عودة المتنبي إلى دجلة

عودة المتنبي إلى دجلة

المغرب اليوم -

عودة المتنبي إلى دجلة

سمير عطا الله
بقلم : سمير عطا الله

أعادت بغداد ترميم شارع المتنبي، أشهر شوارعها وأشهر شعرائها وأشهر معالمها الثقافية. وتباع في الشارع الصغير على دجلة، الكتب القديمة والتراثية والمستعملة، وتعقد فيه النشاطات الثقافية والفنية. وللثقافة والفنون والكتب أعداء حتى في العراق، وهؤلاء فجروا الشارع، كما سرقوا أحد أهم المتاحف العالمية من عاصمة المأمون، أكثر الخلفاء العباسيين شغفاً بالثقافة.
معظم مدن وعواصم العالم لها «سوق الكتب» القديمة التي تضيف إلى صورة العراقة والثقافة. حدائق الأزبكية في القاهرة، وأكشاك الضفة اليسرى على نهر السين، ومكتبات لندن في جميع الأحياء، ومكتبة ستراند الهائلة في نيويورك، و«درج إسبانيا» في روما. وعودة «شارع المتنبي» عودة للشغف الثقافي الذي تميز به العراقيون. وهم يحتلون حيزاً كبيراً من حركة النشر في العام العربي، خصوصاً في الترجمة التي قد تبدو أحياناً خاسرة على الصعيد المالي، لكنها عمل حضاري مؤكد. وهي تفتح أمام الذين لا يعرفون اللغات الأجنبية آفاقاً ثقافية وأدبية وفكرية، هي الأهم في مسيرة التطور والعلم.
حظي الاحتفال بعودة شارع المتنبي بتفجير سفيه يجسد الفارق بين تكريم أعظم شعراء العرب وبين جهالهم. لكن ألف تفجير لا يمكن أن يلغي بيتاً من شعره. فالديوان ليس في النصب الذي أقيم له، وإنما في ذاكرة العرب. وما حدث علامة فارقة بين الذي خلد كل من أتى على ذكره، وبين مفجر لن يذهب اسمه أبعد من مخفر الشرطة. قبل عامين صدر للعالم الجغرافي البريطاني جاستن ماروزي، كتاب بعنوان «بغداد: مدينة السلام، مدينة الدماء»، وهو من أمتع الكتب التي روت تاريخ مراحل العاصمة العراقية. ويتقدم المؤلف بالشكر لعدد من الأساتذة الذين قدموا له المشورة في وضع الكتاب، بينهم الزميلة مينا العريبي.
أعاد إلينا حدث التفجير وقع عنوان «مدينة السلام، مدينة الدماء». مدينة الثقافة ومدينة أعدائها. ويقول ابن خلدون إنه عندما نقلت بغداد صناعة الورق إلى العالم في عصر الرشيد أدت بذلك خدمة للإنسانية أجمع. وليس عودة شارع المتنبي سوى علامة بسيطة في عودة الحياة إلى العراق الذي عرف «برحم الشعر». وبعض علماء الغرب يعتبرون أن بابل هي أم الحضارات وليست «أم المعارك». وكانت بغداد تقيم في عهد صدام حسين مهرجاناً شعرياً هدفه الأوحد تمجيد صاحب الدعوة.
سألت صديقاً لي خبيراً بالفنون ما الفارق بين اللوحات؟ قال، كالفارق في الشعر. اللوحة التي ترسم بناء على طلب منك لا قيمة لها مهما كانت، أما اللوحة التي يرسمها الفنان تجاوباً مع شعوره ورغبته وموهبته، فإنها تباع بالملايين. وللمناسبة فإن الرسامين العراقيين تقدموا جميع الرسامين العرب في القرن الماضي. متى تصبح مدينة المتنبي مدينة السلام، ويعفيها السفهاء من مدينة الدمار - 800 ألف قتيل ومليون مشرد.

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

عودة المتنبي إلى دجلة عودة المتنبي إلى دجلة



GMT 08:38 2025 الأحد ,09 شباط / فبراير

اختلاف الدرجة لا النوع

GMT 20:02 2025 الأحد ,19 كانون الثاني / يناير

عالم جديد حقًا!

GMT 06:19 2025 الأحد ,12 كانون الثاني / يناير

جانب فخامة الرئيس

GMT 19:43 2025 السبت ,11 كانون الثاني / يناير

أصول النظام السياسى

GMT 19:56 2025 الثلاثاء ,07 كانون الثاني / يناير

عيد سعيد!

النجمات يخطفن الأنظار بصيحة الفساتين المونوكروم الملونة لصيف 2025

بيروت ـ المغرب اليوم
المغرب اليوم - 6 طرق بسيطة للحفاظ على صحة المفاصل ومرونتها

GMT 04:12 2019 الجمعة ,19 إبريل / نيسان

أبرز الأحداث الفلكية للأبراج هذا الأسبوع

GMT 10:33 2023 الإثنين ,04 كانون الأول / ديسمبر

تعرّف على المعدل الطبيعي لفيتامين "B12" وأعراض نقصه

GMT 22:42 2022 الجمعة ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

سوق الأسهم الأميركية يغلق على انخفاض

GMT 05:44 2022 الجمعة ,04 تشرين الثاني / نوفمبر

تراجع أسعار النفط في المعاملات المبكرة الجمعة

GMT 22:31 2022 الأحد ,19 حزيران / يونيو

المغرب يتسلم 4 طائرات أباتشي متطورة

GMT 14:42 2021 الخميس ,07 كانون الثاني / يناير

والد صاحبه الفيديو الإباحي يخرج عن صمته و يتحدث عن ابنته

GMT 19:31 2020 الإثنين ,09 تشرين الثاني / نوفمبر

تحمل إليك الأيام المقبلة تأثيرات ثقيلة

GMT 08:54 2019 الإثنين ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

رابطة حقوقية تدين احتلال إسبانيا لأراضٍ مغربية

GMT 03:10 2019 الأحد ,17 تشرين الثاني / نوفمبر

الكشف عن أفضل 7 أماكن في جمهورية البوسنة والهرسك

GMT 07:59 2019 السبت ,22 حزيران / يونيو

الرئيس الأميركي يعين مارك إسبر وزيرًا للدفاع

GMT 21:53 2018 الجمعة ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

استمتعي بعطلة ساحرة وممتعة على متن أفخم اليخوت في العالم

GMT 08:33 2018 الثلاثاء ,30 تشرين الأول / أكتوبر

دراسة حالة الاقتصاد الروسي تعكس تراجع مؤشر ثقة قطاع الأعمال

GMT 01:47 2018 الإثنين ,15 تشرين الأول / أكتوبر

دراسة أميركية تؤكد أن ثرثرة الأطفال دليل حبهم للقراءة
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
RUE MOHAMED SMIHA ETG 6 APPT 602 ANG DE TOURS CASABLANCA MOROCCO
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib