مصر والخليج وأزمة قنوات الاتصال

مصر والخليج وأزمة قنوات الاتصال

المغرب اليوم -

مصر والخليج وأزمة قنوات الاتصال

بقلم : عماد الدين أديب

ملف العلاقات المصرية - الخليجية هو ملف قديم يقوم أساساً على ركيزة واحدة، وهى طبيعة قناة الاتصال التى تدير وتصون هذا الملف.

ومن التجارب التاريخية نتعلم أن العلاقة تنجح بين مصر والسعودية مثلاً حينما تكون العلاقة مباشرة بين الرئيس المصرى والملك السعودى، وحينما يتفاهم رئيسا جهازَى المخابرات فى البلدين.

فى حرب أكتوبر كانت العلاقة الشخصية المباشرة بين الرئيس أنور السادات والملك فيصل، وبين الشيخ كمال أدهم والفريق أحمد إسماعيل على، ثم اللواء فؤاد نصار رئيس جهاز المخابرات المصرية.

وفى عهد الرئيس حسنى مبارك كانت علاقة الرئيس المصرى بالملك فهد بن عبدالعزيز مباشرة، وشخصية، وصريحة، ودافئة.

لذلك كان من الممكن أن يطلب «أبوعلاء» (مبارك) من أخيه «أبوفيصل» (فهد) 500 مليون دولار لشراء حصة قمح تكفى لنصف عام، فيقوم «أبوفيصل» بتأمين القمح لمدة عام كامل.

«الشخصنة» فى العلاقة الثنائية هى أساس العلاقات بين القاهرة والرياض.

بالطبع هناك المصالح الاستراتيجية، والمصالح المشتركة، وأسس التاريخ وطبيعة الجغرافيا السياسية، والتكامل بين قوة الثروة النفطية السعودية والثروة البشرية المصرية، كل ذلك هام وحيوى وأساسى، لكنه ليس العنصر المرجح فى إنجاح العلاقة.

كان اللواء عمر سليمان، رئيس المخابرات المصرية لسنوات طويلة، عنصراً بالغ الأهمية فى إنجاح العلاقة بين مصر والسعودية وصيانتها من العطب أو الانسداد فى قنوات الاتصال.

أتيح للواء عمر سليمان -رحمه الله- ما لم يُتح لغيره سابقاً وهو أن تمتد قنوات اتصاله الفاعلة فى السعودية رأسياً وأفقياً، بمعنى أنه كان وسيط الرئيس لدى ملك البلاد، وكان -فى ذات الوقت- يتمتع بعلاقات ممتازة مع ولى العهد وولى ولى العهد ورئيس جهاز المخابرات السعودى، لذلك كان يختصر الجميع فى واحد.

عمل عمر سليمان مع رؤساء مخابرات بارزين مثل تركى الفيصل، وبندر بن سلطان، والأمير مقرن بن عبدالعزيز.

كان اللواء عمر يعرف «شفرة» مفاتيح أبواب كبار رجال العائلة المالكة فى السعودية فيدخل قلوبهم وعقولهم، حتى دخل بيوتهم ومكاتبهم.

ومع الإمارات كانت العلاقة الممتازة بين الرئيس أنور السادات والشيخ زايد، ثم بين الرئيس مبارك والشيخ زايد مفتاحاً رئيسياً فى نجاح العلاقات بين القاهرة وأبوظبى.

ورغم فارق السن الكبير بين الرئيس مبارك ورئيس الاستخبارات بدولة الإمارات الشيخ هزاع بن زايد آل نهيان فقد كانت الكيمياء البشرية بينهما قوية للغاية، حتى إن تحديات مباريات لعبة الطاولة كانت تجمع بينهما لساعات طويلة.

وفهم اللواء عمر سليمان أن مثلث الشيخ محمد بن زايد والشيخ هزاع بن زايد والشيخ عبدالله بن زايد هو أمر حيوى وبالغ الأهمية لإنجاح مهمته فى دعم العلاقة المصرية - الإماراتية.

وعند أحداث 30 يونيو 2013 كان الشغل الشاغل للشيخ محمد بن زايد هو إنجاح مسألة الإطاحة بجماعة الإخوان وتثبيت النظام الجديد مهما كلف ذلك من ثمن.

وطار الشيخ عبدالله بن زايد، وزير خارجية الإمارات، إلى أوروبا وأمريكا ليقوم بنفسه ويضع ثقل وثروة بلاده وعلاقاتها الدولية مقابل قيام هذه الدول بدعم نظام الرئيس السيسى فى مصر.

الدرس المستخلص من تاريخ العلاقة بين مصر ودول الخليج العربى هو خمسة مبادئ رئيسية:

1- أنها شخصية تلعب فيها الكيمياء البشرية فى التفاهم الشخصى دوراً استثنائياً.

2- أنها على مستوى الأفراد أكثر منها على مستوى المؤسسات.

3- أنها لا تقوم على «بيزنس» المقايضة المعتاد فى الغرب، بمعنى سوف أعطيك هذا مقابل أن تعطينى ذلك، لكنها قائمة على أننى سوف أقتسم معك ما أملك، سواء كان رغيف خبز أو ثمرة بلح أو بئر نفط، مقابل أن تكون علاقتنا علاقة أخوة كاملة بلا غدر أو خيانة.

4- أن الجانب المصرى يتفهّم أن الدعم الخليجى له هو تحقيق مصالح مشتركة بين الجانبين مع حفاظ كل طرف على سيادته الوطنية.

5- أن جهاز الاستخبارات فى مصر ودول الخليج هو أفضل قنوات اتصال ثبت نجاحها وليس القنوات الدبلوماسية أو القنوات الشعبية.

ذلك كله يدفعنا إلى الوصول إلى الحقيقة المؤلمة وهى أن «قناة الاتصال» بين القاهرة وأشقائها فى الخليج هى عنصر إنجاح أو إفشال هذه العلاقة.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

مصر والخليج وأزمة قنوات الاتصال مصر والخليج وأزمة قنوات الاتصال



GMT 17:31 2024 الثلاثاء ,02 تموز / يوليو

خطر اليمين القادم!

GMT 17:08 2024 الإثنين ,01 تموز / يوليو

علم المناظرات السياسية

GMT 14:25 2024 الجمعة ,21 حزيران / يونيو

خطاب نصر الله

GMT 14:07 2024 الثلاثاء ,18 حزيران / يونيو

فاتورة حرب غزة؟

GMT 15:12 2024 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

غزو برّيّ إسرائيليّ أم طوفان أقصى لبنانيّ؟

أنغام تتألق بفستان أنيق وتلهم عاشقات الأناقة في سهرات الخريف

القاهرة - المغرب اليوم

GMT 16:24 2025 الأربعاء ,12 تشرين الثاني / نوفمبر

أربع دول عربية ضمن 16 بؤرة جوع في العالم
المغرب اليوم - أربع دول عربية ضمن 16 بؤرة جوع في العالم

GMT 19:30 2025 الأربعاء ,12 تشرين الثاني / نوفمبر

الفنانة زينة تعلّق على صعوبات مسلسلها "ورد وشوكولاتة"
المغرب اليوم - الفنانة زينة تعلّق على صعوبات مسلسلها

GMT 04:12 2016 الخميس ,10 تشرين الثاني / نوفمبر

باكستان تُبعد صاحبة صورة ناشيونال جيوغرافيك الشهيرة

GMT 00:44 2017 الأحد ,19 تشرين الثاني / نوفمبر

الممثلة ميريل ستريب تتحدّث عن معاناة المرأة بشكل عام

GMT 03:53 2017 الأحد ,08 كانون الثاني / يناير

"دولتشي أند غابانا" تطرح مجموعتها الجديدة لعام 2017

GMT 16:35 2023 الأربعاء ,08 تشرين الثاني / نوفمبر

زلزال بقوة 5.6 ريختر يضرب شرق روسيا

GMT 10:12 2023 الأربعاء ,10 أيار / مايو

مقتل صحفي فرنسي في قصف روسي في شرق أوكرانيا

GMT 14:51 2022 الجمعة ,07 تشرين الأول / أكتوبر

بيدري نيتو يغيب عن كأس العالم 2022 بسبب الإصابة
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
RUE MOHAMED SMIHA ETG 6 APPT 602 ANG DE TOURS CASABLANCA MOROCCO
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib