في ظلال الصنوبر

في ظلال الصنوبر

المغرب اليوم -

في ظلال الصنوبر

سمير عطا الله
بقلم : سمير عطا الله

دخلت قريتي العصر التكنولوجي كلياً فيما ما زلت أناضل لأتعرف على «الواتساب»، وأوفر بذلك جزءاً من راتبي. وفي العصر الإلكتروني يحرص المجلس البلدي على إبلاغ جميع الأهالي بجميع نشاطاته، بحيث إذا كان لدى أحد اعتراض ما، فليتفضل ويعترض.
وأنا أتمنّى عالياً هذا التطور الآلي بين الصنوبرات والسواقي، ولكنني لا أعرف كيف أجيب عن الأسئلة التي تطرحها البلدية، خصوصاً العاجل منها. وقد صادف مرة أن كنت أتمشى على «فيفث أفنيو»، عندما رن هاتفي أو رجّ رجّة الرسائل، فإذا بها رسالة من البلدية تطلب التصويت في مسألة تلزيم قطف أحراج الصنوبر العائدة للعموم. ورحت أبحث على «الفيفث أفنيو» عن طريقة للتصويت والويل لي. في مرة أخرى كنت أدخل الطائرة في باريس، عندما رن فرع الرسائل ففتحت الجوال لأرى أن الأزمة تحتاج إلى تدخّل عاجل: يوسف ياسين باع مصنعه للحجارة إلى تاجر أكياس بلاستيكية، هل توافقون؟ بما أنني لم أذهب إلى تلك المنطقة من القرية منذ ولادتي، قلت في نفسي إن في إمكان المسألة الانتظار.
قد يبدو هذا الكلام سفيهاً: أنا أتكبر على قريتي من فيفث أفنيو وهي تعيش قضاياها الحياتية. وهي همها مصنع يوسف ياسين وأنا همي أن ألقى مقعداً على رحلة لندن. لكن هذه هي الحياة، القرية في مكانها، وأبناؤها في أنحاء الأرض. بعضهم من أنجح الأوروبيين في أوروبا وبعضهم أنجح من الأميركيين في أميركا، وقد آن للقرية المسكينة أن تدرك أن المسألة أعمق من حنين إلى ساقية الرملة.
يبعد عني مصنع يوسف ياسين نحو ألف عام. وكذلك البلدية. لكنها قرية أمي وأرضها ومثواها. وليس من محبة أعظم من محبتها. وأنا سعيد أن أرى القرية التي تعلمت فيها الحرف قد سبقتني بسنوات إلى دنيا «آبل» وعالم «غوغل». وكم أشعر بالمهانة وأنا في فيفث أفنيو، وأنا غير قادر على ردّ الرسالة الإلكترونية إلى «الكروم» و«النبعة» و«الخلّة» و«القصر البلدي»، الذي بني على أرض كانت لي، وكانت مزروعة أشجار كرز، فقام فيها الآن مبنى رائع. نجول نحن أبناءها حول العالم متعبين قلقين وحيارى، وتبقى هي هانئة في تلال الصنوبر إلى أن تثار قضية البلاستيك، فتعلن التعبئة العامة وصولاً إلى نصف الكرة الجنوبي.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

في ظلال الصنوبر في ظلال الصنوبر



GMT 08:38 2025 الأحد ,09 شباط / فبراير

اختلاف الدرجة لا النوع

GMT 20:02 2025 الأحد ,19 كانون الثاني / يناير

عالم جديد حقًا!

GMT 06:19 2025 الأحد ,12 كانون الثاني / يناير

جانب فخامة الرئيس

GMT 19:43 2025 السبت ,11 كانون الثاني / يناير

أصول النظام السياسى

GMT 19:56 2025 الثلاثاء ,07 كانون الثاني / يناير

عيد سعيد!

أمينة خليل تتألق بفستان زفاف ملكي يعكس أنوثة ناعمة وأناقة خالدة

القاهرة - سعيد الفرماوي

GMT 06:18 2020 الثلاثاء ,06 تشرين الأول / أكتوبر

حظك اليوم برج الحمل الجمعة 30 تشرين الثاني / أكتوبر 2020

GMT 17:42 2020 الجمعة ,01 أيار / مايو

أبرز الأحداث اليوميّة

GMT 22:00 2023 الثلاثاء ,09 أيار / مايو

الشرطة المغربية تضبط شخصين في مدينة أكادير

GMT 17:36 2025 الخميس ,24 إبريل / نيسان

الذهب يرتفع بنسبة 1.5% وسط إقبال قوي على الشراء

GMT 08:31 2018 الإثنين ,01 تشرين الأول / أكتوبر

الاتحاد السكندري في المجموعة الأولي للبطولة العربية للسلة

GMT 03:22 2018 الأحد ,23 أيلول / سبتمبر

فخامة مطعم Fume العصري في فندق Manzil Downtown

GMT 12:08 2024 الإثنين ,11 آذار/ مارس

مواعيد عرض مسلسل صدفة على قناة الحياة
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib