واشنطن - المغرب اليوم
تشير الإحصاءات والدراسات إلى أن النساء يعانين من مستويات أعلى من الضغط النفسي والإجهاد مقارنة بالرجال، ويعود ذلك لأسباب متعددة، في مقدمتها التفاوت في توزيع المسؤوليات اليومية. فالنساء، وخاصة الأمهات، يتحملن عبء الجمع بين العمل المهني المدفوع الأجر والأعمال المنزلية غير المدفوعة، وهو ما يشكل ضغطاً مضاعفاً عليهن.
وقد أظهرت جائحة فيروس كورونا مدى عمق هذه المشكلة، حيث زادت الأعباء على النساء بعد إغلاق المدارس ودور الرعاية، واضطرارهن إلى تحمل مسؤوليات إضافية في رعاية الأطفال والتعليم المنزلي، إلى جانب أداء أعمالهن عن بُعد، مما أدى إلى تفاقم مستويات التوتر.
في استطلاع أجراه موقع "لينكد إن" شمل حوالي 5,000 موظف في الولايات المتحدة، قالت 74% من النساء إنهن يشعرن بضغوط في العمل، مقارنة بـ61% فقط من الرجال. وأظهر تحليل مشترك بين معهد "غريت بليس تو ويرك" وشركة "مافن" للرعاية الصحية أن الأمهات العاملات أكثر عرضة بنسبة 23% للإرهاق من الآباء العاملين.
وتتفق الأبحاث على أن جذور هذا الضغط النفسي لا تقتصر على عوامل فردية، بل ترتبط ببنية المجتمع والمعايير الجندرية السائدة التي تضع المرأة في موقع تحمل مسؤوليات أكبر وأقل تقديراً. فعلى سبيل المثال، لا تزال النساء يتقاضين أجوراً أقل من الرجال، إذ تكسب المرأة الأمريكية في المتوسط 82 سنتاً مقابل كل دولار يكسبه الرجل. ويرتبط الدخل المنخفض بزيادة مستويات القلق وسوء الحالة النفسية.
دراسة أجراها باحثون من جامعة مونتريال عام 2018، وشملت أكثر من 2,000 موظف خلال أربع سنوات، خلصت إلى أن النساء أكثر عرضة للضغط والإرهاق لأنهن يشغلن مناصب أقل سلطة، ويتعرضن لفرص أقل للترقية، ويقمن بمسؤوليات أسرية أكبر، خاصة في حالات الأسر ذات العائل الواحد. كما أن انخفاض تقدير الذات لدى النساء بسبب هذه الظروف يُفاقم من شعورهن بالاحتراق النفسي.
وتوضح قصة جيا، وهي سيدة أمريكية تعيش في مانهاتن، هذا الواقع بجلاء. فبعد تخرجها من كلية إدارة أعمال مرموقة، كانت تطمح إلى تحقيق النجاح المهني والأمومة معاً. إلا أن بعد ولادتها لطفلها عام 2018، وجدت نفسها تتحمل مسؤولية رعاية الأطفال بالكامل تقريباً بسبب سفر زوجها المستمر. ورغم اجتهادها في العمل، شعرت بأن زملاءها ومديريها - ومعظمهم رجال - باتوا يشككون في التزامها المهني، مما أثر على فرصها في الترقية وزيادة الراتب.
مع تفشي الوباء وإغلاق المدارس، أصبحت جيا تقضي أيامها في سباق مرهق بين العمل ورعاية الطفل، حتى شخصها الطبيب في بداية عام 2021 بأنها تعاني من "الاحتراق النفسي". وهي الآن تحاول الحفاظ على سلامتها النفسية بصعوبة، رغم أنها لم تكن تعاني من مشاكل عقلية من قبل.
تعكس هذه القصة، وغيرها كثيرات، عمق عدم التوازن في المجتمع من حيث توزيع الأدوار والمسؤوليات، ما يجعل النساء عرضة بشكل أكبر للإرهاق والضغط النفسي، ويدعو إلى مراجعة السياسات المؤسسية والمجتمعية بشكل جاد لتحقيق المساواة والدعم الحقيقي للمرأة العاملة.
قد يهمك أيضــــــــــــــــًا :


أرسل تعليقك
تعليقك كزائر