عصور النفاق

عصور النفاق

المغرب اليوم -

عصور النفاق

عماد الدين أديب

من أهم العلوم الشعبية ذات الخصوصية الشديدة في عالمنا العربي «علم النفاق»! إنه علم له مدارسه ومصطلحاته وأساتذته وعلماؤه وأحزابه وصحفه وقنواته التلفزيونية! كيف يمكن لك أن تمتدح من يستحق الذم؟ وكيف يمكن لك أن تضفي من عظيم الصفات على من لا يستحق؟ وكيف تضفي قيم الشجاعة على الجبناء؟ والبطولة على الأنذال؟ والكرم على البخلاء؟ والعلم على الجهلاء؟ والحكمة على الحمقى؟ والذكاء الفذ على الأغبياء؟ والخير على الأشرار؟ أن تصف إنسانا بصفات إيجابية وأنت تعلم أنه عكس ذلك تماما، فإن ذلك هو النفاق الصريح كما جاء ذكره في قواميس الاحتيال النفسي! وصناعة النفاق هي من الصناعات الثقيلة ذات العمالة الكثيفة؛ فهي تحتاج إلى رجال ومستشارين وعلماء ومنظرين وجماهير حاشدة تخرج في الميادين والشوارع كي تمتدح الطاغية المستبد الفاسد! وصناعة النفاق أيضا تحتاج إلى مفردات وشعارات تدغدغ مشاعر ملايين البسطاء والسذج من أصحاب النوايا الحسنة من الضحايا. وهذا النفاق هو الذي حول مصطلح هزيمة 1967 إلى اسم «نكسة» بينما ما حدث كان هزيمة الهزائم! وهذا النفاق هو الذي أطلق على الغزو البربري لجيش صدام حسين لدولة الكويت مصطلح «الدخول» العراقي وليس «الغزو» أو «الاحتلال». وهذا النفاق يسمي المدافعين عن حريتهم في سوريا «المخربين»، وهو أيضا الذي يسمي حرمان المعارضين السياسيين لبعض الأنظمة الحالية بالعزل السياسي لرموز النظام السابق. لقد وصلنا إلى مرحلة أن «تعليمات سعادتكم بتاعة بعد بكرة اتنفذت أول امبارح»، و«شخبطة أولاد سعادتكم تخطيط لمستقبل حياتي». لقد وصلنا إلى مرحلة يقال إن معمر القذافي كاتب روائي، وإن صدام حسين فيلسوف وحكيم، وإن بن علي رائد نهضة، وإن حزب البعث كنز استراتيجي للفكر القومي. لقد وصلنا إلى أن يقول البعض «والله لو طلبت منا يا سيادة الرئيس أن تسير فوق أمواج هذا البحر لسرناه معك»، ووصلنا أيضا إلى أن نهتف: «بالروح بالدم نفديك يا فلان»، وعند انطلاق أول رصاصة على منصة الرئاسة يفر المئات ويهرب الجميع! لم يعد ممكنا أن يشرق علينا فجر عصر جديد ونحن لم نتحرر من أكاذيب وأوهام وثقافة ومفردات عصور النفاق. علينا، قبل أي شيء وكل شيء، أن نسمي الأشياء بمسمياتها! نقلا عن جريدة الشرق الاوسط

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

عصور النفاق عصور النفاق



GMT 20:19 2025 السبت ,13 أيلول / سبتمبر

‎قمة الدوحة.. نريدها إجراءات وليست بيانات

GMT 20:16 2025 السبت ,13 أيلول / سبتمبر

سدودنا فارغة وسرقة المياه مستمرة

GMT 20:12 2025 السبت ,13 أيلول / سبتمبر

تاريخ «لايت»

GMT 20:10 2025 السبت ,13 أيلول / سبتمبر

ما بعدَ هجوم الدوحة

GMT 20:08 2025 السبت ,13 أيلول / سبتمبر

بول بوت... جنون الإبادة الذي لا يغيب

GMT 20:07 2025 السبت ,13 أيلول / سبتمبر

ربع قرن على هجمات 11 سبتمبر

GMT 20:05 2025 السبت ,13 أيلول / سبتمبر

انزلاقات المرحلة

GMT 20:03 2025 السبت ,13 أيلول / سبتمبر

أميركا... معارك الرصاص لا الكلمات

هيفاء وهبي تتألق بإطلالات خارجة عن المألوف وتكسر القواعد بإكسسوارات رأس جريئة

بيروت -المغرب اليوم

GMT 01:02 2025 الإثنين ,15 أيلول / سبتمبر

زامير يقدّر أن السيطرة على غزة ستستغرق ستة أشهر
المغرب اليوم - زامير يقدّر أن السيطرة على غزة ستستغرق ستة أشهر

GMT 18:39 2025 الأحد ,14 أيلول / سبتمبر

تامر حسني يتعرض لكسر في القدم ويخفي آلامه
المغرب اليوم - تامر حسني يتعرض لكسر في القدم ويخفي آلامه

GMT 22:50 2024 الثلاثاء ,15 تشرين الأول / أكتوبر

أبرز حقائب اليد النسائية لخريف 2024

GMT 03:34 2021 الثلاثاء ,12 كانون الثاني / يناير

تعرف على أكبر وأهم المتاحف الإسلامية في العالم

GMT 12:20 2024 الإثنين ,01 كانون الثاني / يناير

رحمة رياض بإطلالات مريحة وعملية عقب الإعلان عن حملها

GMT 15:53 2023 الجمعة ,13 كانون الثاني / يناير

الين يرتفع بدّعم تكهنات تعديل سياسة بنك اليابان

GMT 07:31 2021 السبت ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

شباب الأهلي الإماراتي يخطط لانتداب أشرف بنشرقي

GMT 18:39 2020 الثلاثاء ,08 كانون الأول / ديسمبر

يبشّر هذا اليوم بفترة مليئة بالمستجدات

GMT 23:37 2020 الخميس ,09 إبريل / نيسان

كورونا" يسبب أكبر أزمة اقتصادية منذ سنة 1929
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
RUE MOHAMED SMIHA ETG 6 APPT 602 ANG DE TOURS CASABLANCA MOROCCO
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib