ولدى عمرو أديب

ولدى.. عمرو أديب!

المغرب اليوم -

ولدى عمرو أديب

بقلم : عماد الدين أديب

خلع الدكتور عبدالحميد وفا، كبير أساتذة أمراض النساء والولادة، كمامته الطبية، وقال لوالدى ولى: «مبروك عليكم، جالكم ولد».

وبعد دقائق حملت على يدى أخى «عمرو»، ساعتها قال لى والدى، رحمة الله عليه: «ابسط يا سيدى، بقى عندك أخ».

كانت فرحتى غامرة بميلاد أخى، فلقد عشت عشر سنوات الطفل الوحيد والأوحد لأبى وأمى، لذلك كنت دائماً أسأل أمى: «متى يكون لى أخ ألعب معه وأرعاه وأهتم به؟».

وجاء «عمرو»، وبعده بعامين «عادل».. وكانت فرحتى بهما لا توصف.

وبعد نكسة 1967، اضطر والدى إلى العمل فى لبنان، يومها قال لى: «يا عماد، انت دلوقتى راجل البيت، وأمك واخواتك مسئوليتك».

عبارة تضع على كاهل صبى فى الـ13 عاماً مسئولية استثنائية وضخمة.

والحمد لله كنت على مستوى المسئولية.

كنت مسئولاً عن إخوتى فى المدرسة، وكنت أوقع شهاداتهم الدراسية كل فصل دراسى.

ولا أنسى مشهد كل يوم جمعة، حينما كنت أصطحب «عمرو وعادل» إلى سينما مترو، لحضور حفل الكارتون، لمشاهدة توم وجيرى.

أذكر أول عصفور كنارى، وأول سمكة ملونة اشتريتها لـ«عمرو».

وأذكر أول مرة اصطحبته إلى مسرح «الليسيه» لمشاهدة مسرحية «العيال كبرت»، ويومها أقنعته بأنهم يوزعون ساندوتشات «شاورمة» مجانية بين فصول المسرحية!

وشاهدت «عمرو» يكبر أمامى، يعشق القراءة والموسيقى والزمالك والكباب والكبدة. ورأيته يتطور وينضج ويدرس الإعلام. وكما أخذته من يده لمشاهدة «توم وجيرى»، أمسكت بيده لدخول الصحافة والعمل معى.

وأشهد أنه عمل بصبر واجتهاد منقطعى النظير، وكان يذهب إلى مطابع «الأهرام» فى «قليوب» لمتابعة طباعة مجلة «كل الناس» خمسة أيام فى الأسبوع بكفاءة نادرة.

كبر «عمرو» وأصبح صحفياً بارعاً، ثم أصبح نجماً تليفزيونياً هو الأكثر شعبية على الإطلاق وسط أبناء جيله.

كلنا فى مهنة الإعلام نُدمن التنافس، ونكره أن يتفوق علينا غيرنا، إلا فى حالتى مع أخى «عمرو»، إنه الشخص الوحيد الذى أشعر بسعادة أنه أفضل منى.

هذا الشعور لا يأتيك إلا مع أولادك!

إخوتى ليسوا إخوتى، بل إنهم أولادى!

وحينما دخل «عمرو» غرفة الجراحة منذ ساعات بعد جهد انتحارى فى عمله بقناة «أون تى فى» توقفت الحياة أمامى.

قطعة من قلبى، وجزء من روحى، شريط من أهم ذكرياتى تحت مشرط الجراح!

لم يتحمل صدر وقلب «عمرو» هموم البسطاء والفقراء فى السيول، أو فى مستشفى أبوالريش. لم يتحمل قلبه مشهد «منى السيد» وهى تجر كل صباح عربة وزنها أكثر من مائتى كيلوجرام، ولم يتحمل قلبه بكاء أطفال مستشفى أبوالريش. لم يتحمل قلب «عمرو» جنون ارتفاع الأسعار على البسطاء بعد تحرير سعر الصرف!

7 أيام فى الأسبوع لينتحر عمرو أديب ببطء، ليقدم لجمهوره أفضل مادة إعلامية خمسة أيام على الهواء وفى السادس يسافر إلى بيروت، وفى السابع يسجل حلقة فنية ثم يعود إلى القاهرة من المطار إلى الاستوديو!

انه الانتحار البطىء فى الزمن الصعب المجنون الذى لا يرحم، والذى يأخذ ولا يعطى.

عشت حياتى أعرف كم أحب أخى «عمرو»، لكننى لم أدرك مقدار هذه المشاعر، إلا حينما استشعرت خطر فقدانه. فعلاً، صدق المثل القائل: حينما ينجرح إصبع الإنسان يهتف تلقائياً: «أخ خ خ!».

المصدر: جريدة الوطن

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

ولدى عمرو أديب ولدى عمرو أديب



GMT 17:31 2024 الثلاثاء ,02 تموز / يوليو

خطر اليمين القادم!

GMT 17:08 2024 الإثنين ,01 تموز / يوليو

علم المناظرات السياسية

GMT 14:25 2024 الجمعة ,21 حزيران / يونيو

خطاب نصر الله

GMT 14:07 2024 الثلاثاء ,18 حزيران / يونيو

فاتورة حرب غزة؟

GMT 15:12 2024 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

غزو برّيّ إسرائيليّ أم طوفان أقصى لبنانيّ؟

النجمات العرب يتألقن بإطلالات أنيقة توحّدت تحت راية الأسود الكلاسيكي

القاهرة - المغرب اليوم

GMT 10:26 2015 الثلاثاء ,10 تشرين الثاني / نوفمبر

منزل ريفي في بريطانيا من وحي تصميمات روبرت ويلش

GMT 11:35 2017 الخميس ,09 تشرين الثاني / نوفمبر

زيّن حديقة منزلك مع هذه الفكرة الرائعة بأقل تكلفة

GMT 17:00 2023 الإثنين ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

ديوكوفيتش يسعى للفوز بذهبية أولمبياد باريس

GMT 06:20 2023 الأربعاء ,04 كانون الثاني / يناير

230 ألف شخص يشيعون بيليه إلى مثواه الأخير

GMT 15:10 2022 الأربعاء ,23 آذار/ مارس

شركة "توتال" الفرنسية توقف شراء النفط من روسيا

GMT 20:10 2022 الجمعة ,07 كانون الثاني / يناير

مشروع قانون لتنظيم أسعار المحروقات في المملكة المغربية

GMT 14:16 2021 السبت ,31 تموز / يوليو

فساتين سواريه للنحيفات المحجبات

GMT 23:27 2021 الجمعة ,01 كانون الثاني / يناير

تعرف على قائمة الأسعار الجديدة للسجائر في المغرب

GMT 15:22 2020 الجمعة ,01 أيار / مايو

أبرز الأحداث اليوميّة

GMT 20:49 2019 السبت ,28 كانون الأول / ديسمبر

أسعار مازدا mazda 3 في مصر

GMT 21:11 2019 الأربعاء ,25 كانون الأول / ديسمبر

شركة أميركية ترصد صورًا لأهم أحداث الكوكب خلال العقد الماضي
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib