هرمنا بينما لم تهرم مبادرة السلام العربية

هرمنا بينما لم تهرم مبادرة السلام العربية

المغرب اليوم -

هرمنا بينما لم تهرم مبادرة السلام العربية

اسامة الرنتيسي

الخطاب الذي ألقاه الرئيس الفلسطيني محمود عباس ــ الاربعاء ــ بمناسبة عيد الميلاد لدى الطوائف المسيحية الشرقية، حمل رسالة واحدة؛ بأنه لا يزال على قيد الحياة؛ مفندا المعلومات الاسرائيلية التي انتشرت بخصوص وضعه الصحي، بعد ان دخل المستشفى لمراجعات دورية، لكنه أصر على اعتماد طريق واحد هو طريق المفاوضات، ولهذا قال بوضوح: لن نخرج، ولن نيأس، ولن نستسلم، لكن في الوقت ذاته لن نقبل ببقاء الوضع الراهن كما هو، من رفض اسرائيل لإجراء المفاوضات واستمرار الاستيطان.

طريق عباس الى السلام يعتمد فقط على المفاوضات المباشرة مع اسرائيل، وهي بعد اكثر من 20 عاما لم تثمر  شيئا، وقائمة على مبادرة السلام العربية التي دعا الى احيائها من جديد، مع مؤتمر دولي.

مبادرة السلام العربية ماتت وشبعت موتا، وهي معروضة للبيع في الأسواق الإسرائيلية من دون أن تجد من يشتريها، وبعد 15 عاما من اقتراحها، من قبل ولي العهد السعودي آنذاك ـــ المرحوم الملك عبدالله بن عبدالعزيز ــ خلال مؤتمر قمة جامعة الدول العربية التي انعقدت في بيروت في آذار (مارس) 2002، وتدعو الى تطبيع العلاقات مع إسرائيل مقابل الانسحاب الإسرائيلي الكامل من الأراضي العربية التي احتلتها بحرب الخامس من يونيو( حزيران)  عام 1967، حظيت بإجماع عربي خلال القمة، لكنها رفضت اسرائيليا من لحظة الاعلان عنها.

منذ الاعلان عن المبادرة تكررت العبارات في بيانات الجامعة العربية واجتماعات لجنة المتابعة العربية عشرات المرات، من دون أن يتوقف احد عند الالغام بين سطورها، اذ استمرت في الحديث عن اللاجئين الفلسطينيين وعن "حل عادل ومتفق عليه".  وهذه العبارة مأخوذة حرفيًا من المبادرة العربية للسلام التي تبنتها قمة بيروت العربية عام 2002.

هرمنا وهرمت المبادرة العربية ولا يزال عباس يستحضرها في خطاباته، مع أن رجالاتها الذين شهدوا عليها وأجمعوا على اهميتها غادرونا كل في طريق، الرئيس المصري حسني مبارك غادرنا هو وفريق عمله إلى السجن، والرئيس التونسي زين العابدين منفيا في جدة، واليمن في حرب اقليمية، وعلى الارض السورية حرب عالمية ثالثة مصغرة، وآلة الحرب الشرسة طحنت ولا تزال عظام أبناء الشعب الليبي، كما شهدت الجزائر والمغرب حراكات سياسية مهمة وذات تأثير، بينما لا يزال لبنان يبحث عن استقراره واستقرار نفوس أبنائه كما يبحث عن رئيس، والعراق هو هو، شهد متغيرات دراماتيكية منذ ولادة المبادرة العربية حتى الآن. ولم تسلم من التغيير الصومال وجزر القمر ودول الخليج، وكل منها قصته وقضيته معروفة، ونشأت في المنطقة دولة ارهابية جديدة احتلت نصف العراق وسورية، كل هذا التغيير والمبادرة العربية لم تتغير حتى الآن، بل استقرت على ما هي عليه.

بعد 15 عاما من عمر المبادرة، والتغييرات التي وقعت في العالم العربي والعالم، ولم يعد امام الفلسطينيين ما يخسروه اكثر، وبعد ان تراجعت قضيتهم في الاهتمام العربي والدولي الى الخلف كثيرا، يفترض أن يرتفع سقف المبادرة العربية بتطويرها، بحيث لا نقايض حق عودة اللاجئين بالدولة الفلسطينية ، فالدولة حق، كما ان العودة حق وطني هو أيضًا، لا يحق لا لقمّة عربية ولا لأي زعيم أو قائد أو رئيس أن يتخلى عن أحد هذين الحقّين.

المعاني الخطيرة للعبارة الخاصة باللاجئين الواردة في المبادرة العربية لم تأت إطلاقًا على ذكر حق العودة، وقد صيغت لطمأنة الإسرائيليين بأن العرب تخلوا عن حق عودة اللاجئين، وأن مستقبل إسرائيل اليهودي سوف يكون آمنًا.

علينا أن نعي جيدًا أن القيادات الإسرائيلية على اختلاف اتجاهاتها أخذت من المبادرة العربية ما تريد، وحاولت أن تستغلها في غير محلها، حين دعت إلى تطبيع العلاقات العربية-الإسرائيلية بذريعة اللقاء لأجل دراسة المبادرة والتعرف على بنودها، وتوفير إجابات عربية للأسئلة الإسرائيلية، بل زادت السياسة الإسرائيلية تعنتًا على يدي بنيامين نتنياهو الذي دعا إلى "الحل الاقتصادي" للصراع مع الفلسطينيين، ثم وافق على دولة فلسطينية تقوم على ما يتبقى من الضفة بعدما يقتطع  منها ما يراه ضروريًا، حسب ادعائه، لأمن إسرائيل وسلامتها، وبما يؤمن لها حدودًا يمكن الدفاع عنها، ضمن "الدولة اليهودية" التي تجرأ واعلن عنها للعالم.

المبادرة العربية فشلت، برغم تخفيض السقف العربي، في نيل رضا قادة إسرائيل وموافقتهم وقبولهم بالحل العربي "الرسمي" للصراع : دولة فلسطينية مقابل التخلي عن حق عودة اللاجئين
 
 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

هرمنا بينما لم تهرم مبادرة السلام العربية هرمنا بينما لم تهرم مبادرة السلام العربية



GMT 15:23 2025 الثلاثاء ,04 تشرين الثاني / نوفمبر

عفواً سيّدي الجلاد

GMT 15:21 2025 الثلاثاء ,04 تشرين الثاني / نوفمبر

الفوسفات والذنيبات والمسؤولية المجتمعية تصل البربيطة

GMT 15:18 2025 الثلاثاء ,04 تشرين الثاني / نوفمبر

أبو دلامة وجي دي فانس

GMT 15:07 2025 الثلاثاء ,04 تشرين الثاني / نوفمبر

العودة إلى إسحق رابين

GMT 14:59 2025 الثلاثاء ,04 تشرين الثاني / نوفمبر

من الساحل إلى الأطلسي: طريق التنمية من أجل الاستقرار

GMT 14:52 2025 الثلاثاء ,04 تشرين الثاني / نوفمبر

فضيحة في تل أبيب!

GMT 14:45 2025 الثلاثاء ,04 تشرين الثاني / نوفمبر

مصر تفرح بافتتاح المتحف الكبير (1)

GMT 14:42 2025 الثلاثاء ,04 تشرين الثاني / نوفمبر

شخص غير مرغوب فيه

نجمات مصريات يجسّدن سحر الجمال الفرعوني في افتتاح المتحف المصري

القاهرة - المغرب اليوم

GMT 02:54 2025 الثلاثاء ,04 تشرين الثاني / نوفمبر

في يوم العلم الإماراتي استوحي أناقتك من إطلالات النجمات
المغرب اليوم - في يوم العلم الإماراتي استوحي أناقتك من إطلالات النجمات

GMT 10:46 2025 الثلاثاء ,04 تشرين الثاني / نوفمبر

أفضل الوجهات العربية لقضاء خريف معتدل ومليء بالتجارب الساحرة
المغرب اليوم - أفضل الوجهات العربية لقضاء خريف معتدل ومليء بالتجارب الساحرة

GMT 18:26 2025 الثلاثاء ,04 تشرين الثاني / نوفمبر

بوريس جونسون يهاجم بي بي سي ويتهمها بالتزوير
المغرب اليوم - بوريس جونسون يهاجم بي بي سي ويتهمها بالتزوير

GMT 20:20 2019 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

4 أصوات تشير إلى أعطال في محركات السيارات

GMT 06:27 2018 الثلاثاء ,05 حزيران / يونيو

دراسة تؤكّد تأثير حجم المخ على التحكّم في النفس

GMT 21:07 2018 الأربعاء ,04 إبريل / نيسان

"سباق الدراجات" يدعم ترشح المغرب للمونديال

GMT 01:40 2018 السبت ,10 آذار/ مارس

رجل يشكو زوجته لسوء سلوكها في طنجة

GMT 05:32 2017 الأربعاء ,03 أيار / مايو

محمود عباس فى البيت الأبيض.. من دون فلسطين!
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
RUE MOHAMED SMIHA ETG 6 APPT 602 ANG DE TOURS CASABLANCA MOROCCO
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib