يستقبل الرئيس الأميركي دونالد ترمب الرئيس السوري أحمد الشرع، الاثنين، في البيت الأبيض، في أول زيارة لرئيس من هذا البلد العربي لواشنطن العاصمة، بعد أيام فحسب من جهود ناجحة قادتها الولايات المتحدة عبر تصويت مجلس الأمن الخميس في نيويورك لشطب اسمه من لوائح الإرهاب الخاصة بالأمم المتحدة.
ووفقاً لما أعلنه المبعوث الأميركي الخاص إلى سوريا توم براك، يتوقع أن يوقع الشرع خلال هذه الزيارة التاريخية على اتفاق لانضمام سوريا إلى التحالف الدولي لمحاربة «داعش» الذي تقوده الولايات المتحدة، التي تعتزم أيضاً، وفقاً لتقارير، إنشاء قاعدة عسكرية قرب دمشق.
وقبل انتقاله إلى واشنطن، يزور الرئيس السوري أحمد الشرع البرازيل للمشاركة في مؤتمر المناخ الأممي (كوب 30) الذي ينعقد في مدينة بيليم بولاية بارا البرازيلية.
وصوّت مجلس الأمن الخميس على القرار 2799 بموجب الفصل السابع من ميثاق المنظمة الدولية، الذي أعدته البعثة الأميركية الدائمة لدى الأمم المتحدة، بغالبية 14 من الأصوات الـ15 للدول الأعضاء في المجلس، فيما امتنعت الصين عن التصويت. ويشطب القرار اسمي الرئيس الشرع ووزير الداخلية أنس خطاب من قائمة الجزاءات المفروضة على «داعش» و«القاعدة»، في خطوة تُعدّ «صفحة بيضاء» جديدة للزعيم السوري. وأكد مجلس الأمن في قراره «التزامه القوي بالاحترام الكامل لسيادة سوريا واستقلالها وسلامتها الإقليمية ووحدتها الوطنية، ودعمه المستمر لشعبها»، مشيراً إلى «اعتزامه تعزيز إعادة الإعمار والاستقرار والتنمية الاقتصادية في سوريا على المدى الطويل»، مع التشديد على أن «هذه الجهود ينبغي أن تكون متسقة مع سلامة وفاعلية نظام الجزاءات المفروضة على تنظيمي داعش والقاعدة». كما رحب بالتزامات سوريا لجهة «ضمان وصول المساعدات الإنسانية بشكل كامل وآمن وسريع ومن دون عوائق بما يتفق مع القانون الدولي الإنساني، ومكافحة الإرهاب».
وأشار القرار إلى التوقعات بأن تتخذ سوريا «تدابير حازمة» بغية «التصدي للتهديد الذي يشكله المقاتلون الإرهابيون الأجانب»، بالتزامن مع «حماية حقوق الإنسان لجميع السوريين وسلامتهم وأمنهم بغض النظر عن العرق أو الدين». ويدعو دمشق إلى «مكافحة المخدرات» والتزام «عدم الانتشار والقضاء على أي بقايا أسلحة كيماوية»، بالإضافة إلى «تحقيق الأمن والاستقرار الإقليميين».
امتناع الصين
وبرر المندوب الصيني لدى الأمم المتحدة فو تسونغ الامتناع عن التصويت بأن القرار لم يعالج بالشكل المناسب مخاوفها حيال مكافحة الإرهاب والوضع الأمني في سوريا، في إشارة إلى قلق بكين من «حركة تركستان الشرقية الإسلامية» التي تضم مقاتلين من الأويغور. وقال إن القرار «ينص بوضوح» على «اتخاذ سوريا إجراءات حاسمة لمكافحة الأعمال الإرهابية والتعامل مع تهديد المقاتلين الإرهابيين الأجانب، وبينهم حركة تركستان الشرقية الإسلامية في سوريا».
وذكر المندوب الروسي فاسيلي نيبينزيا أن موسكو دعمت القرار لأنه «يعكس، قبل أي شيء، مصالح وتطلعات الشعب السوري نفسه». وبعد سنوات من انقسام مجلس الأمن، أشاد المندوب السوري إبراهيم علبي بالقرار، واصفاً إياه بأنه «رسالة دعم للسوريين، نساء ورجالاً، في جهودهم لإعادة بناء وطنهم واستعادة حياتهم».
وبذلك، رفع مجلس الأمن العقوبات عن الشرع، بعدما كان ينبغي عليه الحصول على إعفاء خاص من الأمم المتحدة في كل تحرك خارجي، علماً أنها فرضت عليه عام 2013 بصفته زعيماً لتنظيم «هيئة تحرير الشام» («جبهة النصرة» سابقاً) بلقب «أبو محمد الجولاني»، إلى أن قاد مع فصائل أخرى العملية العسكرية التي أطاحت الرئيس السابق بشار الأسد في 8 ديسمبر (كانون الأول) الماضي.
«فصل جديد»
وقام الشرع بأول زيارة له إلى الولايات المتحدة للمشاركة في أعمال الجمعية العامة للأمم المتحدة في نيويورك حيث ألقى كلمة. لكن زيارته لواشنطن العاصمة هي «الأولى بالمطلق في التاريخ منذ ولادة الدولة الحديثة» لرئيس سوري إلى البيت الأبيض.
وعدّ المحلل لدى معهد «نيو لاينز» نيك هيراس أن زيارة الشرع هذه «إعلان فصل جديد في السياسة الأميركية تجاه الشرق الأوسط، بعيداً عن مكافحة الإرهاب، ونحو عقد صفقات براغماتية»، بحسب «وكالة الصحافة الفرنسية».
وسبق لترمب أن التقى الشرع خلال زيارته إلى المملكة العربية السعودية في مايو (أيار) الماضي. وكشف في حينه عن تحول كبير في السياسة الأميركية، قائلاً إنه سيرفع العقوبات الأميركية عن سوريا. ولاحقاً، أشار إلى الشرع، بقوله: «أعتقد أنه يبلي بلاء حسناً للغاية. إنها منطقة صعبة، وهو رجل قوي، لكن الأمور بيننا جيدة للغاية. وقد جرى إحراز تقدم كبير مع سوريا».
ونقلت تقارير عن مسؤولين أميركيين أن الولايات المتحدة «تعتزم إنشاء قاعدة عسكرية في مطار المزة العسكري قرب دمشق، من أجل تنسيق المساعدات الإنسانية ولمراقبة الوضع بين سوريا وإسرائيل». وحالياً توجد معظم القوات الأميركية المنتشرة في سوريا في مناطق تقع تحت سيطرة الإدارة الكردية في شمال شرقي البلاد.
وأكد دبلوماسي سوري أن «انضمام سوريا إلى قوات التحالف (ضد داعش) سيكون على رأس جدول الأعمال». ورأى المحلل السياسي السوري بسام سليمان أن الانضمام إلى التحالف الدولي «ستكون له ارتدادات إيجابية على الصعيد الداخلي، وسيساعد في توحيد الدولة السورية وسيكون خطوة مهمة في إنهاء بعض الملفات العالقة مثل ملف قسد (قوات سوريا الديمقراطية)».
ويتوقع أن يشمل النقاش المفاوضات المباشرة بين دمشق وإسرائيل، علماً أن ترمب حض الشرع في مايو (أيار) على الانضمام إلى الاتفاقات الإبراهيمية لتطبيع العلاقات بين الدول العربية وإسرائيل.
قد يهمك أيضــــــــــــــا
إيران تطلب رفع العقوبات وترامب يبدي انفتاحه على الحوار
إتفاق استثماري ضخم بين الولايات المتحدة وأوزبكستان بقيمة تتجاوز مئة مليار دولار خلال عشر سنوات
أرسل تعليقك
تعليقك كزائر