عمامة الفقيه وطربوش العسكري
وصول الرئيس أحمد الشرع إلى الولايات المتحدة ترامب يعلن مقاطعة قمة العشرين في جنوب إفريقيا بسبب ما وصفه بسوء معاملة المزارعين البيض ويؤكد استضافة قمة 2026 في ميامي اليونيفيل تؤكد أن استمرار الغارات الإسرائيلية يعرقل جهود التهدئة جنوب لبنان وتحذر من تداعيات التصعيد العسكري على الأمن الإقليمي عشرات الفلسطينيين يُصابون بالاختناق جراء استخدام قوات الاحتلال الإسرائيلي للغاز السام في قرية سالم شرق نابلس شرطة لندن تحقق مع الأمير أندرو وزوجته السابقة سارة فيرجسون بتهم سوء السلوك المالي وقد يواجهان مغادرة المملكة المتحدة والسجن غارة إسرائيلية على جنوب لبنان توقع قتيلاً وأربعة جرحى مصر تعلن عن كشف غاز جديد في الصحراء الغربية امرأة تتعرض للطعن في هجوم غامض بوسط برمنغهام تعطل طائرة وزير الخارجية الألماني يجبره على تعديل رحلته إلى قمة الاتحاد الأوروبي وأميركا اللاتينية وزارة الصحة اللبنانية تعلن إرتفاع حصيلة الإصابات في استهداف مسيّرة إسرائيلية سيارة بصاروخين بمدينة بنت جبيل في جنوب البلاد إلى 7 أشخاص
أخر الأخبار

عمامة الفقيه وطربوش العسكري

المغرب اليوم -

عمامة الفقيه وطربوش العسكري

توفيق بو عشرين

خسر الفكر الإسلامي في السودان عالما مجددا وفقيها متضلعا، وربحت السياسة زعيما مضطربا وسياسيا مناورا قاد انقلابا عسكريا كان واحدا من ضحاياه… هذه لمحة واحدة من دفتر حسن الترابي المليء بالأفكار والمبادرات والمناورات والأخطاء والمراجعات والصراعات والمصالحات.. دفتر ظل مفتوحا لأكثر من نصف قرن للفتى الأسمر الذي حلق في عوالم الدين والفقه والقانون والسياسة والسجون حتى رحل حديثا عن دنيانا.
سيرة الترابي فصل مهم في تاريخ الحركة الإسلامية المعاصرة التي أطلق حسن البنا في عشرينات القرن الماضي شرارتها الأولى، ومازالت إلى اليوم تبحث عن ذاتها، وتكرر الأخطاء ذاتها التي صاحبت القوميين واليساريين والناصريين والبعثيين والليبراليين. لم يهتد بعد أي تيار من تيارات الفكر والسياسة إلى مخرج من الأزمة التي تضرب العرب، وتعلن تقريبا وفاتهم كأمة ناهضة بين الأمم.
نظر الترابي لإسلام معتدل ولفقه عصري ولأصول دين جديدة، كان ينظر بعينه الأولى في كتب التراث الإسلامي التي تربى عليها في كنف والده، فيما العين الثانية كانت تتطلع إلى منجزات العصر الذي يعيش فيه وقد رآه رأي العين في جامعتي أوكسفورد بلندن والسربون في باريس، لكن الفتى الأسمر لم يرض أن يكون مجرد فقيه أو قاض أو مثقف أو صاحب مذهب أو طريقة صوفية في بلاد تتنفس الإسلام الصوفي على ضفاف النيل، كان الترابي يطمح إلى أن يصير خميني السودان.. زعيما سياسيا ودينيا في العالمين العربي والإسلامي. أسس أول حزب للإخوان المسلمين سنة 1964 (جبهة الميثاق الإسلامي)، ووضعه في مواجهة الحزبين الكبيرين، الأمة والشيوعي. صارع النميري ثم رجع وتصالح معه، وكان خلف التجربة السيئة لتطبيق الشريعة كنائب عام في السودان، ورئيس لجنة مواءمة الدستور مع أحكام الحلال والحرام. من منصب إلى آخر ومن زنزانة إلى أخرى ومن تنظيم إلى تنظيم، تقلب الترابي مع أحوال الطقس السياسي في بلاد مازالت إلى الآن تعاني التفكك والفقر والاستبداد والطرق الكثيرة غير المعبدة، إلى أن طبخ في سرية كاملة انقلابا عسكريا على ديمقراطية الإمام الصادق المهدي المريضة سنة 1986، لكن أحوال السودان ازدادت سوءا مع الجنرال البشير الذي وضع يده في يد رجل الدين الترابي، ثم رجع العسكري وتمرد على معلمه المدني رافضا أن يكون واجهة عسكرية لحكم الفقيه. لم يعمر التعايش بين «الخوذة والعمامة» سوى أقل من 10 سنوات، ثم تحول الزواج بين الفقيه والجنرال إلى طلاق بائن، بعدها تحول الترابي إلى معارض شرس للنظام الذي أقامه داعيا السودانيين إلى إسقاطه، فيما تحول البشير إلى مطارد من المحكمة الجنائية الدولية باعتباره مسؤولا عن جرائم ضد الإنسانية… دعا الترابي إلى تطبيق الشريعة وتوقيع الحدود في فورة شبابه، ورجع إلى القول إن حجاب المرأة عادة وعذاب القبر غير موجود وزواج المسلمة من الكتابي جائز. فتح بلاده لابن لادن الذي كان مجاهدا ومقاولا يبني الطرق، حرفة والده وجده، وسلم كارلوس إلى فرنسا بعدما أعطاه الأمان في الخرطوم.. كان يحرض الشباب على الالتحاق بالجهاد في الجنوب لقتال المسيحيين والوثنيين، ومنع تقسيم البلاد، لكن عندما خرج إلى المعارضة وقع اتفاقية تفاهم مع الحركة الشعبية لتحرير السودان بزعامة جون غرنغ، التي كان يتهمها بالعمالة للإنجليز ولمجمع الكنائس العالمية التي تكيد لأمة محمد (ص).
حتى الربيع العربي، الذي ضرب في جل الدول العربية قبل خمس سنوات، لم يستطع أن يحرك مياه السودان الراكدة.. وصل الوضع إلى مرحلة لم يعد فيها العلاج ولا الإصلاح يشتغلان في جسم مات ولم يدفن بعد. رحل الترابي ولعل أبناءه يستخلصون الدرس والعبرة من حياة زعيمهم الحافلة بالتناقضات، ولعل هناك خلاصات ثلاث؛ أولاها أن الانقلاب على الديمقراطية، مهما كانت هذه الديمقراطية ناقصة أو مريضة، لا يلد إلا كافرا بها. وثانيتها أن الزعيم يجب أن يختار الدعوة أو السياسة.. عمامة الفقيه أو قبعة السياسي، فلا تجتمع الزعامة الروحية والسياسية في قلب رجل واحد في أيامنا هذه، وإذا اجتمعت فإن الفشل يكون حليفها الأكبر. أما ثالث الدروس المستخلصة من سيرة حسن الترابي فهو أن لكل قائد سياسي عمر افتراضي.. عمر لا يمتد به إلى القبر، بل يقف عند حدود معينة لا يتجاوزها الإنسان في حياته لكي لا يصير ثقيلا على قلوب الناس وعبئا على مصائرهم، يقول اليوم كلاما ينكثه غدا، فيترك الناس في حيرة من أمرهم. الترابي عرف كيف يصعد إلى المسرح في بلاده، لكنه لم يعرف كيف ينزل إلى أن تكفل عزرائيل بالمهمة. رحم الله الترابي.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

عمامة الفقيه وطربوش العسكري عمامة الفقيه وطربوش العسكري



GMT 19:38 2025 السبت ,08 تشرين الثاني / نوفمبر

إذ الظلم أفضل

GMT 19:34 2025 السبت ,08 تشرين الثاني / نوفمبر

نواب يتكسبون من “العفو العام”

GMT 19:28 2025 السبت ,08 تشرين الثاني / نوفمبر

وقف الخلقُ ينظرون جميعاً إلى مصر

GMT 19:24 2025 السبت ,08 تشرين الثاني / نوفمبر

كيم كارداشيان و«الغباء» الاصطناعي

GMT 19:22 2025 السبت ,08 تشرين الثاني / نوفمبر

أميركا ــ ممداني... زمن الإشارات الحمراء

GMT 19:16 2025 السبت ,08 تشرين الثاني / نوفمبر

القمة الأميركية ــ الصينية... هدنة أم أكثر؟

GMT 19:14 2025 السبت ,08 تشرين الثاني / نوفمبر

غزة المنطقة المحظورة في التاريخ

GMT 19:12 2025 السبت ,08 تشرين الثاني / نوفمبر

الخيط الرفيع بين الفخر والتفاخر

نجمات مصريات يجسّدن سحر الجمال الفرعوني في افتتاح المتحف المصري

القاهرة - المغرب اليوم

GMT 22:46 2025 السبت ,08 تشرين الثاني / نوفمبر

أفغانستان تؤكد فشل جهود السلام مع باكستان
المغرب اليوم - أفغانستان تؤكد فشل جهود السلام مع باكستان

GMT 19:34 2025 السبت ,08 تشرين الثاني / نوفمبر

نقيب الموسيقيين يطمئن جمهور محمد منير على صحته
المغرب اليوم - نقيب الموسيقيين يطمئن جمهور محمد منير على صحته

GMT 11:32 2012 الجمعة ,22 حزيران / يونيو

مطاعم إندونيسية تستقطب السياح بأكلات سعودية

GMT 15:54 2013 الثلاثاء ,05 آذار/ مارس

أثاث يشبه عش الطائر يكفي 3 أشخاص للنوم

GMT 00:00 2015 الأحد ,14 حزيران / يونيو

طريقة عمل اللبنة
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
RUE MOHAMED SMIHA ETG 6 APPT 602 ANG DE TOURS CASABLANCA MOROCCO
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib