديني من المتطرفين عّبر عن جوهر الأزمة٬ ويفترض وما قاله نائب وزير الشؤون الدينية والدعوة والإرشاد بالسعودية في مؤتمر القاهرة داعياً أن يكون طرحه مشروع المؤتمر٬ وبرنامج العمل الذي يحتاج إلى تضافر الجهود من أجل تحقيقه.

المصدر : صحيفة الشرق الأوسط

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

استعادة الخطاب الديني استعادة الخطاب الديني



GMT 09:50 2024 السبت ,28 كانون الأول / ديسمبر

علاقات بشار التي قضت عليه

GMT 06:06 2024 السبت ,19 تشرين الأول / أكتوبر

إسرائيل لا تنوي التوقف

GMT 18:44 2024 الجمعة ,11 تشرين الأول / أكتوبر

تخريب مشروع إنقاذ لبنان

GMT 07:06 2024 الأربعاء ,02 تشرين الأول / أكتوبر

الصراع الإيراني الإسرائيلي المباشر

GMT 16:02 2024 السبت ,28 أيلول / سبتمبر

إيران ماذا ستفعل بـ«حزب الله»؟

أمينة خليل تتألق بفستان زفاف ملكي يعكس أنوثة ناعمة وأناقة خالدة

القاهرة - سعيد الفرماوي

GMT 03:56 2025 الأربعاء ,11 حزيران / يونيو

الجيش السوداني يتهم حفتر بدعم هجمات الدعم السريع
المغرب اليوم - الجيش السوداني يتهم حفتر بدعم هجمات الدعم السريع

GMT 04:04 2025 الأربعاء ,11 حزيران / يونيو

كندة علوش تكشف سبب إخفاء مرضها للمرة الأولى
المغرب اليوم - كندة علوش تكشف سبب إخفاء مرضها للمرة الأولى

GMT 11:11 2025 الثلاثاء ,10 حزيران / يونيو

الشرع يثير التفاعل بحديث رقيق عن زوجته
المغرب اليوم - الشرع يثير التفاعل بحديث رقيق عن زوجته
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib