دور السحر في الحرب الراهنة على غزّة
الخطوط الجوية التركية تعلن عن إستئناف رحلاتها المباشرة بين إسطنبول والسليمانية اعتباراً من 2 نوفمبر 2025 مفاوضات سرية تجرى بين إسرائيل وحركة حماس لتمرير ممر آمن لمقاتلي حماس مقابل جثة الجندي هدار غولدين وزارة الصحة الفلسطينية تعلن إرتفاع حصيلة ضحايا الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة إلى 68875 شهيداً كتائب القسام تعلن العثور على جثة أسير إسرائيلي في الشجاعية وتتهم إسرائيل باستهداف مواقع استخراج الجثث بعد مراقبتها نتنياهو يهدد مقاتلي حماس في الأنفاق بين الاستسلام أو الموت وسط نقاشات إسرائيلية حول صفقات تبادل جيش الاحتلال الإسرائيلي يعلن اغتيال عنصر من قوات الرضوان التابعة لحزب الله انفجار ضخم جنوب قطاع غزة ناتج عن نسف مربعات سكنية بمدينة رفح غزة تتسلم 15 جثماناً فلسطينياً في إطار صفقة تبادل الجثامين أردوغان يعلن دخول تركيا مرحلة جديدة في جهود إنهاء عنف حزب العمال الكردستاني ارتفاع حصيلة ضحايا إعصار كالمايغي في الفلبين إلى 66 قتيلًا على الأقل
أخر الأخبار

دور السحر في الحرب الراهنة على غزّة

المغرب اليوم -

دور السحر في الحرب الراهنة على غزّة

حازم صاغية
بقلم - حازم صاغية

تقيم، في هذه الحرب على غزّة، جرعة من السحر أعلى كثيراً من السحر المألوف في الحروب. والسحر المقصود محاولة إقناعنا بما يستحيل أن نقتنع به عقلانيّاً أو ضميريّاً. وهو، بالمعنى هذا، ليس «كذباً» بسيطاً يزوّر معلومة هنا أو يختلق معلومة هناك. إنّه نتاج بُنية ذهنيّة تفترض إلغاء العناصر المؤثّرة، والتي يُفترض عقلانيّاً أنّها مؤثّرة، وفي المقابل، إسباغ التأثير على عناصر غير موجودة أصلاً أو ذات أهميّة مُلفّقة. والعناصر الأخيرة هذه، غير الموجودة أو الملفّقة، هي الصيغة التي تحدِّث «الخوارق» القديمة ممّا درج البشر على تفسير عالمهم بها قبل صعود العلم وإقلاع الفلسفة.

أمّا وصف ذلك بالسحر فليس استهانة به ولا بكفاءته في تبرير نفسه «منطقيّاً» و»عقلانيّاً». فهناك مدرسة عريقة، في تاريخ الأفكار، حاولت إقناع البشر بـ»ضرورة» إنكار ما يبدو قويّ الحضور في الواقع، و»ضرورة» البناء، في المقابل، على ما يبدو هوائيّاً. وإلى حدّ بعيد يتجانس السحر هذا مع ظاهرات راهنة كالشعبويّة والتعصّب وانفلات وسائل التواصل الاجتماعيّ وشيوع التشهير وتراجع النقاش العقلانيّ العامّ، فضلاً عن المحنة الكونيّة التي تئنّ تحتها قيم التنوير.

نرى السحر هذا في «اللغة»، المعلنة والضمنيّة، التي تواجهنا بها الحرب الإسرائيليّة. ذاك أنّنا كي نتقبّل الحرب تلك بوصفها «دفاعاً عن النفس»، ينبغي أن نتقبّل أموراً، لا تُتَقبّل، بوصفها من طبيعة الأشياء. من ذلك قتل الأطفال بالكثرة التي يُقتلون فيها، بل تقبّل القتل ذاته كمسألة عَرَضيّة ينبغي ألاّ تُحتسب في الحروب، وأنّ لا تحكم الحروبَ تلك قوانين، فيما يكون تهجير السكّان تفصيلاً آخر لا يحتلّ في مراتب الأهميّة موقعاً ملحوظاً. ويهبط بنا تسحير العالم والمعاني إلى تأويل بعض السياسات المباشرة والإجرائيّة. هكذا تَرسم النسخة الأكثر رسميّة عن تلك الحرب صورة لنتنياهو بوصفه القائد العارف والمتفاني، وهذا علماً بأنّ أيّة محاكمة عادلة لدوره تجعل بقاءه في منصبه أمراً شديد الاستهجان. والحال أنّ الميل التسحيريّ في إسرائيل يستند، في جانب كبير منه، إلى ظروف النشأة الإسرائيليّة الأولى وما تستدعيه من إنكار «تأسيسيّ» لأعمال التطهير العِرقيّ المبكر التي نزلت بالفلسطينيّين. لكنّه يغرف أيضاً من الجيب الأسطوريّ المتضخّم في السرديّة الصهيونيّة، لا سيّما ما يتعلّق منها بـ»أرض الميعاد»، ناهيك عن افتعالات لاحقة لا يسهل هضمها، كالتوفيق بين «يهوديّة الدولة» و»ديمقراطيّتها». فإذا صحّ أنّ السحر ليس مجرّد أكاذيب، إلاّ أنّه يمهّد طريق الأكاذيب دون انقطاع، ودون انقطاع يحتاجها.

أمّا في الجانب الحمساويّ، حيث تشتغل الخلفيّة الخرافيّة بقوّة أكبر وأكثر أوّليّةً، فتنشأ لـ»النصر» حسبة غريبة يُحذف منها وقوع الأرض تحت الاحتلال، وموت البشر بالآلاف، ودمار المدن والبيوت والمنشآت. ولأنّ هذا واقع قاهر ومُلحّ يستحيل تجاهله، فيما «النصر» السحريّ مستقلّ عنه، يحلّ هذا التجاوُر العجيب بين «يا ويلتاه» و»وا انتصاراه».

والسحر هذا له أصوله السابقة على «حماس»، حيث حاولت حركات تحرّر وطنيّ كثيرة أن تلتفّ على الفارق الضخم بينها وبين الجيوش في امتلاك التقنيّة وأدوات القتل. هكذا، وفي هذه الحروب «غير المتماثلة» (asymmetric)، طُوّرت معادلة تقول: بشرُنا في مقابل سلاحهم. وعلى هذا فإنّ القتل الأكثر يعطينا شهداء أكثر وتعاطفاً دوليّاً أكبر، ومن ثمّ انتصاراً مؤزّراً.

لكنْ ربّما كان أقوى استخدام للسحر، بوصفه تمرّداً ظافراً على العقل، تقديم ذاك الشطر من اليمن الذي يسيطر عليه الحوثيّون بوصفه مصدر أمل لا ينضب في إحراز النصر على الدولة العبريّة. فكأنّنا نقول، والحال هذه، إنّ الحروب الأهليّة في بلد واحد مصدرٌ لخلاص وطنيّ يطال بلداناً أخرى، وإنّ الوعي القوميّ الذي يفضي إلى التضامن مع غزّة إنّما ينبثق من أشكال وعي سابقة كثيراً على القوميّة، أمّا الحكم غير الصالح بتاتاً في بلده فهو الذي يملك الصلاح المرجوّ لبلدان أخرى، وهذا فيما إنهاء كارثة بعينها لا يحقّقه إلاّ تعميم الكارثة على نطاق كونيّ يهدّد بتدمير كلّ شيء وبتحويل موضوع غزّة إبرةً في قشّ العالم.

أمّا الوظيفة المحدّدة التي يخدمها السحر هنا فتحويل أنظارنا عن حقيقة البُعد الإيرانيّ بوصفه الجامع الفعليّ بين «الحوثيّين» و»حزب الله» والميليشيات الشيعيّة في العراق. هكذا يغدو مطلوباً منّا، نحن المسحورين، أن نصدّق أنّ هؤلاء وحدهم، دون سواهم في هذا العالم العربيّ الرحب، هم الذين امتلكوا ويمتلكون «الشرف والأصالة العربيّين».

لقد سبق لغورجياس، الفيلسوف الإغريقيّ السفسطائيّ، أن صاغ موقفه المعرفيّ بثلاثة إنكارات للحقائق الموضوعيّة. فهو قال إنّ ما من وجود لها أصلاً، لكنْ حتّى لو كانت هناك حقائق موضوعيّة فإنّها غير قابلة لأن تُعرف، وحتّى لو أمكن أن تُعرف فسيكون مستحيلاً توصيلها بالكلمات.

فبحسب غورجياس، ليس هناك كائن حقيقيّ ولا عارف حقيقيّ ولا متكلّم حقيقيّ، أمّا الحقيقة فيمكن اختزالها إلى رأي، والواقع الموضوعيّ يمكن ردّه إلى ظهور ومظهر ذاتيّين، وإذ يمسي العقل مجرّد عقلنة للرغبات والمصالح، تغدو الكلمات مجرّد أسلحة.

... ربّما كان غورجياس، في عالم العنف والتعصّب وليّ عنق المعاني، على حق

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

دور السحر في الحرب الراهنة على غزّة دور السحر في الحرب الراهنة على غزّة



GMT 08:38 2025 الأحد ,09 شباط / فبراير

اختلاف الدرجة لا النوع

GMT 20:02 2025 الأحد ,19 كانون الثاني / يناير

عالم جديد حقًا!

GMT 06:19 2025 الأحد ,12 كانون الثاني / يناير

جانب فخامة الرئيس

GMT 19:43 2025 السبت ,11 كانون الثاني / يناير

أصول النظام السياسى

GMT 19:56 2025 الثلاثاء ,07 كانون الثاني / يناير

عيد سعيد!

نجمات مصريات يجسّدن سحر الجمال الفرعوني في افتتاح المتحف المصري

القاهرة - المغرب اليوم

GMT 10:46 2025 الثلاثاء ,04 تشرين الثاني / نوفمبر

أفضل الوجهات العربية لقضاء خريف معتدل ومليء بالتجارب الساحرة
المغرب اليوم - أفضل الوجهات العربية لقضاء خريف معتدل ومليء بالتجارب الساحرة

GMT 13:31 2025 الثلاثاء ,04 تشرين الثاني / نوفمبر

طرق ذكية لتعليق اللوحات دون إتلاف الحائط
المغرب اليوم - طرق ذكية لتعليق اللوحات دون إتلاف الحائط

GMT 18:26 2025 الثلاثاء ,04 تشرين الثاني / نوفمبر

بوريس جونسون يهاجم بي بي سي ويتهمها بالتزوير
المغرب اليوم - بوريس جونسون يهاجم بي بي سي ويتهمها بالتزوير

GMT 18:52 2025 الثلاثاء ,04 تشرين الثاني / نوفمبر

خبراء التغذية يوصون بمشروبات طبيعية لتحسين الأداء الإدراكي
المغرب اليوم - خبراء التغذية يوصون بمشروبات طبيعية لتحسين الأداء الإدراكي

GMT 23:49 2020 الخميس ,03 أيلول / سبتمبر

"صراع" أندية إسبانية على نجم الرجاء السابق

GMT 06:52 2018 الخميس ,15 تشرين الثاني / نوفمبر

الفيضانات تجبر 2000 شخص على إخلاء منازلهم في الأرجنتين

GMT 22:06 2018 السبت ,27 تشرين الأول / أكتوبر

المكسرات تقلل خطر الموت المبكر من سرطان القولون

GMT 15:01 2018 السبت ,27 تشرين الأول / أكتوبر

خط كهرباء يصعق 7 أفيال برية في غابة شرق الهند

GMT 01:47 2018 الثلاثاء ,25 أيلول / سبتمبر

5 صيحات جمالية عليك تجربتها من أسبوع نيويورك للموضة

GMT 13:04 2018 الإثنين ,09 تموز / يوليو

أمير كرارة يعتزم تقديم جزء جديد من مسلسل "كلبش"

GMT 07:38 2018 السبت ,12 أيار / مايو

مجوهرات شانيل لإطلالة جذابة في ربيع 2018

GMT 05:18 2016 السبت ,29 تشرين الأول / أكتوبر

طرق تحسين إضاءة المنزل بعد انقضاء الشتاء وحلول الخريف

GMT 18:56 2013 الأربعاء ,20 شباط / فبراير

مطعم أردني يقدم الأكلات التراثية في جو عائلي حميم

GMT 09:23 2013 الجمعة ,15 شباط / فبراير

جسور لندن تأخذ المارة من الماضي إلى الحاضر
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
RUE MOHAMED SMIHA ETG 6 APPT 602 ANG DE TOURS CASABLANCA MOROCCO
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib