اغتيال هنية ونذر الحرب

اغتيال هنية ونذر الحرب

المغرب اليوم -

اغتيال هنية ونذر الحرب

عبدالله بن بجاد العتيبي
بقلم - عبدالله بن بجاد العتيبي

إسرائيل نجحت في اغتيال إسماعيل هنية، رئيس المكتب السياسي لحركة «حماس»، وهذه ليست مفاجأةً فقد كان بإمكانها استهدافه في أماكن عديدة، ولكن المفاجأة كانت في اختيار المكان والزمان، فالمكان في العاصمة الإيرانية طهران، وفي مبنى ضيافة تابعٍ مباشرةً للحرس الثوري الإيراني، والزمان في نفس يوم تنصيب الرئيس الإيراني الجديد مسعود بزشكيان.

الاغتيالات السياسية معروفة على طول الزمان والمكان، ولكن اغتيال هنية أُريد له أن يشكل صفعةً قويةً لمحور المقاومة الذي لم يتعلم أي درسٍ من طبيعة الصراع السياسي حول فلسطين في المنطقة خلال عقودٍ مضت، وأراد هذا المحور التحوّل من الشعارات الجوفاء والمزايدات الفارغة إلى المواجهة الفعلية فأخذ يتلقى شيئاً من تكاليف ذلك التحوّل.

كان محور المقاومة ولعقودٍ من الزمن يستغل القضية الفلسطينية شعاراً ويختبئ خلف مظلوميتها التاريخية سعياً لاحتلال بعض الدول العربية واختراقها، وقد حصل ذلك واخترق أربع دول عربية وأصبح يتحكم فيها في العراق ولبنان وسوريا واليمن، ووسائل الاختراق معروفة بالتحالف مع جماعات الإسلام السياسي السنية مثل جماعة الإخوان المسلمين وجماعة السرورية وأشباههما وإنشاء الميليشيات الشيعية مثل «حزب الله» اللبناني وجماعة الحوثي في اليمن والميليشيات في العراق وسوريا، إلى هنا كانت اللعبة مكشوفة ومعروفة الحدود، ولكن جد جديد.

الجديد هو أن هذا المحور نجح في شق الصف الفلسطيني عبر حركة «حماس» الإخوانية التي انقلبت انقلاباً دموياً على السلطة الفلسطينية في غزة وأصبحت تجر عليها حرباً كل بضع سنواتٍ، وفق أولويات محور المقاومة لا وفق أي أولويات فلسطينية ولا عربية وصولاً لحرب غزة المدمرة الحالية.

في خطابه أمام الكونغرس الأميركي، شكر نتنياهو أميركا على دعمها، ولكنه بالمقابل تحدث من موقع الندّ، وأكد أن إسرائيل تمدّ أميركا بمعلوماتٍ استخباراتيةٍ عالية القيمة، واختراق إسرائيل لإيران ليس سراً فالعمليات التي نفذتها داخل إيران متعددة ومتواصلة منذ سنواتٍ طويلة وهي استطاعت الحصول على آلاف الوثائق السرية ونفذت عمليات اغتيال متعددة هناك.

باستقراء التاريخ الحديث فإيران لا تحب الحروب المباشرة وهي تخسر فيها كثيراً وتجربتها في الحرب المباشرة مع العراق أجبرت الخميني على «تجرع السم» لإنهائها، حسب تعبيره الشهير، ولكنها نجحت في الحروب بالوكالة ضد عدد من الدول العربية، وباستقراء الأحداث المعاصرة بين الطرفين فردود إيران غالباً ما تكون شكليةً وبصواريخ ومسيرات يعلن عنها قبل انطلاقها بساعاتٍ وتصورها هواتف المواطنين وتعلق في أسلاك الكهرباء.

في 8 أكتوبر (تشرين الأول) وبعد يومٍ واحدٍ من هجوم حركة «حماس» كتب كاتب هذه السطور في هذه الصحيفة ما نصه: «مرةً بعد أخرى، الفلسطينيون ضحية (المقاومة) التي تقدمهم على طبقٍ من ذهبٍ لآلة السلاح العسكرية الإسرائيلية، فالجميع يعلم اليوم أن المواطن الفلسطيني في غزة سيصبح نهباً للصواريخ والطائرات والقنابل، والبنية التحتية ستتضرر بشكل فظيع، وعنتريات يومٍ واحدٍ ستتحول وبالاً ممتداً»، والكل يشاهد ما جرى اليوم.

وفي 15 أكتوبر الماضي كتب كاتب هذه السطور قائلاً: «وهدد رئيس وزراء (إسرائيل) بملاحقة قيادات (حماس) والانتقام منهم على ما صنعوه، وإسرائيل لها تاريخٌ طويلٌ في سياسات الانتقام من خصومها لطالما نجحت فيه، من نازيي ألمانيا إلى رموز بعض الفصائل الفلسطينية، وبعد هذا التهديد الإسرائيلي تقافز الجميع من مركب النصر وفتشوا عن قارب نجاةٍ ووجدوه في البراءة من العملية، ومن أي مسؤولية عنها، وخرج خالد مشعل ليقول إنه لم يعلم بالعملية إلا يوم تنفيذها، وإنه علم بها من خلال وسائل الإعلام، وتغيرت لغته ولهجته، ثم خرج بعده صالح العاروري ليتبرأ من المسؤولية ويرميها على سكان غزة المساكين ويقول بالحرف: (هناك أفراد عاديون من غزة تمكنوا من دخول المستوطنات وأسر مدنيين، ولكن هذه ليست خطتنا ولا مبادئنا)».

وقد اغتالت إسرائيل العاروري في لبنان، واغتالت معه مئات من قيادات وعناصر «حزب الله» اللبناني وآخرهم القيادي العسكري الكبير في الحزب فؤاد شكر، كما قتلت قيادات متعددة في حركة «حماس» داخل غزة ومنهم محمد الضيف، وفي الضفة الغربية وفي لبنان، وهي ضربت قيادات إيرانية في سوريا ولبنان والعراق وضربت ميناء الحديدة الذي تديره ميليشيا الحوثي في اليمن.

أخيراً، فنذر الحرب تتصاعد في منطقة ملّت الحروب وآن لها أن تتجاوزها بالحلول السياسية.

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

اغتيال هنية ونذر الحرب اغتيال هنية ونذر الحرب



GMT 08:38 2025 الأحد ,09 شباط / فبراير

اختلاف الدرجة لا النوع

GMT 20:02 2025 الأحد ,19 كانون الثاني / يناير

عالم جديد حقًا!

GMT 06:19 2025 الأحد ,12 كانون الثاني / يناير

جانب فخامة الرئيس

GMT 19:43 2025 السبت ,11 كانون الثاني / يناير

أصول النظام السياسى

GMT 19:56 2025 الثلاثاء ,07 كانون الثاني / يناير

عيد سعيد!

نجمات مصريات يجسّدن سحر الجمال الفرعوني في افتتاح المتحف المصري

القاهرة - المغرب اليوم

GMT 10:46 2025 الثلاثاء ,04 تشرين الثاني / نوفمبر

أفضل الوجهات العربية لقضاء خريف معتدل ومليء بالتجارب الساحرة
المغرب اليوم - أفضل الوجهات العربية لقضاء خريف معتدل ومليء بالتجارب الساحرة

GMT 13:31 2025 الثلاثاء ,04 تشرين الثاني / نوفمبر

طرق ذكية لتعليق اللوحات دون إتلاف الحائط
المغرب اليوم - طرق ذكية لتعليق اللوحات دون إتلاف الحائط

GMT 00:22 2025 الأربعاء ,05 تشرين الثاني / نوفمبر

بوتين يؤكد صاروخ بوريفيستنيك يضمن أمن روسيا لعقود
المغرب اليوم - بوتين يؤكد صاروخ بوريفيستنيك يضمن أمن روسيا لعقود

GMT 18:26 2025 الثلاثاء ,04 تشرين الثاني / نوفمبر

بوريس جونسون يهاجم بي بي سي ويتهمها بالتزوير
المغرب اليوم - بوريس جونسون يهاجم بي بي سي ويتهمها بالتزوير

GMT 21:54 2025 الثلاثاء ,04 تشرين الثاني / نوفمبر

تفاصيل خطة تشكيل القوة الدولية لحفظ الأمن في غزة
المغرب اليوم - تفاصيل خطة تشكيل القوة الدولية لحفظ الأمن في غزة

GMT 18:52 2025 الثلاثاء ,04 تشرين الثاني / نوفمبر

خبراء التغذية يوصون بمشروبات طبيعية لتحسين الأداء الإدراكي
المغرب اليوم - خبراء التغذية يوصون بمشروبات طبيعية لتحسين الأداء الإدراكي

GMT 01:36 2025 الأربعاء ,05 تشرين الثاني / نوفمبر

أحمد حلمي وهند صبري في أول تعاون سينمائي بأضعف خلقه
المغرب اليوم - أحمد حلمي وهند صبري في أول تعاون سينمائي بأضعف خلقه

GMT 20:20 2019 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

4 أصوات تشير إلى أعطال في محركات السيارات

GMT 06:27 2018 الثلاثاء ,05 حزيران / يونيو

دراسة تؤكّد تأثير حجم المخ على التحكّم في النفس

GMT 21:07 2018 الأربعاء ,04 إبريل / نيسان

"سباق الدراجات" يدعم ترشح المغرب للمونديال

GMT 01:40 2018 السبت ,10 آذار/ مارس

رجل يشكو زوجته لسوء سلوكها في طنجة

GMT 05:32 2017 الأربعاء ,03 أيار / مايو

محمود عباس فى البيت الأبيض.. من دون فلسطين!

GMT 06:27 2016 الجمعة ,11 تشرين الثاني / نوفمبر

باكستان تُبعد صاحبة صورة ناشيونال جيوغرافيك الشهيرة

GMT 04:19 2016 الإثنين ,05 كانون الأول / ديسمبر

"فرزاتشي Versaci" تطلق مجموعتها الساحرة لعام 2017

GMT 07:02 2017 الجمعة ,20 تشرين الأول / أكتوبر

فيلم الرعب الأميركي "Happy Death Day" الأول على شباك التذاكر
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
RUE MOHAMED SMIHA ETG 6 APPT 602 ANG DE TOURS CASABLANCA MOROCCO
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib