ماذا يعني أن تنتقل المقاومة من المبادأة والاستنزاف إلى الدفاع والردع

ماذا يعني أن تنتقل "المقاومة" من "المبادأة" و"الاستنزاف" إلى "الدفاع" و"الردع"؟

المغرب اليوم -

ماذا يعني أن تنتقل المقاومة من المبادأة والاستنزاف إلى الدفاع والردع

عريب الرنتاوي
عريب الرنتاوي

بقليل من المجازفة، تصح المقارنة بين "المقاومتين" اللبنانية – حزب الله، والفلسطينية – حماس والجهاد...المقاومتان نشأتا في مواجهة احتلال، وكلتاهما بنتا على ما سبقهما من أفعال مقاومة ومقاومين وطنيين وعلمانيين، والمقاومتان تستندان إلى مرجعية "دينية – مذهبية"، وتحملان رسمياً، أسماء "إسلامية"...واحدة نجحت في تحرير معظم أرضها، والثانية استقرت على جزء يسير من وطنها، مُحرر شكلاً، ومُحتل ومُحاصر مضموناً...في التجربتين اللبنانية والفلسطينية استفادت المقاومة من "نقص ما" في الشهية التوسعية الإسرائيلية حيال جنوب لبنان وجنوب فلسطين...إسرائيل احتلت جنوب لبنان لثمانية عشر عاماً، لم تنشئ خلالها مستوطنة واحدة، وإسرائيل لم تزرع سوى عدد قليل من المستوطنات والمستوطنين في القطاع، الذي طالما تمنت لو يبتلعه البحر...وقياساً بالشهية التوسعية – الاستعمارية المفتوحة على التهام القدس والضفة الغربية، تبدو الشهية التوسعية الإسرائيلية حيال جنوب لبنان والقطاع، ضعيفة للغاية.
 
ثمة نقلة متزامنة نسبياً، في وضعيه كلتا المقاومتين...في لبنان وبعد تحرير جنوبه (2000) وبالأخص بعد حرب (2006)، انتقلت المقاومة اللبنانية من الهجوم إلى الدفاع، وتحت شعار "توازع الردع"، تحتفظ المدافع بصمتها المطبق...المقاومة اللبنانية ما زالت تتحدث عن تحرير "مزارع شبعا" وفلسطين والقدس، لكنها تتمسك بقدر أعلى، بالتهدئة والقرار 1701، ولا تخرقهما إلا من باب الرد على خروقات إسرائيلية سافرة (الخروقات الروتينية من طلعات جوية وغيرها غير محسوبة)...مثل هذا الوضع استمر طوال قرابة العقد ونصف العقد، وقد يستمر لسنوات عديدة قادمة، برغم لحظات التوتر الحدودية "المحسوبة" التي تطرأ بين الحين والآخر.
 
في فلسطين، ومنذ "الرصاص المصبوب" (2008-2009)، وبالأخص بعد "عامود السحاب" (2012) و"الجرف الصامد" (2014)، انتقلت المقاومة الفلسطينية ممثلة أساساً بحماس والجهاد، إلى "نظرية الردع"، ويشهد القطاع عموماً حالة من الهدوء، يعكر صفوها لحظات توتر وتصعيد، ناجمة بالأساس عن رغبة حماس في الخروج من قبضة الحصار الجائر، إنقاذا لـ"سلطة الأمر الواقع"، وحرص إسرائيل على تجديد "صورتها الردعية" باستمرار...المقاومة الفلسطينية كما اللبنانية، انتقلت من حالة الهجوم، وما تقتضيه من عمليات تعرض واستنزاف للقوات الإسرائيلية والمستوطنات، إلى حالة سكون دفاعية، مغلّفة بشعار "توازن الردع"، أو "توازن الرعب" كما يحلو للبعض وصفها.
 
مثل هذا الوضعية، كانت تبدو جيدة ومواتية في تجارب أخرى، كالتجربة الفيتنامية على سبيل المثال: فيتنام الشمالية كانت تتوفر على "قوة ردع" ومظلة حماية سوفياتيه-صينية، فيما أعمال المقاومة، تنفذها في الجنوب قوات "الفيتكونغ"، المدعومة بقوات الشمال وقيادته السياسية والعسكرية...هذه الوضعية ليست قائمة في لبنان، ولا في فلسطين اليوم، اللهم إلا إذا كان هناك من يعتقد بأن غزة قادرة على القيام بدور هانوي، ورام الله تلعب دور سايغون، وهذا غير متاح، لا فلسطينياً ولا إسرائيلياً، لا بالمعنى العسكري والسياسي، ولا بالمعنى الجغرافي والاستراتيجي.
 
كيف يمكن للمقاومة أن تنجز المهمة التي نهضت من أجلها: التحرير، وهي التي لا تكف عن أبداء الاستعداد للالتزام بالتهدئة والاتفاقات المبرمة، ويسرها انتقالها إلى خطوط الدفاع بدل الهجوم، وتفاخر بـ"الردع المتبادل"، مع أن هذه النظرية مشكوك في جديتها، بالذات في الحالة الفلسطينية.
 
هل يعني ذلك التخلي عن "المقاومة" و"الردع"، أم أن وضعية كهذه تملي على أصحابها، التفكير بأشكال وأدوات للمقاومة من شأنها الاستمرار في مشاغلة الاحتلال ورفع كلفته؟ كيف ذلك، وبأي أدوات، وفي أي نطاق، أسئلة وتساؤلات تنتصب كجزء لا يتجزأ من بحثنا عن استراتيجية خلاص وطني فلسطينية، لا بد من تطويرها، من أجل مواجهة المرحلة الاستراتيجية الجديدة لكفاح شعب فلسطين من أجل حريته وحقوقه.

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

ماذا يعني أن تنتقل المقاومة من المبادأة والاستنزاف إلى الدفاع والردع ماذا يعني أن تنتقل المقاومة من المبادأة والاستنزاف إلى الدفاع والردع



GMT 10:53 2025 الخميس ,06 تشرين الثاني / نوفمبر

المسلمان

GMT 10:51 2025 الخميس ,06 تشرين الثاني / نوفمبر

‏مفاجأة الحرب... تكنولوجيا أوكرانية مقابل أسلحة أميركية

GMT 10:48 2025 الخميس ,06 تشرين الثاني / نوفمبر

من موجة ترمب إلى موجة ممداني

GMT 10:45 2025 الخميس ,06 تشرين الثاني / نوفمبر

محاذير هدنة قصيرة في السودان

GMT 10:42 2025 الخميس ,06 تشرين الثاني / نوفمبر

المتحف المصري الكبير

نجمات مصريات يجسّدن سحر الجمال الفرعوني في افتتاح المتحف المصري

القاهرة - المغرب اليوم

GMT 22:48 2025 الخميس ,06 تشرين الثاني / نوفمبر

إقبال تاريخي على المتحف الكبير في مصر مع زيارات غير مسبوقة
المغرب اليوم - إقبال تاريخي على المتحف الكبير في مصر مع زيارات غير مسبوقة

GMT 16:02 2025 الخميس ,06 تشرين الثاني / نوفمبر

جائزة سلام الفيفا الأولى تشعل المنافسة بين أبرز الأسماء
المغرب اليوم - جائزة سلام الفيفا الأولى تشعل المنافسة بين أبرز الأسماء

GMT 13:17 2025 الخميس ,06 تشرين الثاني / نوفمبر

الأمم المتحدة تطلق حملة تطعيم واسعة للأطفال في غزة
المغرب اليوم - الأمم المتحدة تطلق حملة تطعيم واسعة للأطفال في غزة

GMT 02:59 2025 الجمعة ,07 تشرين الثاني / نوفمبر

أحلام تشعل مواقع التواصل بنصيحة غير متوقعة للزوجات
المغرب اليوم - أحلام تشعل مواقع التواصل بنصيحة غير متوقعة للزوجات

GMT 16:11 2020 الجمعة ,10 إبريل / نيسان

تثق بنفسك وتشرق بجاذبية شديدة

GMT 12:58 2019 الثلاثاء ,19 تشرين الثاني / نوفمبر

الشمامي يتراجع عن الاستقالة من الجيش الملكي

GMT 15:14 2019 الثلاثاء ,15 تشرين الأول / أكتوبر

تفاصيل مشروع قانون المالية المغربي لسنة 2020

GMT 17:38 2018 الأحد ,04 تشرين الثاني / نوفمبر

حيوان المولوخ الأسترالي يشرب الماء عن طريق الرمال الرطبة

GMT 13:15 2018 الثلاثاء ,02 كانون الثاني / يناير

سعد الصغير يعلن عن قلقه من الغناء وراء الراقصات

GMT 12:18 2012 الأربعاء ,27 حزيران / يونيو

جهود دولية لمكافحة الجرائم الإلكترونية

GMT 13:15 2012 الأحد ,02 كانون الأول / ديسمبر

لكل زمن نسائه

GMT 15:54 2015 الإثنين ,06 تموز / يوليو

متأسلمون يستدرجون يستعملون وبعد ذلك يسحقون

GMT 15:10 2013 الإثنين ,28 كانون الثاني / يناير

ما صدر في قضية بورسعيد قرار والحكم 9 مارس
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
RUE MOHAMED SMIHA ETG 6 APPT 602 ANG DE TOURS CASABLANCA MOROCCO
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib