في ثقافيّات النازيّة التي يكثر السعي إلى تقليدها
الرئيس الأميركي يبدأ جولة دبلوماسية في منطقة الخليج العربي من 13 إلى 16 مايو 2025 تشمل السعودية والإمارات السلطات السورية تعتقل كامل عباس أحد أبرز المتورطين في مجزرة التضامن في دمشق وزارة الصحة الفلسطينية تعلن الحصيلة الإجمالية منذ بدء العدوان في السابع من أكتوبر 2023 بلغت 51,266 شهيدًا و116,991 إصابة الشرطة الإسرائيلية تبحث عن رجل مفقود بعد تعرضه لهجوم سمكة قرش قبالة الساحل إسرائيل تحذف تعزية في وفاة البابا فرنسيس بعد موجة غضب واسع وردود فعل غاضبة من متابعين حول العالم وفاة الفنان المغربي محسن جمال عن 77 عاماً بعد صراع مع المرض الجامعة الملكية المغربية لكرة السلة تقرر توقيف منافسات البطولة الوطنية في جميع الأقسام بصفة مؤقتة وطارئة الصين تطلق ستة أقمار اصطناعية تجريبية من طراز "شيان 27" إلى الفضاء شاب يخسر أكثر من 2400 دولار بعد تحميل صورة عبر واتساب وزارة الصحة الفلسطينية تعلن عن نقص حاد فى مواد الفحص يحرم مرضى الأورام من التشخيص
أخر الأخبار

في ثقافيّات النازيّة التي يكثر السعي إلى تقليدها

المغرب اليوم -

في ثقافيّات النازيّة التي يكثر السعي إلى تقليدها

حازم صاغية
بقلم - حازم صاغية

غالباً ما يكون تشبيه ظاهرات الطغيان والديكتاتوريّة بالنازيّة (أو الفاشيّة) ضرباً من المبالغة، وكثيراً ما تكون المبالغة حمقاء. إلى هذا فالنازيّة (والفاشيّة) أكبر من مجرّد شتيمة وأخطر كثيراً من أن تكون كذلك. لقد كان من عيوب اللغة السياسيّة التي أسّسها ستالين أنّها موّهت معنى المصطلح وضيّعت خصوصيّته حين عمّمت إطلاقه على خصومها كائنين من كانوا وبسبب أو لا سبب.

مع هذا فالتوجّهات العريضة في السياسات الثقافيّة للنازيّة، وكذلك المفاصل الأساسيّة في حياة «زعيمها» كـ «مثقّف»، تقدّم حالة مثلى يمكن القياس عليها اقتراباً أو ابتعاداً. واليوم، مع الشعبويّات وانفجار الهويّات على أنواعها، تتكاثر في العالم كلّه، وفي عداده بالطبع منطقتنا، تلك التوجّهات التي يصحّ أن تُقاس على الحالة المثلى المذكورة، أأدركت ذلك واعيةً أم لم تدركه.

فأدولف هتلر الذي غالباً ما وُصف بـ «الفنّان المحبط» و»الرسّام الفاشل»، وبـ «مهندس العمارة الذي لم يكن»، رفضته الأكاديميّة الفنّيّة في فيينا مرّتين بحجّة نقص موهبته. ومثلما حقد شابّاً على عاصمة الهبسبورغيّين، حيث عاش بين 1906 و1913، كارهاً حداثيّتها وتعقيد حياتها الثقافيّة وحسّ الحرّيّة فيها وتعدّد الأقوام في عالمها الإمبراطوريّ، فإنّه وجد الكثير ممّا يكره في برلين التي انتقل إليها لاحقاً، ككوزموبوليتيّتها إبان جمهورية فايمار وما اعتبره نفوذاً قويّاً يتمتّع به اليهود من قاطنيها.

وبشعار «استيقظي يا ألمانيا»، باشر هتلر هجومه على الحياة الثقافيّة التي يخدّرها اليهود، ومَن سواهم، ولكنْ أيضاً بمشاركة الماركسيّة والبلشفيّة والليبراليّة والدعوات المتفلّتة إلى الحرّيّة والفلتان الإباحيّ، وهذا دون نسيان أدوار شيطانيّة أخرى يلعبها السلاف المنحطّون الغرباء والولايات المتّحدة وهي دائماً رمز الشرّ. وهؤلاء الأعداء الكُثر إنّما يجدون امتدادهم في غالبيّة المثقّفين الألمان الكبار الذين «يحطّمون العائلة» و»يسيئون إلى الأخلاق» و»يُضعفون مناعة الأمّة»، وبعضُ هؤلاء كانوا من أهمّ رموز الإبداع، لا في ألمانيا فحسب، بل في العالم بأسره. ولئن قُتل مثقّفون وانتحر مثقّفون، فقد فرّ منهم من استطاع الفرار من الجحيم النازيّ في أكبر موجات الهجرة الثقافيّة في التاريخ. ولأن الكتب، على عكس الكتّاب، لا تستطيع الفرار، فقد عولجت بالإحراق في استعراضات جماهيريّة وطقسيّة موسّعة. والحال أنّ التهام النار أعمال مؤلّفين ألمان وغير ألمان، ويهود وغير يهود، كان أحد الأعمال المبكرة التي افتُتح بها وصول النازيّين إلى السلطة عام 1933. هكذا بوشر، بغطاء من خطابات جوزيف غوبلز الملتهبة والغضوبة، بتطهير ألمانيا والألمان من كلّ ما يتهدّدهم بالفساد الأخلاقيّ وبتدمير العائلة والتقاليد والقيم.

يومذاك سادت نظريّة نازيّة تقول إنّ الألمانيّ لا يكتسب قناعاته السليمة من الحجج والجدال، أي من إعمال العقل والمنطق، بل يأتي بها من خلال تفجير الطاقات الحيويّة للأمّة. وتوازى ذلك مع نظريّة أخرى ليست أقلّ احتقاراً للعقل، مفادها تمجيد الريف والطبيعة والفطرة والكمال الجسمانيّ والذكورة، ومعها الفولكلور الفلاّحيّ على أنواعه بوصفه مرآة «روحنا وتقاليدنا». فنحن كلّنا عائلة قوميّة واحدة سعيدة ومتأهّبة، نزهو بالدم والتراب والأصل الراقي، ونفخر بالمجتمع بوصفه كلّ شيء فيما ننبذ الفرد بوصفه اللا شيء. وبالطبع لم تقتصد التوتاليتاريّة النازيّة في إصدار أحكام عريضة النطاق تطال كلّ ما تقع عليه اليد والعين: من موقع المرأة بوصفها الأمّ ومدبّرة المطبخ ومرتادة الكنيسة لا أكثر، إلى الموسيقى حيث يحظى ريتشارد فاغنر بكل التمجيد فيما يوصَم أولئك الذين تستهويهم موسيقى الجاز منحطّين مصابين بـ»حبّ الزنوج»...

بلغة أخرى، إذا كانت الثقافة تعبيراً عن حرّية الفرد وخياره، وعن الجوامع بين البشر، فهي، تبعاً للنازيّة، مادّة لتفريق البشر وتبويبهم، ولإخضاع الإنسان واستبعاده. ذاك أنّ ما يحكمها هو اعتبارٌ غير ثقافيّ يوجّهها ويوازي خضوع الفرد للجماعة التي هي، بدورها، خاضعة للزعيم. فالثقافة المقبولة تحدّدها «مصلحة عامّة» ما، أو رؤية قوميّة أو وطنيّة أو دينيّة ما، أو شروط صمود ومواجهة ما، ودائماً وفق التعريف الذي تختاره لتلك المصطلحات المجموعة الحاكمة وزعيم يعاني نقصاً في الموهبة.

وفي هذه الغضون يستطيع «الديكتاتور العظيم»، كما رسمه تشارلي شابلن وسخر منه في 1940، أن يحوّل رداءته كمثقّف إلى سلطة تصنع الحياة الثقافيّة وتعلّم الشعب ما هي قيمه وتقاليده، وكيف ينبغي عليه أن يعيش ويفكّر ويشاهد، كي لا يكون منحطّاً أو خائناً أو غير ذلك ممّا يزخر به قاموس التشهير.

وما الأسطر أعلاه إلاّ بقصد التذكير، خصوصاً أنّ الزعماء يتناسلون بكثرة مدهشة في أيّامنا، من دون أن يكون لدى أيّ منهم ريتشارد فاغنر يأمرنا بالاستماع إليه.

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

في ثقافيّات النازيّة التي يكثر السعي إلى تقليدها في ثقافيّات النازيّة التي يكثر السعي إلى تقليدها



GMT 08:38 2025 الأحد ,09 شباط / فبراير

اختلاف الدرجة لا النوع

GMT 20:02 2025 الأحد ,19 كانون الثاني / يناير

عالم جديد حقًا!

GMT 06:19 2025 الأحد ,12 كانون الثاني / يناير

جانب فخامة الرئيس

GMT 19:43 2025 السبت ,11 كانون الثاني / يناير

أصول النظام السياسى

GMT 19:56 2025 الثلاثاء ,07 كانون الثاني / يناير

عيد سعيد!

تنسيقات مثالية للنهار والمساء لياسمين صبري على الشاطيء

القاهرة ـ المغرب اليوم

GMT 16:47 2022 الجمعة ,14 كانون الثاني / يناير

حزب التجمع الوطني للأحرار" يعقد 15 مؤتمرا إقليميا بـ7 جهات

GMT 21:32 2025 الجمعة ,11 إبريل / نيسان

تشيلسي يجدد عقد الإدريسي حتى 2028

GMT 21:14 2025 الجمعة ,11 إبريل / نيسان

ميسي يقترب من تجديد عقده مع إنتر ميامي

GMT 21:27 2025 الجمعة ,11 إبريل / نيسان

رفض استئناف أوساسونا بشأن لاعب برشلونة

GMT 20:55 2025 الإثنين ,24 آذار/ مارس

جزارون يتخلصون من لحم إناث الغنم
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib