الرياض والرباط هواجس السياسة والدين والنفط

الرياض والرباط.. هواجس السياسة والدين والنفط

المغرب اليوم -

الرياض والرباط هواجس السياسة والدين والنفط

توفيق بوعشرين

مضى الزمن الذي كانت الأسرار توضع في بئر لا يصل إليها أحد. تكنولوجيا المعلومات وثقافة الحق في الوصول إلى الأخبار أصبحت تمزق حجب الأسرار، وتخترق الغرف المغلقة للدول والأجهزة السرية، وتفضح المستور، وتضع السياسيين وأصحاب القرار أمام الرأي العام. ما نشهده منذ خمس سنوات ما هو إلا بداية، والباقي سيأتي، وسيغير خرائط كثيرة وثقافات وعقليات وأنظمة سياسية كثيرة.

لليوم الرابع على التوالي، يواصل موقع ويكيليكس نشر أسرار الدبلوماسية السعودية وعلاقاتها المعقدة بجل الدول العربية الصديقة والعدوة، القريبة والبعيدة، وفي هذه الوثائق نقرأ الوجه الآخر للصديق السعودي في المغرب.. نقرأ همومه ومشاغله ومخاوفه وشبكة علاقاته مع الجمعيات والأفراد والأجهزة.

أول ملاحظة نخرج بها من مئات الوثائق التي نشرت في ويكيليكس أن جل مراسلات السفارة السعودية إلى الخارجية وإلى مصالح وزارة الداخلية في الرياض يتعلق بطلب الأذن لتوثيق زواج السعوديين بالمغربيات. الشغل الرئيس لسفارة خادم الحرمين في الرباط هو توثيق عقود النكاح، والتحري عن هؤلاء السعوديين الذين اختاروا المغربيات زوجات لهم، أو بالأحرى ضرات لزوجات سابقات. هذا الإقبال السعودي على المرأة المغربية، وقبلها السورية واللبنانية والمصرية، جله ليس زواجا بالمعنى التقليدي للكلمة، بل هو نوع من زواج المتعة على طريقة أهل الخليج الذين يغيرون زوجاتهم مثل ما يغيرون جوارب أحذيتهم. زيجات جلها لا يعمر طويلا، وهدفها المتعة، وقلما توجد نية الاستقرار والحب والسكينة وراء هذه المشاريع غير العاطفية، لهذا يترك السعوديون وراءهم مشاكل كبيرة لنساء وأطفال يجري التخلي عنهم بعد نهاية غير سعيدة لجل هذه الزيجات…

ثانيا: يلاحظ قراء الوثائق السياسية التي تسربت من الدبلوماسية السعودية أن أشقاءنا في الرياض لم يكونوا مرتاحين تماماً للإصلاحات الدستورية والسياسية التي عرفها المغرب منذ 2011، وإذا كانت هذه المعلومة معروفة وحقائقها مكشوفة من خلال تحليل السياسات السعودية ودعمها للثورات المضادة في مصر واليمن وغيرها، فإن ما تسرب من تحليلات عن سفارة السعودية بالرباط يدل، بما لا يدع مجالا للشك، أن الرياض لا ترحب بأي تحول ديمقراطي في أي بلد عربي، وأنها تعتبر نفسها من الدول الراعية للسلطوية في العالم العربي، وأنها لا تتردد في نصح القادة العرب بكل الطرق من أجل الابتعاد عن طريق التحول نحو الديمقراطية، حتى لا تصبح هناك سوابق في هذه الأمة لدول تشهد انتخابات شفافة وحكما رشيدا ومؤسسات للمحاسبة، وملكيات وجمهوريات عصرية منسجمة مع شعوبها وتطلعاتها الحية. إنه نوع من النادي المغلق للأنظمة السلطوية تعتبر السعودية، ومعها الإمارات العربية، أنهما مسؤولتان عن حراسته بالمال أولا، والإعلام ثانيا، والسلاح إن اقتضت الضرورة ذلك.. لهذا نقرأ في وثائق ويكيليكس تحليلا متشائما لتشكيل حكومة بنكيران، حيث يقول السفير إن شيئا لم يتغير في مملكة محمد السادس، وإن الوزارات المهمة مازالت في يد الوزراء القريبين من السلطة، وإن امحند العنصر واجهة لوزارة الداخلية فيما الوزير الحقيقي هو الشرقي الضريس، وإن العثماني لا يسير وزارة الخارجية بل أجهزة المخابرات، وإن وزير الخارجية الحقيقي هو الطيب الفاسي الفهري الذي عين مستشارا للملك قبل وقت قصير من تعيين حكومة بنكيران… وهكذا تمضي رسائل الدبلوماسية السعودية تطمئن القصر الملكي في الرياض إلى أن لا شيء تغير في الرباط، وأن الأمور على حالها في المملكة المغربية… لكن هذه التطمينات لم تكن كافية، فقد نقلنا في «أخبار اليوم» عن مصادر دبلوماسية رفيعة قلق الراحل الملك عبد الله من التعديلات الدستورية التي عرفتها المملكة الشريفة، حتى إنه تحدث مع موظف أممي زاره في قصره بجدة، وقال له: «إن الملك محمد السادس يفتح بتنازلاته عن السلطة أبوابا قد لا نعرف كيف نغلقها»، وهو ما نقلته السفارة السعودية إلى الرياض بالحرف.

السعودية بلد مهم لجل الدول الإسلامية والعربية، أولا، لأنه قبلة مليار ونصف مليار مسلم، وبه الأماكن الأكثر قدسية بالنسبة إلى المسلمين، مكة المكرمة والمدينة المنورة، وفي هذه البقاع ولد الإسلام ونبيه (ص)، ولهذا فإن العرب والمسلمين مرتبطون ثقافيا وتاريخيا بهذه الصحراء التي كانت مهدا للإسلام، وستبقى ملهمة للأجيال، والسعودية، ثانيا، بلد مؤثر في المحيط الإقليمي والدولي إيجاباً وسلبا، فهو أول مصدر للنفط في العالم، وبه أكبر احتياطي عالمي من الذهب الأسود، ولهذا فإنه يتمتع بقدرات مالية كبيرة تلعب في زمن الحرب والسلم، والسعودية، ثالثا، ترعى مذهبا فقهيا وسياسيا (حنبلي وهابي) داخل حدودها وخارجها، وهو مذهب قلق متشدد له أوجه عديدة، تارة يصير مذهبا لتبرير حكم السلطان، وتارة يصير ديناميت لتفجير كل شيء، فلا غرابة أن يكون مفتي السعودية، عبد العزيز بن عبد الله آل الشيخ، وأسامة بن لادن، زعيم القاعدة، كلاهما من أتباع مذهب واحد

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الرياض والرباط هواجس السياسة والدين والنفط الرياض والرباط هواجس السياسة والدين والنفط



GMT 18:07 2025 الإثنين ,15 أيلول / سبتمبر

...عندما تبدو النجوم

GMT 18:06 2025 الأحد ,14 أيلول / سبتمبر

السابقة الكبرى

GMT 18:02 2025 الأحد ,14 أيلول / سبتمبر

‎سقوط الأوهام بعد الهجوم على الدوحة

GMT 17:59 2025 الأحد ,14 أيلول / سبتمبر

أعمال الخير ليست في بناء المساجد فقط

GMT 17:57 2025 الإثنين ,15 أيلول / سبتمبر

من سمّ عمانَ إلى صواريخ الدوحة

GMT 17:55 2025 الإثنين ,15 أيلول / سبتمبر

تبعات العدوان الإسرائيلي على قطر

GMT 17:53 2025 الإثنين ,15 أيلول / سبتمبر

أين هي أميركا من التهور الإسرائيلي؟

GMT 17:50 2025 الإثنين ,15 أيلول / سبتمبر

بحيرة طبريا ونهاية الزمان

هيفاء وهبي تتألق بإطلالات خارجة عن المألوف وتكسر القواعد بإكسسوارات رأس جريئة

بيروت -المغرب اليوم

GMT 19:35 2018 السبت ,15 كانون الأول / ديسمبر

غوارديولا يوضح صعوبة انتصار مانشستر سيتي على "إيفرتون"

GMT 18:09 2018 الأحد ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

طائرة الأهلي طرابلس تخطف الانتصار من بنغازي

GMT 16:48 2018 الخميس ,22 تشرين الثاني / نوفمبر

تفاصيل صادمة عن قضية أب مارس الجنس مع ابنته

GMT 08:41 2019 الأربعاء ,23 كانون الثاني / يناير

تفاصيل جديدة وصادمة في حادث قتل الطفلة "إخلاص" في ميضار

GMT 10:30 2019 الجمعة ,18 كانون الثاني / يناير

المغرب يطلب استضافة كأس العالم للأندية

GMT 02:26 2019 الإثنين ,14 كانون الثاني / يناير

كورتيز تنتقد غياب أصحاب البشرة السمراء في "سي بي أس"

GMT 22:40 2018 الأربعاء ,04 تموز / يوليو

السرعة المفرطة تؤدي إلى انقلاب شاحنة في وجدة
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
RUE MOHAMED SMIHA ETG 6 APPT 602 ANG DE TOURS CASABLANCA MOROCCO
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib