شهد قطاع غزة، صباح اليوم الأحد، تصعيداً عسكرياً هو الأعنف منذ دخول اتفاق وقف إطلاق النار حيز التنفيذ، حيث أفاد شهود عيان بأن سلاح الجو الإسرائيلي شن أكثر من 20 غارة جوية متتالية وعنيفة على بلدات وقرى شرق مدينة خان يونس، جنوبي القطاع. وقد تسببت الغارات في انفجارات ضخمة وتصاعد كثيف لأعمدة الدخان الأبيض والأسود في سماء المنطقة.
الهجوم الإسرائيلي جاء بعد ساعات من توجيه الجيش الإسرائيلي ما وصفه بـ"تحذير عاجل" لسكان القطاع شرق "الخط الأصفر"، مطالباً إياهم بالإخلاء الفوري نحو الغرب، مؤكداً أن المناطق الموسومة باللون الأحمر تُعد "مناطق قتال خطيرة جداً". وبرر الجيش الإسرائيلي تصعيده بما سماه "الانتهاكات المتكررة لاتفاق الهدنة، والهجوم الإجرامي لعناصر حماس على القوات الإسرائيلية صباح اليوم".
وقال المتحدث باسم الجيش، أفيخاي أدرعي، إن عناصر من حماس أطلقوا النار على آليات إسرائيلية في منطقة رفح، ما اعتبره الجيش "خرقاً فاضحاً للاتفاق"، وأعلن بدء سلسلة غارات جوية وقصف مدفعي استهدف مواقع وأنفاق ومبانٍ عسكرية للحركة، مؤكداً أن "الرد سيكون قوياً ومستمراً".
مصادر طبية في غزة أفادت بأن الغارات أسفرت عن مقتل 11 فلسطينياً وإصابة أكثر من 15 آخرين في مناطق متفرقة من القطاع، في أكبر موجة تصعيد منذ بدء وقف إطلاق النار قبل نحو عشرة أيام.
من جهتها، اتهمت حركة حماس إسرائيل بارتكاب خروقات جسيمة لبنود اتفاق وقف إطلاق النار الذي تم التوصل إليه في شرم الشيخ، مؤكدة أنها التزمت بجميع بنود الاتفاق "بدقة ومسؤولية"، وأن الجيش الإسرائيلي هو من تعمّد خرقه منذ اليوم الأول، من خلال استهداف المدنيين، وقتل 46 شخصاً وإصابة 132، إلى جانب منع إدخال الوقود والمساعدات الإنسانية، وتجاوز الخطوط المتفق عليها للانسحاب.
كما أعلنت الحركة أنها تسلمت 150 جثماناً من الصليب الأحمر تعود لفلسطينيين قضوا خلال المعارك، مشيرة إلى أن بعضها يحمل آثار تعذيب وسحق تحت الجنازير، وطالبت بالسماح بإدخال معدات متخصصة لفحص الحمض النووي وتحديد هويات الضحايا.
وأكدت حماس في بيان أنها لا تتحمل مسؤولية ما جرى شرق رفح، مشددة على أن تلك المنطقة "واقعة تحت السيطرة الإسرائيلية الكاملة"، وأنها "فقدت الاتصال مع المجموعات المتبقية هناك منذ أشهر"، مجددة تمسكها بالاتفاق ورفضها التصعيد.
سياسياً، اتهم عضو المكتب السياسي لحركة حماس، عزت الرشق، رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو بالسعي إلى التنصل من التزاماته، متهماً إياه بالخضوع لضغوط ائتلافه "المتطرف"، وذلك "في محاولة للهروب من مسؤولياته أمام الوسطاء والضامنين"، بحسب وصفه.
من جانبها، أعربت الولايات المتحدة عن قلقها حيال التطورات الميدانية، وأكدت أنها "تتابع الوضع عن كثب"، محذّرة من أن استمرار الهجمات سيعرّض وقف إطلاق النار للخطر. كما دعت واشنطن حماس إلى "الامتناع عن أي تحركات قد تؤدي إلى نسف الاتفاق"، مشيرة إلى أنها ستتخذ إجراءات لحماية المدنيين في غزة، إذا استمر التصعيد.
في الأثناء، أصدر رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو قراراً بالإبقاء على معبر رفح مغلقاً "حتى إشعار آخر"، مشترطاً إعادة فتحه بقيام حماس بتسليم جثث الرهائن المتبقين. وجاء القرار بعد إعلان السفارة الفلسطينية في القاهرة عن نية إعادة فتح المعبر للسماح للفلسطينيين العالقين في مصر بالعودة إلى غزة.
واعتبرت حماس قرار الإغلاق "خرقاً سافراً" للاتفاق، مشيرة إلى أن استمرار منع إدخال المعدات الخاصة بفحص الجثامين، ورفض السماح بدخول فرق الإغاثة والإنقاذ، سيؤخر عمليات البحث وانتشال الضحايا من تحت الأنقاض.
من جهتها، أعلنت كتائب القسام أنها عثرت على جثة أحد الرهائن الذين توفوا خلال احتجازهم في غزة، مؤكدة نيتها تسليم الجثة للصليب الأحمر "في حال سمحت الظروف الميدانية بذلك"، محذرة من أن أي تصعيد إسرائيلي قد يعقّد عملية التسليم ويؤخر تسوية الملف.
إسرائيل بدورها أعلنت تسلم جثتي رهينتين جديدتين مساء السبت، ليرتفع عدد الجثامين التي تسلمتها إلى 13 من أصل 28 بموجب اتفاق التبادل. وقد تم تأكيد هوية أحدهما وهو رونين إنغل، البالغ من العمر 54 عاماً.
وبحسب بنود الاتفاق، فإن إسرائيل تعهدت بإعادة 360 جثماناً لفلسطينيين مقابل جثث الرهائن الإسرائيليين. وقد سلّمت حتى الآن 15 جثة فلسطينية مقابل كل رهينة تسلمتها، فيما قالت حماس إن عملية التعرف على الجثث لا تزال جارية، في ظل الصعوبات اللوجستية والدمار الواسع في مناطق الاستهداف.
وفي سياق متصل، استأنفت جمعية الهلال الأحمر المصري، الأحد، تسيير قوافل المساعدات الإنسانية إلى قطاع غزة عبر البوابة الجانبية لمعبر رفح، متجهة إلى معبري كرم أبو سالم والعوجة، بعد توقف مؤقت خلال عطلة نهاية الأسبوع.
شيماء تليجرام, [10/19/2025 6:39 PM]
وتضمنت القافلة الأخيرة التي حملت اسم "زاد العزة"، أكثر من 8,500 طن من المساعدات، منها 3,500 طن من السلال الغذائية والطحين، و2,300 طن من المستلزمات الطبية، إضافة إلى أكثر من 2,500 طن من الوقود وغاز الطهي.
وقالت مصادر أممية إن عدد الشاحنات التي دخلت غزة منذ توقيع اتفاق وقف إطلاق النار تجاوز 650 شاحنة، ومن المفترض أن يرتفع هذا الرقم تدريجياً وفق الخطة الأميركية، ليصل إلى 600 شاحنة يومياً، تشمل مساعدات إنسانية وتجارية.
وفي سياق متصل، أكدت وزارة الصحة في غزة أنها تسلمت اليوم الدفعة الخامسة من الجثامين التي كانت محتجزة لدى الجانب الإسرائيلي، والتي بلغ عددها 15 جثة، ليصل المجموع الكلي إلى 150 جثة تم تسلمها منذ بدء تنفيذ الاتفاق.
وأشارت الوزارة إلى أن بعض الجثث ظهرت عليها آثار التعذيب، والضرب، وتكبيل الأيدي، وتعصيب العيون، مؤكدة أن الطواقم الطبية تواصل عملية التوثيق والتعرف عليها، تمهيداً لتسليمها إلى ذويهم.
ووفق إحصائية محدثة صادرة عن وزارة الصحة، فقد ارتفعت حصيلة القتلى في غزة منذ 7 أكتوبر 2023 إلى 68,116، فيما بلغ عدد الجرحى 170,200، بعد التحقق من بيانات 120 قتيلاً إضافياً خلال الأسبوع الماضي.
وفي ظل هذا التصعيد الميداني والتوتر الدبلوماسي، تبقى الهدنة في غزة مهددة بالانهيار الكامل، بينما يحاول الوسطاء الدوليون كبح جماح الانفجار المحتمل، في ظل معاناة إنسانية متفاقمة.
قد يهمك أيضــــــــــــــا
أحداث رفح تكشف تنسيقًا أميركيًا إسرائيليًا مسبقًا وسط تصعيد غير مسبوق منذ الهدنة
حماس تتهم السلطة بمحاولة استغلال حرب غزة لتحقيق مكاسب سياسية
أرسل تعليقك
تعليقك كزائر