توسعة الميكانيزم هل تجنّب لبنان التصعيد

توسعة الميكانيزم... هل تجنّب لبنان التصعيد؟

المغرب اليوم -

توسعة الميكانيزم هل تجنّب لبنان التصعيد

مصطفى فحص
بقلم : مصطفى فحص

ربط اللبنانيون، خصوصاً الجنوبيين، قلقهم من احتمالات الحرب بما بعد زيارة البابا ليو الرابع عشر، وافترض أغلبهم أن العدّ التنازلي لها يبدأ بعد مغادرته. وجزء من الجنوبيين وسكان الضاحية بدأوا الاستعداد للانتقال إلى ما كان خارج المحيط المفترض للعمليات الإسرائيلية؛ فهناك جزء مقتدر من أبناء الجنوب وسكان الضاحية الميسورين استأجروا منازل في أماكن تُعدّ آمنة أو بعيدة عن احتمال القصف، أمّا غالبيتهم فتبقت تحت رحمة التهديدات الإسرائيلية، والتصعيد الذي يسبق أي مواجهة بوصفه إنذاراً بالإخلاء. وهؤلاء لا الدولة قادرة على تأمين احتياجات نزوحهم، ولا لدى «ثنائي حزب الله وأمل» ما يكفي لتغطية تكلفة خروجهم. وقد باتوا أهدافاً لعدوّهم الذي يخطّط لعقاب جماعي، ورهائن لدى «الثنائي» الذي يهيمن عليهم في لعبة المقايضة لإنقاذ نفوذه.

في اللحظة التي بدأ الجميع العدّ العكسي لانفجار أو مواجهة أو اجتياح أو تصعيد، أخرجت الدولة ورقة رابحة: عيّنت السفير السابق سيمون كرم بوصفه أول مدني في لجنة الميكانيزم. تعيينٌ اختلف اللبنانيون في تفسيره؛ من الطبيعي أن يعدّه «حزب الله» خضوعاً للإرادتين الأميركية والإسرائيلية، ومن الطبيعي جداً أن تُترك لأبواقه مهمة تخوين الرجل وشيطنته. لكن الحزب تناسى أن التعيين جاء بعد التنسيق بين الرئاسات الثلاث، ما يعني أن شريك الحزب في السلطة والسلاح - رئيس مجلس النواب نبيه بري أو «الأخ الأكبر» كما وصفه الأمين العام للحزب - موافق على توسعة الميكانيزم وعلى الاسم الذي تم اختياره. والملاحظة هنا أن قواعد «حركة أمل» لم تتطرّق إلى الموضوع، على غرار قواعد الحزب.

في الميكانيزم، عسكرياً كان أم مدنياً، لا بوادر اتفاق سلام، ولا التحاق بالمشروع الإبراهيمي، ولا تطبيع. وهذا ما فسّره سريعاً رئيس مجلس الوزراء نواف سلام في ردّه على كلام نتنياهو حول المسار الاقتصادي. بل هناك أمر واقع استراتيجي في المنطقة تغيّر بعد السابع من أكتوبر (تشرين الأول) 2023، بعدما نجح العدو الإسرائيلي في تحقيق معظم أهدافه، ولديه بنك أهداف أخطر يرغب في تحقيقها. فمشروع نتنياهو هو استكمال الحرب تحت ذريعة إزالة التهديد الديموغرافي من حدود كيانه الشمالية، وهذا يعني إنهاء عودة أهالي جنوب النهر إلى قراهم، وصولاً إلى تعطيل الحياة في مناطق شمال النهر وتحويل جزء منها إلى مناطق فاصلة. فإذا كانت المفاوضات قادرة - ولو نسبياً - على منع الحرب المحتملة أو تأجيلها، وعلى ضمان عودة الجنوبيين، فهذه مصلحة وطنية، بغضّ النظر عن الأسماء والجدوى.

في النموذج السوري الحديث، قادت حكومة أحمد الشرع مفاوضات أمنية مباشرة مع الجانب الإسرائيلي. رفض الشرع التنازل عن أي شبر من الأراضي السورية، ونقل المفاوضات إلى العلن بعدما كانت منذ عام 1974 سرّية. هذا الانتقال العلني، بالتفاهم مع واشنطن، أحرج تل أبيب في علاقتها مع البيت الأبيض، الأمر الذي دفع المبعوث الأميركي الخاص إلى سوريا توماس برّاك إلى توجيه انتقادات علنية لبعض الأفعال الإسرائيلية في سوريا. في السابق كانت العلاقة السرّية بين دمشق وتل أبيب تؤمّن لآل الأسد غطاءً إسرائيلياً في الحكم بعد تسليمهم الجولان، أمّا اليوم فالمفاوضات العلنية وتمسّك دمشق بحقوقها يهددان استقرار نظامها الجديد. فالحكومة السورية، رغم كل ضعفها، فإنها متمسّكة بتسوية عادلة وشاملة تبدأ من الجولان المحتل وتنتهي بحلّ الدولتين.

لبنان، وهو في الموقع الأضعف من سوريا، المطلوب منه التمسّك بخطّ الهدنة، واسترجاع كامل أراضيه، وتثبيت وقف إطلاق النار، وحصر السلاح بيد الدولة وليس أكثر. أمّا أي شيء إضافي فيرتبط بقرار جماعي عربي، وبمصلحة وطنية.

أمّا عن سيمون كرم «العنيد»، فهو حتماً أكثر تمسّكاً بالمصلحة الوطنية اللبنانية ممّن فاوضوا على الحدود البحرية، وتخلّوا للعدو عن مناطق استراتيجية غنية بالثروات تحت ذريعة موازين القوى، بينما حقيقتها كانت مكاسب سياسية داخلية. وسيمون كرم «الجنوبي» ليس من طلاب المناصب؛ أولاً لأنه ترك الجمل بما حمل سابقاً، وثانياً لأنه ليس بحاجة إلى من يرشده أو يذكّره بحق الجنوبيين في العودة إلى أراضيهم. أمّا التخوين، فالأفضل لأصحاب هذه اللغة الخجل والصمت، وكما يقول المثل: «دود الخل منّه وفيه». ففي استقامته وسيادته الوطنية ما يكفي لأن يواجه مفاوضيه، وأن يستقيل إذا تعارضت الأمور مع قناعاته الوطنية.

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

توسعة الميكانيزم هل تجنّب لبنان التصعيد توسعة الميكانيزم هل تجنّب لبنان التصعيد



GMT 06:32 2025 الخميس ,25 كانون الأول / ديسمبر

التعليم وإرادة الإصلاح (1)

GMT 06:29 2025 الخميس ,25 كانون الأول / ديسمبر

عرش ترامب!

GMT 06:27 2025 الخميس ,25 كانون الأول / ديسمبر

تكليفات الرئيس!

GMT 06:26 2025 الخميس ,25 كانون الأول / ديسمبر

سمعة البرلمان!

GMT 06:23 2025 الخميس ,25 كانون الأول / ديسمبر

الداعية «قفة» وأبناؤه

GMT 06:15 2025 الخميس ,25 كانون الأول / ديسمبر

ماذا تبقى من ذكرى الاستقلال في ليبيا؟

GMT 06:09 2025 الخميس ,25 كانون الأول / ديسمبر

مُقرئ الفلوس

GMT 06:01 2025 الخميس ,25 كانون الأول / ديسمبر

كعب لا تقبله أمريكا

أجمل فساتين السهرة التي تألقت بها سيرين عبد النور في 2025

بيروت - المغرب اليوم

GMT 02:23 2025 الخميس ,25 كانون الأول / ديسمبر

ويتكوف يعلن توقيت انطلاق المرحلة الثانية من اتفاق غزة
المغرب اليوم - ويتكوف يعلن توقيت انطلاق المرحلة الثانية من اتفاق غزة

GMT 13:59 2025 الخميس ,18 كانون الأول / ديسمبر

انستغرام يطلق تطبيق Reels مخصص للتليفزيون لأول مرة

GMT 14:33 2020 الأربعاء ,01 كانون الثاني / يناير

تتيح أمامك بداية العام فرصاً جديدة لشراكة محتملة

GMT 18:37 2020 الإثنين ,09 تشرين الثاني / نوفمبر

ابتعد عن النقاش والجدال لتخطي الأمور وتجنب الأخطار

GMT 21:04 2022 الثلاثاء ,13 كانون الأول / ديسمبر

"طائرة الزمالك" يهزم المنيا 0/3 في دوري المرتبط

GMT 11:54 2024 الثلاثاء ,03 أيلول / سبتمبر

أخر صيحات الموضة لموسمي خريف وشتاء 2024-2025

GMT 01:34 2024 السبت ,13 إبريل / نيسان

بلقيس فتحي تطرح أحدث أغانيها "أحاول أغير"

GMT 06:31 2021 الثلاثاء ,26 تشرين الأول / أكتوبر

مدرب ليستر سيتي يدخل دائرة اهتمامات إدارة مانشستر يونايتد

GMT 06:26 2020 الثلاثاء ,06 تشرين الأول / أكتوبر

حظك اليوم برج الثور الجمعة 30 تشرين الثاني / أكتوبر 2020

GMT 04:43 2018 الأربعاء ,25 إبريل / نيسان

لاند روفر تخطط لإطلاق SUV صغيرة اقتصادية التكلفة

GMT 10:40 2018 الأحد ,21 كانون الثاني / يناير

الصحافة الإنجليزية تُواصل كشف فضائح قطر

GMT 08:36 2017 السبت ,30 كانون الأول / ديسمبر

2017 أقل من فرح وأكثر من خيبة

GMT 05:56 2015 الأربعاء ,23 أيلول / سبتمبر

أبطال مسلسل "البيوت أسرار" ينتهون من تصوير مشاهدهم
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
RUE MOHAMED SMIHA ETG 6 APPT 602 ANG DE TOURS CASABLANCA MOROCCO
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib