رسالة«ساذجة» إلى طرفي الانقسام

رسالة«ساذجة» إلى طرفي الانقسام

المغرب اليوم -

رسالة«ساذجة» إلى طرفي الانقسام

بقلم : عريب الرنتاوي

إن قُدّر لـ “مسار ترامب” أن ينطلق، فسيتعين على القيادة الفلسطينية دفع أثمانٍ باهظة من حقوق شعبها ومكتسباته على مذبح “الترامبية” المنفلتة من كل عقال ... وإن قُدّر لوثيقة حماس أن تعبد طريق الحركة نحو التفاعل والاندماج مع “المجتمع الدولي”، هدف الوثيقة وجمهورها المستهدف، فسيتعين على قيادة حماس الجديدة، أن تقدم بدورها جملة من التنازلات، من كيس الشعب الفلسطيني وحقوقه الوطنية المشروعة.

وفي حمأة الصراع بين “السلطتين المتنازعتين” في الضفة والقطاع، فقد نرى سباقاً محموماً بينهما لكسب الجدارة والأحقية، واستتباعاً لحجز مكان تحت الشمس ... وكلما اشتدت هذه المنافسة وحمي وطيسها، كلما غربت الشمس عن مساحات أوسع وأكبر من فلسطين، تاريخاً وحاضراً ومستقبلاً، شعباً وقضية وحقوقا.

قد يبدو المشهد سريالياً إلى حد كبير، وقد تبدو المقاربة مُستبطنةً لكثير من المبالغة والتطيّر ... لكن التأمل الدقيق في معطيات اللحظة الفلسطينية الراهنة، يسمح بالاعتقاد بأن شيئاً كهذا قد بدأ يحدث فعلاً، وقد يأخذ منحى أكثر خطورة، إن لم يجر وقف عرض مسرحية الانقسام الفلسطيني العابثة والسمجة ... ولنا في تجارب الانقسامات الأهلية في مناطق عدة، الكثير من العبر والدروس، بالغة الدلالة، حول الكيفية التي أضاع فيها “الإخوة الأعداء” حقوق شعوبهم ومصالحها، على مذبح الانقسامات الداخلية والأجندات المتناحرة.

ثمة مخرج وحيد من السيناريو المرعب الذي نلمح له ونحذر منه، وهو من البساطة (اقرأ السذاجة)، حد الدهشة، ومؤداه أننا نقترح على طرفي الانقسام تقديم التنازلات لبعضهما البعض بدل تقديمها لأطراف خارج حدود الجغرافيا والديموغرافيا الفلسطينيتين ... نقترح عليهما السخاء في تقديم التنازلات لشعبهما الذي أزهقت روحه لفرط الوعود الكاذبة بالتخلي عن كل غالٍ ونفيس في سبيل الوطن والشعب والوحدة والمصالحة ... نقترح عليهما ألا يجعلا من نفسيهما عبئاً ثقيلاً على شعبهما وقضيتهما الوطنية، بدل أن يكونا رصيداً لهما ورافعة كبرى من روافعهما.

التنازلات على مذبح “التكيف” و”التأهيل” للخصوم والأعداء، عادة ما تذهب أدراج الرياح، وغالباً ما تكون مقدمة لاستجرار المزيد منها من دون طائل... اما التنازل للشعب والآخر في الوطن والقضية، فهو استثمار في تدعيم الصمود والثبات، وتفعيل مقاومة الاحتلال والاستيطان والعنصرية، ورصيد لا ينضب للشعب وكفاحه وقضيته الوطنية، واستتباعاً فهو رصيد لكل من يقدمه ويقدم عليه، أقله في نظر شعبه وأصدقائه وحلفائه، وتذكروا أن لا فائدة لفريق في أن يكسب العالم بأسره ويخسر شعبه، ولطالما اندثرت قوى وأحزاب وحركات دعمها العالم بأسره، لأنها أخفقت في أن تحتفظ لنفسها بموطئ قدم في بيئتها الحاضنة.

قد تبدو المقالة برمتها من صنف “الوعظ” و”التبشير”، أو من النوع الذي لا يستحق إعادة النشر أو الترجمة، وهذا صحيح، بيد أنها “فشّة خلق” و”زفرة” لا نريد أن نختنق بها، بعد أن أعيانا التحليل والبحث في الأسباب والنتائج والفرص والتحديات ... ونجدها مناسبة مهمة من حيث التوقيت، للبوح بما يجول في خاطر ملايين الفلسطينيين على ما أظن، وليس كل الظن إثمًا. 

فمن جهة أولى تبدو السلطة والمنظمة وفتح، على موعد مع زيارة ترامب لرام الله، وربما يكشف الرجل هذه المرة عن بعض ملامح تصوره لحل الصراع الفلسطيني – الإسرائيلي، والمؤكد أن لديه قائمة طويلة وعريضة من التنازلات المطلوبة، سبق لموفده جرينبلات أن أوصل بعضها إلى القيادة الفلسطينية، وفيها سلسلة من الشروط الكفيلة بتحويلها إلى “حرس حدود” للمستوطنات والجدار، وليس للخط الأخضر فحسب.

ومن جهة ثانية، يتولى إسماعيل هنية (أبو العبد) مقاليد منصبه على رأس المكتب السياسي لحركة حماس، وتنتظره ملفات عديدة من العيار الثقيل، أحسب أن أهمها على الإطلاق استئناف جهود المصالحة واستعادة الوحدة، والرجل بمقدوره أن يفعل ذلك، وأن يدشن صفحة وطنية جديدة، إن هو شاء وقرر، وليس لديه عذر من أي نوع، أقله لإلقاء الكرة في معلب رام الله، وتقديم كل ما يلزم لإنهاء هذا الوضع الشاذ.

لا نريد أن نسمع عن صولات الفرسان في ميادين المقاومة والديبلوماسية، سئمنا وهرمنا من هذا الهذر الفارغ من كل معنى ... نريد جولة أخيرة تضع النقاط على حروف المصالحة وتؤسس لوحدة الإرادة والأدوات والرؤية والبرنامج، أقله من باب احترام الذكرى الخمسين للهزيمة والسبعين للنكبة والمائة لوعد بلفور، فهل تكفي كل هذا النكبات لتذكير قيادة هذا الشعب، المبتلى بقياداته، بمسؤولياتها وأولوياتها

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

رسالة«ساذجة» إلى طرفي الانقسام رسالة«ساذجة» إلى طرفي الانقسام



GMT 15:22 2025 الجمعة ,02 أيار / مايو

سوريا الجديدة ومسارات التكيّف والتطويع

GMT 10:08 2024 السبت ,28 كانون الأول / ديسمبر

عن تحولات الجولاني وموسم الحجيج إلى دمشق

GMT 07:14 2021 الجمعة ,24 كانون الأول / ديسمبر

"العالم المتحضر" إذ يشتري البضاعة القديمة ذاتها

GMT 06:17 2021 السبت ,18 كانون الأول / ديسمبر

"فتح" و"حماس" ولبنان بينهما

إستوحي إطلالتك الرسمية من أناقة النجمات بأجمل ألوان البدلات الكلاسيكية الراقية

القاهرة - المغرب اليوم

GMT 20:23 2025 الإثنين ,04 آب / أغسطس

عمرو دياب يثير الجدل بما فعله في حفله
المغرب اليوم - عمرو دياب يثير الجدل بما فعله في حفله

GMT 09:34 2025 الأحد ,06 تموز / يوليو

الرجاء يخاطب منخرطيه قبل الجمع العام

GMT 05:15 2018 الأحد ,08 إبريل / نيسان

"قميص الدنيم" لإطلالة أنيقة ومريحة في آن واحد

GMT 07:07 2021 الأربعاء ,13 كانون الثاني / يناير

ناصر بوريطة يناقش قضايا متعددة مع وزيرة خارجية السويد

GMT 15:36 2020 الإثنين ,01 حزيران / يونيو

تنفرج السماء لتظهر الحلول والتسويات

GMT 20:46 2019 الثلاثاء ,14 أيار / مايو

اعتقال رجل يقود سيارته برفقة زوجته "المتوفاة"

GMT 21:49 2019 الثلاثاء ,05 آذار/ مارس

وفاة والد خالد بوطيب مهاجم الزمالك

GMT 09:29 2018 الثلاثاء ,04 كانون الأول / ديسمبر

وجهات مشمسة لقضاء عطلة صيفية في قلب الشتاء

GMT 17:46 2014 السبت ,14 حزيران / يونيو

"سابك" تنتج يوريا تزيد كفاءة محركات الديزل

GMT 11:48 2017 السبت ,18 شباط / فبراير

لن أستحيي أن أضرب مثلا في حبكم .. عجزي ….

GMT 20:50 2017 الأحد ,08 تشرين الأول / أكتوبر

ماركة "LIODADO" التركية تصدر ملابس سبور رائعة

GMT 17:50 2017 الثلاثاء ,14 تشرين الثاني / نوفمبر

الاختلاف والتميز عنوان ديكور منزل الممثل جون هام

GMT 10:39 2016 الخميس ,03 تشرين الثاني / نوفمبر

مهبطا المهرجان في الصحراء والمائي من أغرب مطارات العالم

GMT 19:35 2022 السبت ,24 كانون الأول / ديسمبر

سعر نفط برنت يتخطى 84 دولارا للبرميل
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
RUE MOHAMED SMIHA ETG 6 APPT 602 ANG DE TOURS CASABLANCA MOROCCO
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib