السعودية الجديدة في الخطاب والممارسة

السعودية الجديدة في الخطاب والممارسة

المغرب اليوم -

السعودية الجديدة في الخطاب والممارسة

أسامة الرنتيسي

خلال العام الحالي الذي يلفظ انفاسه بسرعة البرق، تغيرت السعودية كثيرا، ووضعت كل الملفات الساخنة في حضنها، بمشاركة مباشرة من قيادتها، وخطاب جديد لم نعتد عليه، فليس هذا هو الخطاب السعودي المعتاد عليه عربيا ودوليا، المتسم بالهدوء والمرونة.
ما نسمعه ونتابعه وندقق فيه هذه الايام خطاب مختلف لم نكن نسمعه من قبل.
في كل الملفات الساخنة اصبح الموقف السعودي واضحا ومبادرا، فعندما يقف وزير الخارجية السعودي عادل الجبير في ختام القمة الخليجية 36 في الرياض ويقول بوضوح "ان بشار الاسد أمام خيارين إما الرحيل عبر المفاوضات أو عبر القتال بالحل العسكري"، فهو بذلك يكمل ما قاله سلفه السابق وزير الخارجية السعودي المرحوم سعود الفيصل (الاقدم في الدبلوماسية على مستوى العالم)، عندما رد في آذار (مارس) الماضي على رسالة الرئيس الروسي بوتين للقمة العربية في شرم الشيخ، أن روسيا سلحت النظام السوري الذي يفتك بشعبه، وهذا النظام فقد شرعيته، وروسيا تتحمل مسؤولية كبيرة في مصاب الشعب السوري، وأن روسيا تقترح حلولا سلمية وهي مستمرة بتسليح النظام السوري.
الفيصل ذاته، وفي تصريح اعنف؛ حيث كان في حضرة مجلس الشورى السعودي (التمثيل الشعبي في السعودية) عندما قال: إن مليشيا الحوثي والرئيس السابق (علي عبد الله صالح) بدعم إيران التي أبت إلا أن تعبث باليمن وتعيد خلط الأوراق، وان المملكة ليست من دعاة الحرب، ولكن إذا قرعت طبولها فنحن جاهزون لها.
هذا التغيير في الخطاب والنهج السعودي، لم يأت من فراغ، بل جاء استشعارا بحجم الازمات في الاقليم، وفي الداخل السعودي، حتى نُقل عن مسؤولين سعوديين ان هذه المخاوف وضعت امام الرئيس الاميركي باراك اوباما عندما زار الرياض معزيا في الملك الراحل عبدالله بن عبدالعزيز.
لنتذكر انه منذ لحظة وفاة الملك عبدالله انشغل العالم بالطريقة السلسة التي تمت فيها ترتيبات انتقال العرش الملكي، برغم ان التحليلات السياسية كلها، وبالذات الغربية، وضعت المملكة العربية السعودية في فوهة البركان المقبل، الذي يعاد ترسيم العالم العربي من خلاله، وأداته الرئيسية عصابة داعش الاجرامية.
السعودية الجديدة تختلف عن السعودية القائمة منذ سنوات، والتي كانت لها بصمات واضحة في معظم ملفات المنطقة، والتطورات التي اصابت العالم العربي بعد سنوات الربيع العربي، التي اختلطت فيها السياسات التكتيكية مع السياسات الاستراتيجية، وباتت الامور في حالة ضبابية، لا يمكن للمرء ان يحسم اتجاهات المستقبل نحوها.
ملفات المنطقة المشتعلة في وجه القيادة السعودية، خاصة في الازمات التي تحيط بالمملكة من خواصرها الرخوة، فاليمن وصل الى حالة ان وقع في قبضة الحوثيين، والعراق جزء من اراضيه تحت سيطرة تنظيم داعش، والوضع في سورية بعيد عن الحلول السياسية، مع ازدياد جرائم داعش والتنظيمات الارهابية الأخرى في المناطق الخاضعة لها، والنظام لا يزال يعتمد على البراميل المتفجرة وطائرات السوخوي الروسية، والوضع في لبنان قد ينفجر في اية لحظة اذا زادت الضغوطات على حزب الله اكثر وبقي التعطيل يواجه معطلة الرئاسة، والبحرين تعاني من اوضاع داخلية صعبة لا يمكن للسعودية ان تبقى متفرجة حيالها، والكويتيون متخوفون من تنفيسات ارهابية تقع على ارضهم نتيجة تأزم المنطقة، والحرب المشتعلة في اليمن.
السعودية الجديدة، كشفت عن سياستها الخارجية بسرعة، لان الملفات الخارجية لا تتمتع بمرونة الوقت، وكانت القراءات تشير الى ان السياسة السعودية قد تجد طرقا جديدة بعد الاتفاق الاميركي الايراني، وأن انجع السبل ان تعيد السعودية النظر في علاقتها مع ايران على اعتبار انها مفتاح رئيسي ومحوري في ملفات ساخنة وضاغطة في اليمن والعراق ولبنان وسورية والبحرين؟، وعلى ما يبدو ان هذا لم ولن يحدث بعد ان توجهت السعودية الى الباكستان حليفا استراتيجيا في مواجهة ايران.
التغيير الاكبر أصاب الحالة السعودية الداخلية، فلم نسمع يوما ما نسمعه ونراه في فترة حكم الملك سلمان بن عبد العزيز، حيث اصبح اعفاء الوزراء واقالتهم بقرارات ملكية، والتغييرات في بنية مجلس الشورى سمة بارزة في العهد الجديد، وهذا الامر يسجل له لا عليه.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

السعودية الجديدة في الخطاب والممارسة السعودية الجديدة في الخطاب والممارسة



GMT 23:14 2025 الأربعاء ,04 حزيران / يونيو

ذاكرة الرجل الصامت

GMT 23:12 2025 الأربعاء ,04 حزيران / يونيو

إسرائيل... لماذا تفوَّقت في لبنان وليس في اليمن؟

GMT 23:10 2025 الأربعاء ,04 حزيران / يونيو

مشهد الشرق الجديد... من يرسمه؟

GMT 23:07 2025 الأربعاء ,04 حزيران / يونيو

سبب آخر للاستقالة

GMT 23:05 2025 الأربعاء ,04 حزيران / يونيو

البديل الحوثي للبنان...

GMT 23:04 2025 الأربعاء ,04 حزيران / يونيو

التجويع بهدف التركيع

GMT 23:02 2025 الأربعاء ,04 حزيران / يونيو

إلى متى ستعيش إسرائيل في رعب وتوجُّس؟

GMT 23:00 2025 الأربعاء ,04 حزيران / يونيو

ماذا لو رد «الجميل» السلام؟!

أمينة خليل تتألق بفستان زفاف ملكي يعكس أنوثة ناعمة وأناقة خالدة

القاهرة - سعيد الفرماوي

GMT 18:02 2019 الثلاثاء ,27 آب / أغسطس

طاليب يغير البرنامج التدريبي للجيش الملكي

GMT 03:11 2019 الإثنين ,08 تموز / يوليو

طريقة تحضير الأرز الأبيض بأسلوب بسيط

GMT 21:58 2019 الثلاثاء ,18 حزيران / يونيو

فساتين صيف تزيد من تميز إطلالتك من "ريزورت 2020"

GMT 07:30 2018 الأحد ,23 كانون الأول / ديسمبر

ظافر العابدين يكشف أسباب وقف تصوير فيلم "أوف روود"

GMT 11:52 2018 الإثنين ,29 تشرين الأول / أكتوبر

الإمارات تصدر قانون جديد للمصرف المركزي والأنشطة المالية

GMT 18:34 2018 الخميس ,18 تشرين الأول / أكتوبر

سُلطات مليلية تبحث عن عائلة طفل قاصر مُصاب بمرض خطير

GMT 16:40 2018 الجمعة ,12 تشرين الأول / أكتوبر

جزيرة "أرواد" السورية تكشف نظرية جديدة بشأن سفينة نوح
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib