إيران والدور الجديد لـ«حزب الله»

إيران والدور الجديد لـ«حزب الله»

المغرب اليوم -

إيران والدور الجديد لـ«حزب الله»

خيرالله خيرالله
بقلم - خيرالله خيرالله

مخيف هذا الواقع اللبناني الذي يتميز برفض أخذ العلم بما حصل في الشهرين الماضيين، خصوصاً لجهة حجم الدمار الذي لحق بالبلد...

ليس في لبنان من يريد أن يحاسب ويسأل، في ضوء التوصّل إلى اتفاق وقف النار، عن ربط مصير البلد بمصير غزّة ومغامرة «طوفان الأفصى» ذات النتائج المعروفة سلفاً. يبدو الوضع اللبناني مخيفاً إلى درجة تجعل صعباً، إلى حدّ كبير، تحويل اتفاق النار بين «حزب الله» وإسرائيل إلى فرصة تمكن من البناء عليها لبنانياً، بما يجعل الدولة تستعيد دورها الطبيعي بعد سنوات طويلة من سيطرة «حزب الله» على البلد، بصفة كونه لواء في «الحرس الثوري» الإيراني ليس إلّا.


منذ شهرين تفرّغت آلة الحرب الإسرائيلية لجبهة لبنان. قرّرت حكومة بنيامين نتنياهو الردّ على القرار الإيراني بفتح جبهة جنوب لبنان. عملياً، دمّرت إسرائيل عشرات القرى القريبة من الحدود معها واستطاعت اغتيال معظم قيادات «حزب الله» بدءاً بالأمين العام حسن نصرالله.

ذهبت إلى أبعد من ذلك عندما فرضت حصاراً على لبنان وباشرت إجراءت تستهدف قطع الطريق على نقل السلاح الإيراني وغير الإيراني إلى الحزب انطلاقاً من الأراضي السوريّة.

ليس ما يشير، أقلّه إلى الآن، إلى أنّ لدى «حزب الله» رغبة في تنفيذ القرار الرقم 1701 في ضوء الاتفاق اللبناني - الإسرائيلي، برعاية أميركيّة وفرنسيّة، على وقف للنار.

من الواضح أنّ شيئاً لم يتغيّر بالنسبة إلى الحزب الذي يرى في التوصّل إلى اتفاق النار الذي في أساسه القرار 1701 انتصاراً كبيراً له رغم كلّ ما حلّ به وبتركيبته وبنيته التحتية... ورغم كلّ ما لحق بلبنان من خسائر.

من يقرأ نص القرار 1701 الذي صدر في أغسطس من العام 2006 يكتشف أنّ تطبيقه يعني، أول ما يعني، وجود منطقة عمليات في جنوب لبنان خالية من سلاح «حزب الله». لم يصدر عن الحزب إلى يومنا هذا، ما يؤكّد استعداده للتخلي عن سلاحه لمصلحة الدولة اللبنانية.

يقرأ الحزب اتفاق وقف النار من كتاب خاص به، هو كتاب الأجندة الإيرانيّة لا أكثر. لا يزال يرفض الإطلاع على نص القرار، لا يزال في الواقع يعتقد أنّ لا شيء تغير بين العامين 2006 و2024.

لا يزال وقف النار فرصة كي يلتقط الحزب أنفاسه ويعزز وضعه اللبناني. عندما لا يستطيع الحزب تحقيق انتصار على إسرائيل، لديه في كلّ وقت بديل آخر هو الانتصار على لبنان.

توجد فوارق كبيرة بين حرب صيف 2006 التي افتعلها «حزب الله» لأسباب داخلية لبنانية مرتبطة أساساً باستكمال السيطرة الإيرانية على البلد في ضوء الانسحاب العسكري السوري منه نتيحة اغتيال رفيق الحريري ورفاقه.

وفّر صدور القرار 1701، قبل ما يزيد على 18 عاماً، فرصة كي ينصرف «حزب الله» إلى التركيز على لبنان. لم يتلق الحزب في الماضي ضربات قويّة كما حصل في 2024. لم يحترم أي بند من بنود القرار الصادر عن مجلس الأمن.

لم تكن إسرائيل بعيدة بدورها عن تأييد هذا التوجه، خصوصاً أنّ بقاء الحزب مسيطراً على جنوب لبنان يخدم مصالحها من منطلق أنّ الجنوب الخالي من الجيش اللبناني يمثل صندوق بريد متعدد الاستخدامات بالنسبة إلى الدولة العبريّة.

لا يقتصر التغيير الكبير في 2023 و2024 على فشل رهان السياسة الإسرائيلية على «حماس» في غزّة و«حزب الله» في جنوب لبنان فحسب، بل إنّ «طوفان الأقصى» خلق أيضا خطراً وجودياً على الدولة العبريّة، تماما مثل الخطر الوجودي الذي ظهر من خلال صواريخ الحزب ومسيراته.

هاجمت «حماس» مستوطنات غلاف غزّة. قتلت نحو 1200 إسرائيلي وآخرين من جنسيات أخرى. أخذت رهائن أيضاً. أمّا «حزب الله» فقد جعل نحو 70 الف إسرائيلي خارج المستوطنات التي يقيمون فيها في الجليل.

لم يكن في متناول نتنياهو غير الوحشية يلجأ إليها، لكنّ الجديد في الأمر أن إسرائيل اثبتت أنّها تمتلك معلومات كثيرة عن الحزب وعن وجوده في لبنان وسورية، خلافاً لما تمتلكه عن «حماس» التي كانت محاصرة في غزّة والتي ارتضت بالحصار كونه يخدم مشروع استمرار سيطرتها على القطاع، بحيث لا يعني لها المشروع الوطني الفلسطيني شيئاً.

في انتظار استيعاب «حزب الله» أبعاد ما لحق به واكتشاف أن لا عودة إلى تجربة ما بعد حرب صيف 2006، سيكون سهلاً عليه إعادة توجيه سلاحه إلى الداخل. سيستفيد في ذلك من ضعف الأطراف اللبنانيّة الأخرى، ممثلة بمؤسسات الدولة التي تعاني من اهتراء ليس بعده اهتراء. يضاف إلى ذلك كلّه حال الضياع لدى السنّة والمسيحيين والدروز.

يجعل تحكّم هذه الذهنيّة بالحزب وقف النار اتفاقاً هشّاً، رغم الرعاية الأميركية له ورغم أنّه جاء نتيجة اتصالات بين واشنطن وطهران.

هناك مصادر أميركيّة عدة كشفت أنّ «الجمهوريّة الإسلاميّة» أعطت ضوءاً أخضر سمح بالوصول إلى اتفاق لوقف النار.

هذا لا يمنع طرح أسئلة من نوع هل يعود ذلك إلى شعور إيران بقوة الضربات التي تلقاها الحزب الذي يعتبر أحد خطوط الدفاع عن نظامها... أم كل ما في الأمر أنّها تعدّ لوظيفة جديدة لسلاح الحزب وتريد أخذ وقتها في ذلك؟

في النهاية، لا يمكن تجاهل أنّ حرب لبنان الأخيرة ستكشف هل يستطيع هذا البلد البقاء على قيد الحياة أم لا... ما دام سلاح «حزب الله»، الذي تعدّ له «الجمهوريّة الإسلاميّة» وظيفة جديدة، موجوداً ولا قدرة لدى الدولة على جعله تحت سيطرتها.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

إيران والدور الجديد لـ«حزب الله» إيران والدور الجديد لـ«حزب الله»



GMT 20:19 2025 السبت ,13 أيلول / سبتمبر

‎قمة الدوحة.. نريدها إجراءات وليست بيانات

GMT 20:16 2025 السبت ,13 أيلول / سبتمبر

سدودنا فارغة وسرقة المياه مستمرة

GMT 20:12 2025 السبت ,13 أيلول / سبتمبر

تاريخ «لايت»

GMT 20:10 2025 السبت ,13 أيلول / سبتمبر

ما بعدَ هجوم الدوحة

GMT 20:08 2025 السبت ,13 أيلول / سبتمبر

بول بوت... جنون الإبادة الذي لا يغيب

GMT 20:07 2025 السبت ,13 أيلول / سبتمبر

ربع قرن على هجمات 11 سبتمبر

GMT 20:05 2025 السبت ,13 أيلول / سبتمبر

انزلاقات المرحلة

GMT 20:03 2025 السبت ,13 أيلول / سبتمبر

أميركا... معارك الرصاص لا الكلمات

أحلام تتألق بإطلالة ملكية فاخرة باللون البنفسجي في حفلها بموسم جدة

جدة - المغرب اليوم

GMT 01:04 2017 الأحد ,05 تشرين الثاني / نوفمبر

مشروب "كافي توبا" الحلال يحارب بطالة السنغال

GMT 17:36 2018 الأحد ,28 كانون الثاني / يناير

التراس الرجاء البيضاوي تهاجم سعيد حسبان وتصفه بالخبيث

GMT 15:44 2018 الأحد ,28 كانون الثاني / يناير

الفيلا صديقة البيئة المكان المناسب لقضاء العطلة

GMT 09:02 2015 الإثنين ,09 تشرين الثاني / نوفمبر

مليون زهرة شتوية تزين شوارع عنيزة في المملكة السعودية

GMT 03:18 2017 الإثنين ,23 تشرين الأول / أكتوبر

عرض الفيلم المغربي "عمي" خلال مهرجان "مشاهد عربية" في واشنطن

GMT 06:35 2017 الجمعة ,27 تشرين الأول / أكتوبر

اتفاقية بين "أرامكو" و"غانفور" لشراء فرضة "ماسفلاكت" للنفط

GMT 19:03 2024 الأربعاء ,31 كانون الثاني / يناير

الوداد ينجّح في رفع عقوبة المنع من الفيفا

GMT 21:37 2023 الأحد ,01 تشرين الأول / أكتوبر

النفط يرتفع بدعم من ارتفاع الطلب وشح الإمدادات بأميركا

GMT 20:54 2023 الخميس ,18 أيار / مايو

البيض يتوقع الفائز بدوري أبطال أوروبا
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
RUE MOHAMED SMIHA ETG 6 APPT 602 ANG DE TOURS CASABLANCA MOROCCO
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib