سرطان الفوضى يهددنا

سرطان الفوضى يهددنا

المغرب اليوم -

سرطان الفوضى يهددنا

بقلم عماد الدين أديب

أتخيل أن أستاذ أساتذة الجغرافيا السياسية فى مصر الدكتور جمال حمدان -رحمه الله- يتقلب الآن فى قبره حزناً على ما أصبح عليه أبناء النيل العظيم.

فى مؤلفه الرائع «شخصية مصر»، تحدث الدكتور جمال حمدان عن «عبقرية المكان» التى صبغت سلوكيات المجتمع النهرى المتأثر بجانبى وادى النيل، وتأثير المجتمع الهيدروليكى على سماحة وإبداع سكان الأرض المنبسطة.

الآن لو كان الدكتور جمال حمدان بيننا لعاد فى نظرته العميقة، ولأصيب بأكبر خيبة أمل لما أصاب قطاعات كبيرة من المجتمع باليأس والإحباط والتربّص الاجتماعى والكيد السياسى والتناحر الذى ابتلينا به فى السنوات الأخيرة.

واعتقادى أن الدكتور سيد عويس -رحمه الله- كان أيضاً سيعود إلى نظريته الخاصة بـ«مجتمع الرخام»، وتأثير ذلك على «سلوك التصارع» الذى حوّل الشخصية المصرية من شخصية سمحة وطيبة إلى شخصية شرسة وغير قابلة للتكيّف والتشارك فى الحقوق والواجبات.

وما أصاب المجتمع المصرى فى حالة ما بعد الثورات أنه فقد أعظم ما فى الحالة الثورية، وأصبح أسيراً لأسوأ ما فيها، وهو «الرفض الدائم لأى شىء وكل شىء»، مما جعله يعتبر أن «الفوضى المؤقتة» التى تحدث فى الثورات هى المؤقت الأبدى الذى يتعامل به مع كل شىء.

لقد حدث لنا خلل عظيم فى نسيج وسلوكيات المجتمع لم يتم إصلاحه، وظهرت جروح وتقيحات على جسد الوطن ما زالت تنزف حتى هذه اللحظة.

هذه الحالة أصبحت تلتهم كل محاولة جادة للإنجاز، وأصبحنا لا نرى إلا الظلام الذى فى النفق الطويل دون أن ندرك أن هناك ضوءاً فى نهايته.

مصر الآن بحاجة إلى علماء اجتماع سياسى أكثر من ساسة، وبحاجة إلى أطباء نفس أكثر ما هى بحاجة إلى مفكرين.

عقل مصر فى خطر، وضميرها الوطنى فى حالة اضطراب عظيم، إلى الحد أنها اعتادت الهستيريا وفقدت بوصلتها الحساسة فى الحكم على من يحبها ومن يكرهها، ومن يعمل من أجل مصلحتها، ومن يتآمر ضدها فى الداخل أو فى الخارج.

نحن فى غرفة إنعاش منذ سنوات، وما زلنا نعانى من صدمة عصبية تاريخية جعلتنا ضحايا عقدة هائلة تحتاج إلى حلول عاجلة قبل أن ننتحر جماعياً.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

سرطان الفوضى يهددنا سرطان الفوضى يهددنا



GMT 17:31 2024 الثلاثاء ,02 تموز / يوليو

خطر اليمين القادم!

GMT 17:08 2024 الإثنين ,01 تموز / يوليو

علم المناظرات السياسية

GMT 14:25 2024 الجمعة ,21 حزيران / يونيو

خطاب نصر الله

GMT 14:07 2024 الثلاثاء ,18 حزيران / يونيو

فاتورة حرب غزة؟

GMT 15:12 2024 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

غزو برّيّ إسرائيليّ أم طوفان أقصى لبنانيّ؟

أنغام تتألق بفستان أنيق وتلهم عاشقات الأناقة في سهرات الخريف

القاهرة - المغرب اليوم

GMT 01:36 2025 الأربعاء ,12 تشرين الثاني / نوفمبر

تصعيد جديد من رئيس كولومبيا ضد الولايات المتحدة
المغرب اليوم - تصعيد جديد من رئيس كولومبيا ضد الولايات المتحدة

GMT 02:56 2025 الأربعاء ,12 تشرين الثاني / نوفمبر

دفاع عمرو دياب يطعن بالنقض على حكم الشاب المصفوع
المغرب اليوم - دفاع عمرو دياب يطعن بالنقض على حكم الشاب المصفوع

GMT 02:03 2018 الإثنين ,08 كانون الثاني / يناير

منى أحمد تكشف أن لكل برج ما يناسبه من الأحجار الكريمة

GMT 14:24 2016 الإثنين ,06 حزيران / يونيو

"السياسة العقارية في المغرب " ندوة وطنية في طنجة

GMT 07:52 2012 الجمعة ,22 حزيران / يونيو

موسكو تستضیف منتدي اقتصادی إیراني -روسي مشترك

GMT 05:10 2017 الجمعة ,20 تشرين الأول / أكتوبر

هيئة السوق المالية السعودية تقر لائحة الاندماج المحدثة

GMT 07:31 2016 الإثنين ,05 كانون الأول / ديسمبر

طرح علاج جديد للوقاية من سرطان الثدي للنساء فوق الـ50 عامًا

GMT 23:39 2012 الخميس ,22 تشرين الثاني / نوفمبر

مصر: تزويد المدارس بالإنترنت فائق السرعة العام المقبل
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
RUE MOHAMED SMIHA ETG 6 APPT 602 ANG DE TOURS CASABLANCA MOROCCO
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib