كارثة الناشط الإعلامي

كارثة الناشط الإعلامي!

المغرب اليوم -

كارثة الناشط الإعلامي

عماد الدين أديب

أريد أن أشكو لكم اليوم عن ظاهرة «الناشط الإعلامي» التي ازدحمت بها شاشات التلفزيون العربي. و«الناشط الإعلامي» هو ذلك المحاور أو تلك المحاورة الذي يقرر ألا يكون دوره هو طرح الأسئلة على الضيوف ولكن يقوم بنفسه - مشكورا - بتقديم الإجابات الكاملة والشافية من منظور رؤيته الخاصة أو موقعه السياسي. وحينما يقوم الناشط الإعلامي بمحاورة أي ضيف مهما علا شأنه أو منصبه أو مهما كان متخصصا في مجاله، فإن «الناشط» العالم بكل بواطن الأمور والخبير في كل شيء من «القمامة إلى تخصيب الذرة» يقوم بتوجيه إجابات وآراء الضيف كي تخدم أفكاره وليس طرح رؤية الضيف أو خبرته! وحينما يخالف رأي الضيف رأي الناشط الإعلامي يصبح صاحبنا عدوانيا شرسا يحاول الحط من قدره أو الانتقاص من قيمة أفكاره! لم نرَ إعلاميا أوروبيا أو أميركيا يفعل هذه الجريمة الشنعاء، لأنها بالدرجة الأولى هي محاولة فرض وصاية على عقول المشاهدين، وأيضا فيها عدم احترام للضيف صاحب الرأي والخبرة الموضوعية؟ الضيف هو البطل الحقيقي في أي برنامج للحوار، واسمه «ضيف» لأنه يجب أن يتم الحوار معه بكل التكريم الذي يستحقه أي ضيف في بيتك. وقد يقول لي قائل: إذن هل يتحول الحوار إلى حالة من حالات «العلاقات العامة» التي يتم فيها «تلميع» أو «نفاق الضيف»؟ الإجابة بالطبع لا، لأن الوظيفة الأساسية لمدير الحوار هي توصيل أسئلة الرأي العام بحرفية وعمق ودراسة للضيف بكل موضوعية لا تخلو من المتابعة والمحاصرة الحوارية، ولكن بكل لباقة وآداب الحوار. هناك بعض المحطات التي يكون فيها «الناشط الإعلامي» هو محور الحلقة الأساسي أو الوحيد، مثل بعض برامج قناة «فوكس» أو «سكاي» وذلك لأن طبيعة هذه القنوات ذات توجه يميني معروف، وهي تخدم آراء ومبادئ معروفة سلفا للمشاهدين. في برامج الحوار العامة في القنوات التي ترفع شعار الاستقلال، أو البعد عن الآيديولوجيا، فإن وظيفة مدير الحوار هي الموضوعية والنقاش المحايد. بعض الزملاء والزميلات يرفضون تماما مبدأ «المحايدة» في الإعلام، ويدعون أن هذه فكرة ساذجة. رفض فكرة المحاور المحايد الموضوعي يعد فكرة عاكسة لضعف القدرات الاحترافية والانحطاط الذي وصل إليه فريق من المجتمع الإعلامي العربي. الصوت العالي والصراخ الهستيري والتعدي على كرامات وأقدار الناس ليست بطولة، والإساءة المتعمدة للغير هي عمل يعاقب عليه القانون. الربيع العربي أفرز حالة الناشط الإعلامي الذي يعمل على التهييج أكثر من النقاش.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

كارثة الناشط الإعلامي كارثة الناشط الإعلامي



GMT 23:14 2025 الأربعاء ,04 حزيران / يونيو

ذاكرة الرجل الصامت

GMT 23:12 2025 الأربعاء ,04 حزيران / يونيو

إسرائيل... لماذا تفوَّقت في لبنان وليس في اليمن؟

GMT 23:10 2025 الأربعاء ,04 حزيران / يونيو

مشهد الشرق الجديد... من يرسمه؟

GMT 23:07 2025 الأربعاء ,04 حزيران / يونيو

سبب آخر للاستقالة

GMT 23:05 2025 الأربعاء ,04 حزيران / يونيو

البديل الحوثي للبنان...

GMT 23:04 2025 الأربعاء ,04 حزيران / يونيو

التجويع بهدف التركيع

GMT 23:02 2025 الأربعاء ,04 حزيران / يونيو

إلى متى ستعيش إسرائيل في رعب وتوجُّس؟

GMT 23:00 2025 الأربعاء ,04 حزيران / يونيو

ماذا لو رد «الجميل» السلام؟!

أمينة خليل تتألق بفستان زفاف ملكي يعكس أنوثة ناعمة وأناقة خالدة

القاهرة - سعيد الفرماوي

GMT 16:47 2022 الجمعة ,14 كانون الثاني / يناير

حزب التجمع الوطني للأحرار" يعقد 15 مؤتمرا إقليميا بـ7 جهات

GMT 16:26 2025 الخميس ,24 إبريل / نيسان

بورصة مسقط تتراجع 16.3 نقطة وتغلق عند 4273.44 نقطة
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib