إدمان الثرثرة
أخر الأخبار

إدمان الثرثرة

المغرب اليوم -

إدمان الثرثرة

سمير عطاالله
بقلم : سمير عطاالله

دمّرت الحرب العالمية الثانية بلدان «المحور» و«الحلفاء» على السواء. تحوّلت ألمانيا واليابان المعتديتان إلى ركام وتراب، وخرجت لندن من تحت الغارات الهتلرية حطاماً وفقراً. لم تنجُ دولة من دول الفريقين من نيران الجحيم المتبادلة بين الحلم النازي الفاشستي، ومحاولة الصمود الديمقراطي. وكانت الدولتان الأكثر خراباً هما الأكثر تخريباً، أي ألمانيا واليابان. بعد 15 عاماً، سافرت مع حقيبة جلدية فائقة التواضع، إلى ألمانيا. لم يكن فيها أي أثر لأي حرب، لا في شوارعها ولا في محطّات قطارها ولا في بيوتها، ولا خصوصاً في نفوس الناس. كانت مدنها قد نسيت تماماً زمن الخراب، وعادت دولاً صناعية من الدرجة الأولى، تصدّر إلى العالم أجمع أفخم السيارات وأمتنها والأكثر قدرة على المنافسة. وفي المقلب الآخر من العالم، كانت اليابان تعيد تعمير ما خرب وتتحوّل إلى الدولة الصناعية الثالثة في العالم. أما الثانية فكانت بالطبع ألمانيا الغربية.

جرت في الدولتين محاكمات عسكرية للمسؤولين عن القتل والإبادة. وهي طبعاً محاكمات المهزوم أمام المنتصر. وانتعش الازدهار البريطاني خلال سنوات قليلة، ولم يعد سكّان لندن يقللون أكياس الشاي وحبّات السكّر. فبالنسبة للذين لم يكونوا في قلب الحرب، التي أدّت إلى دمار ما بعده دمار، لم تكن هناك أي علامة يتذكّرونها بها. حتى إيطاليا الأكثر كسلاً وغناءً، صارت الحرب خلفها بأشواط. وعادت الأنوال والمصانع والفبارك والسفن والطائرات والقطارات تعمل لكي تمحو الأمس وتكتب المستقبل.
لا تُقاس نكبة 1948 وهزيمة 1967 والحرب الأهلية اللبنانية وحروب الفصائل الفلسطينية، بشيء مما حدث لأوروبا خلال حربين عالميتين. ثمة أجيال لا تعرف عن الحرب إلا من كُتب التاريخ والأفلام الوثائقية. وحتى الجيل الحاكم في القارّة، لم يعد جيل الحرب. ومن يقارن بين نهوض الأوروبيين والحالة الكارثية التي تعمّ العالم العربي، لا بدّ أن يطرح السؤال الساذج والكثير الوضوح: لماذا ينسون ونتذكّر، ولماذا يتقدّمون ونتأخّر، ولماذا يعيشون في سلام ونعيش، أو بالأحرى نموت، في حروب بلا نهايات؟ نصف قرن على نكسة 67 ونحن نتبادل التهم بالخيانة والانكسار والتآمر، ونبحث عن المسؤول في متاهة لا نهاية لها. وبعد خمسين عاماً، لا تزال اقتصاداتنا اقتصاد المهزوم، ولا يزال إنتاجنا بدائياً ومتخلّفاً أمام نهضات العالم من آسيا إلى أفريقيا. لذلك يخاطبنا الآخرون بتكبّر وغطرسة، ويقدّمون لنا الظلم على أنّه كلّ ما نستحق من عدالة، ويعرضون علينا ثمناً للأشياء التي لا ثمن لها: الأرض والكرامة.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

إدمان الثرثرة إدمان الثرثرة



GMT 16:41 2025 الأحد ,20 إبريل / نيسان

فصح حزين على ما يجري للأمة وفلسطين

GMT 23:50 2025 الخميس ,17 إبريل / نيسان

قادم أخطر على جماعة الإخوان

GMT 18:23 2025 الأربعاء ,16 إبريل / نيسان

إلى محافظ القاهرة

GMT 15:25 2025 الجمعة ,14 آذار/ مارس

شبحان فرنسيان والرئيس ماكرون

تنسيقات مثالية للنهار والمساء لياسمين صبري على الشاطيء

القاهرة ـ المغرب اليوم

GMT 03:28 2015 الإثنين ,26 تشرين الأول / أكتوبر

باحثون يكشفون أنّ تجميد البويضات لتأخير الحمل خرافة

GMT 01:39 2017 الإثنين ,06 تشرين الثاني / نوفمبر

البرتغالي جوزيه مورينيو يتجاهل إيدين هازارد لاعب تشيلسي

GMT 18:18 2025 الخميس ,20 آذار/ مارس

الرجاء يحتفل بمرور 76 عاما على تأسيسه

GMT 19:32 2023 الأحد ,03 كانون الأول / ديسمبر

المغربي حكيم زياش يواصل التألق في غلطة سراي

GMT 17:20 2023 الأربعاء ,26 إبريل / نيسان

إصابة صحفي إيطالي في مدينة خيرسون

GMT 17:56 2022 الأربعاء ,16 تشرين الثاني / نوفمبر

التشيك تواصل استلام النفط الروسي عبر "دروجبا"

GMT 15:53 2022 الثلاثاء ,25 تشرين الأول / أكتوبر

شركة “ميتا” تعمل على إعادة تشغيل "واتساب"
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib