الرباط _ المغرب اليوم
على غرار المدن، ينتشر فيروس “كورونا” في القرى والمناطق النائية بشكل متزايد؛ لكن عواملَ مختلفة، مثل بُعد المؤسسات الصحية والمشاكل المرتبطة بالتنقل إليها، تجعل وضعية ساكني المناطق النائية في مواجهة الوباء أكثر صعوبة. وعلاوة على بُعد المستشفيات والمراكز الصحية، يساهم الفقر والثقافة السائدة في أوساط سكان المناطق القروية في تأزيم وضعيتهم؛ ذلك أن الإصابة بفيروس كورونا هناك لا يزال يُنظر إليها كالأمراض “الخبيثة” التي يخجل المغاربة من الاعتراف بالإصابة بها؛ مثل السرطان. في دواوير نائية مثل تومليلين وآيت عبد الله نواحي مدينة تارودانت، تتعالى نداءات
فعاليات المجتمع المدني من أجل إيفاد قوافل طبية لتمكين المواطنين القاطنين في المناطق النائية من الاستفادة من اختبار “كورونا”؛ فيما تقول السلطات الصحية إنها تقوم بدورها كما ينبغي. يقول عادل أداسكو، رئيس جمعية إدوسكا للثقافة والتنشيط الفني، إن فيروس “كورونا” ينتشر بشكل كبير في جماعة تومليلين والجماعات الخمس التابعة لقيادة آيت عبد الله بإقليم تارودانت، مسجلا زيادة في عدد الوفيات في صفوف كبار السن غالبيتهم لم يُجروا أية فحوصات؛ على الرغم من أنهم كانوا يحملون أعراض الإصابة بالفيروس. ويضيف المتحدث لجريدة هسبريس الإلكترونية أن شخصا
آخر من سكان المنطقة ذاتها مصابا بفيروس “كورونا” توفي أمس (الجمعة 13 غشت الجاري)، بعد نقله إلى قسم الإنعاش في مستشفى الحسن الثاني بأكادير؛ غير أن تأخره في الوصول إلى المستشفى أدى إلى تدهور وضعيته الصحية ليفارق الحياة. وإذا كان سكان المناطق النائية يعانون من بُعد المراكز الصحية والمستشفيات، فإن الثقافة السائدة لديهم تجعل تعاطيهم مع الإصابة بالفيروس يتسم بكثير من السرية؛ حتى لا تتسرب أخبار الإصابة إلى الجيران. “كثر من الناس هنا لا يُسمون فيروس كورونا باسمه، بل يفضلون تسميته بأسماء أخرى؛ من قبيل “المرض الخايب” (المرض
الخبيث)”، يقول أداسكو في التصريح ذاته، مُشددا على أن الحل الأمثل لتجاوز هذا الإشكال يكمن في إيفاد قوافل طبية إلى الدواوير لتمكين المواطنين من الفحص لاستباق تدهور وضعيتهم الصحية. من جهته، قال الدكتور رشدي قدار، المدير الجهوي لوزارة الصحة في جهة سوس ماسة، إن “إشكال عدم استفادة من سكان المناطق النائية بالجهة سالفة الذكر من اختبارات “كورونا” أو العلاج غير مطروح؛ لأن هناك خارطة صحية تغطي مختلف مناطق البلاد، وليس هذه الجهة فحسب”، على حد تعبيره. وأكد المسؤول ذاته، في تصريح لهسبريس، أن السلطات الصحية تعمل، إلى جانب السلطات
المحلية، على مواكبة المرضى المصابين، لافتا إلى أن وزارة الصحة وفرت التحليلات السريعة في مختلف المراكز الصحية القروية، على الصعيد الوطني، في إطار العمل الاستباقي لاكتشاف الإصابات قبل تطورها. وبخصوص الصعوبات التي يواجهها المواطنون القاطنون في المناطق النائية بسبب البُعد، قال المدير الجهوي لوزارة الصحة بجهة سوس-ماسة إن الجماعات الترابية تتوفر على سيارات إسعاف موضوعة رهن إشارة المواطنين. في المقابل، اعتبر عادل أداسكو أن سيارات الإسعاف التابعة للجماعات ليست حلا بالنسبة إلى المصابين بـ”كورونا” الراغبين في التنقل إلى المستشفيات؛ لأن
الاستفادة منها يتطلب أداء مبلغ ثلاثمائة درهم كمقابل لوقود سيارة الإسعاف، مشيرا إلى أن سكان القرى أغلبهم يعانون من الفقر وليس بوُسعهم توفير هذا المبلغ. ويرى الفاعل الجمعوي نفسه أن تجاوز كل العوائق، التي تحول دون استفادة سكان المناطق النائية من التحليلات الطبية أو العلاج، يقتضي إيفاد وحدات طبية متنقلة، معتبرا أن هذه العملية ليس في صالح المواطنين فقط؛ بل في صالح وزارة الصحة والأمن الصحي بشكل عام، لأنها ستخفف من اكتظاظ المستشفيات والمراكز الصحية.
قد يهمك ايضا
التقشف في قانون المالية لن يسمح بتجاوز أزمة "كوفيد-19"
المغرب يسجل 7380 إصابة و84 وفاة جديدة بـ"كورونا" في 24 ساعة


أرسل تعليقك
تعليقك كزائر