احذروا حقل الألغام

احذروا حقل الألغام

المغرب اليوم -

احذروا حقل الألغام

توفيق بو عشرين


«الحلفاء يمكن أن يكونوا نعمة كما يمكن أن يكونوا نقمة.. الحلفاء الصغار هم الذين جروا القوى الكبرى إلى الحربين العالميتين الأولى والثانية».. هكذا يقول الأستاذ الأمريكي المتخصص في العلاقات الدولية، ريتشارد روكسيكرانس، في كتابه الصادر حديثا بعنوان: «الحرب العظمى الثانية»… ماذا لو أخذنا هذه المقولة أو هذه الحكمة وأسقطناها على العلاقات المغربية الخليجية، وسألنا أنفسنا: ما هي الحدود التي يجب أن نضعها للمملكة المغربية ولجيشها ولسمعتها ولمكانتها في العلاقة بالأصدقاء الخليجيين الموجودين في منطقة مضطربة.. منطقة لا تودع حربا قبل أن تستقبل أخرى.. منطقة لم يهدأ فيها إطلاق النار منذ 50 سنة؟

أعرف أن هناك تاريخا وعلاقات ومصالح وتقاربا وودا وعاطفة ودينا بيننا وبين السعودية والإمارات والكويت والبحرين، وإلى حد ما قطر وعمان، وأعرف أن المغرب يحتاج إلى المساعدات الخليجية، وإلى الاستثمارات القادمة من هناك أمام شح المساعدات والاستثمارات الأوروبية والأمريكية، لكن في الوقت نفسه يجب ألا يخفى عن أنظارنا أن الخليج والشرق العربي أصبحا حقل ألغام كبيرا، وأن القوة الكبرى في العالم، أمريكا، قررت أن تخفض مستوى حضورها وتورطها في صراعات هذه المنطقة التي تراجعت أهميتها مع بروز مصادر أخرى للطاقة (الصخور النفطية)، بالإضافة إلى نزول أسعار برميل النفط…

في العلاقات الدولية المصالح هي التي تحكم، ثم تأتي بقية الاعتبارات الأخرى. في الخليج والعالم العربي هناك أربع حروب مفتوحة اليوم؛ حروب في العراق وسوريا واليمن وليبيا، وكلها مرشحة لأن تتسع ولأن تتعقد ولأن تلد حروبا أخرى صغيرة أو كبيرة، وهناك ثلاث أزمات كبرى مرشحة للتفاقم؛ الأولى في مصر، حيث الاستقرار بعيد عن القاهرة التي تغرق كل يوم في حرب سيناء وفي حروب شوارع ضد شباب الإخوان الذين لم يرفعوا الراية البيضاء أمام انقلاب العسكر، وهناك أزمة في البحرين لم تنطفئ لأن الشيعة، بتحريض من إيران، لم يقبلوا كل العروض التي قدمها لهم الملك حمد بن عيسى للشراكة في جزء من السلطة في المنامة، وهناك الأزمة اللبنانية حيث البلاد بلا حكومة ولا رئيس ولا توافق بين الطوائف.. الجميع ينتظر مآل الأسد ليضبط ساعته على تحولات دمشق. وبالإضافة إلى الحروب والأزمات المذكورة، هناك الحرب الباردة بين السعودية وإيران؛ الأولى تدعي قيادة المحور السني المدافع عن الاستقرار، والثانية تدعي قيادة المحور الشيعي المدافع عن التغيير… 

ولأن جيلا جديدا وصل إلى الحكم في السعودية، وقبله في الإمارات، ولأن إيران لا ترى من مجال حيوي لها للتمدد والتوسع والتدخل إلا العالم العربي، فإن المنطقة مقبلة على حروب جديدة وعلى توترات عالية المخاطر، ولأن دول الخليج لا جيوش لها ولا عقيدة عسكرية عندها، فإنها تحاول أن تستدعي حلفاءها في العالم العربي للمشاركة في الحروب المقبلة. مصر والمغرب وباكستان هي الدول الموجودة في قائمة المدعوين إلى الحروب المقبلة، لأن هذه الدول هي التي تتوفر على جيوش محترفة ولها خبرة قتالية، وإذا طالعتم قائمة الوفد الذي زار السعودية رفقة الملك محمد السادس قبل يومين، فستجدون بوشعيب عروب، المفتش العام للقوات المسلحة الملكية وقائد المنطقة الجنوبية، وهو بالقطع ليس هناك للسياحة، بل للتباحث والتخطيط والتفاوض حول القوة واستعمالاتها وحدودها وخططها…

كاتب هذه السطور لا يدعو إلى سياسة انعزالية تبعد البلاد عن الساحة الإقليمية المتوترة في ظرف حساس، لكنه في الوقت نفسه يرى ويتابع حذر الدول الكبرى من التورط في حروب المنطقة. أمريكا تراقب عن بعد وكذلك أوروبا، وهما قوتان تمتلكان إمكانات رهيبة وجيوشا جرارة وخبرة طويلة في الحرب والسلم. لهذا لا بد أن نفكر هنا في المغرب، ونناقش ونتحاور داخل المؤسسات وخارجها في الإعلام والصحافة.. في الجامعات والمجتمع المدني، حول أية استراتيجية مناسبة للتعامل مع حروب العرب. لقد شاركنا في قصف داعش، وشاركنا في عاصفة الحزم، ولنا جنود في الإمارات، لكن هل لدينا خارطة طريق للدخول والخروج من هذه الأزمات؟

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

احذروا حقل الألغام احذروا حقل الألغام



GMT 18:07 2025 الإثنين ,15 أيلول / سبتمبر

...عندما تبدو النجوم

GMT 18:06 2025 الأحد ,14 أيلول / سبتمبر

السابقة الكبرى

GMT 18:02 2025 الأحد ,14 أيلول / سبتمبر

‎سقوط الأوهام بعد الهجوم على الدوحة

GMT 17:59 2025 الأحد ,14 أيلول / سبتمبر

أعمال الخير ليست في بناء المساجد فقط

GMT 17:57 2025 الإثنين ,15 أيلول / سبتمبر

من سمّ عمانَ إلى صواريخ الدوحة

GMT 17:55 2025 الإثنين ,15 أيلول / سبتمبر

تبعات العدوان الإسرائيلي على قطر

GMT 17:53 2025 الإثنين ,15 أيلول / سبتمبر

أين هي أميركا من التهور الإسرائيلي؟

GMT 17:50 2025 الإثنين ,15 أيلول / سبتمبر

بحيرة طبريا ونهاية الزمان

هيفاء وهبي تتألق بإطلالات خارجة عن المألوف وتكسر القواعد بإكسسوارات رأس جريئة

بيروت -المغرب اليوم

GMT 19:35 2018 السبت ,15 كانون الأول / ديسمبر

غوارديولا يوضح صعوبة انتصار مانشستر سيتي على "إيفرتون"

GMT 18:09 2018 الأحد ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

طائرة الأهلي طرابلس تخطف الانتصار من بنغازي

GMT 16:48 2018 الخميس ,22 تشرين الثاني / نوفمبر

تفاصيل صادمة عن قضية أب مارس الجنس مع ابنته

GMT 08:41 2019 الأربعاء ,23 كانون الثاني / يناير

تفاصيل جديدة وصادمة في حادث قتل الطفلة "إخلاص" في ميضار

GMT 10:30 2019 الجمعة ,18 كانون الثاني / يناير

المغرب يطلب استضافة كأس العالم للأندية

GMT 02:26 2019 الإثنين ,14 كانون الثاني / يناير

كورتيز تنتقد غياب أصحاب البشرة السمراء في "سي بي أس"

GMT 22:40 2018 الأربعاء ,04 تموز / يوليو

السرعة المفرطة تؤدي إلى انقلاب شاحنة في وجدة
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
RUE MOHAMED SMIHA ETG 6 APPT 602 ANG DE TOURS CASABLANCA MOROCCO
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib