مسلسل احتضار

مسلسل احتضار

المغرب اليوم -

مسلسل احتضار

سمير عطا الله
بقلم : سمير عطا الله

تقسم الدول وفق مفاهيم تأسيسها، إلى ولايات، أو إمارات، أو محافظات، أو مقاطعات أو جهات. والهدف ليس الفصل بينها، بل تنظيم الوصل والوحدة في ظل مركزية واحدة وقوانين واحدة وتأكيد مبدأ المساواة، وبالتالي، العدل. كل هذه مفاهيم بديهية طبعاً، تتعرض أحياناً للخلل. الدولة الوحيدة التي تعاني من خلل دائم في مسارها الوطني هي لبنان. فمن حيث الشكل، تم تقسيمه إلى محافظات وأقضية وفقاً للنسب الطائفية. غير أن الحاصل هو أن الحروب الأساسية والدائمة هي بين الطوائف نفسها. أقدمها وأكثرها شراسة ودموية هي بين الموارنة أنفسهم. يليها انقسام الدروز تاريخياً مع أولوية دائمة لآل جنبلاط، الذين خرجت منهم شخصيات تاريخية في الرجال وفي النساء. الشيعة كانوا ينقسمون في الماضي بين الإقطاع وتمرد اليسار، وهم الآن يخوضون المعركة الانتخابية موحدين مرحلياً، لأن بقاء التحالف بين «أمل» نبيه بري و«تيار» ميشال عون ينتهي مفعوله لحظة إعلان النتائج.
الخلاف السني - السني ليس جديداً. الجديد فيه ضراوته. والرجل الذي كان يفترض أن يتزعم الحركة السياسية السنية في أصعب مراحلها منذ الاستقلال، لم يقرر فقط العزوف، بل مقاطعة الانتخابات. مشهد لا يذكر إلا بالموارنة، أمس واليوم وغداً: أولاً الانقسام ضمن البيت الواحد بين سعد الحريري وشقيقه البكر، وثانياً بين الحريري وحلفاء وأصدقاء الأمس من سنة ومسيحيين ودروز وشيعة. وفيما يجلس الحريري خلف صمته الغامض، يغرد بعيداً عنه سياسيون بارزون وقياديون مثل فؤاد السنيورة ونهاد المشنوق ومصطفى علوش وأحمد فتفت وسواهم.
المستفيد الأول من هذه البلبلة العامة هو «حزب الله». وعزوف الحريري «المؤقت» أكبر هدية تقدم إليه. وما كان تردداً في حسابات الربح والخسارة أصبح مرجحاً. هذا الوضع له تسمية في الفرنسية: الخسارة المربحة. وأريد أن أقول للرئيس المعتكف إن السياسي الناجح هو الذي يعرف كيف يخسر، وليس فقط كيف ينجح.
والمؤسف أن الرجل أخفق في نجاحه وأخطأ في الخسارة والابتعاد عن حلفائه، عن حق أو عن خفة. الكثير من خيارات سعد الحريري كان خاطئاً وقصير المدى. ولذلك كانت أضراره بعيدة المدى، عليه وعلى لبنان. وكثير من الدروب التي اختارها، طوعاً أو خلافه، تؤدي إلى ما أدت إليه.
لا تليق الانتخابات للبنانيين. شعب يهوى الرقص على قبره. دفع المرشحون 100 ألف دولار للظهور في البرامج التلفزيونية من أجل اجترار الكلام نفسه. والناس جائعة وحزينة وتأكل من أكياس القمامة في الشوارع. والقمامة تلال وجبال وشواطئ. ومرض وأذلاء. وعتم وظلام وقهر ووقاحات يشيب لها الولدان. قدر ولا قضاء. وقضاء ولا حياء. امرأة تعبر بيروت نصف عارية لكي تحمل القضاء على النظر في دعوى طلاقها وأحقيتها بحضانة أطفالها. لا. لم نرَ مشهد هذا الزوال من قبل. قضاء لا يريد النظر في دعوى طلاق، ولا يقدر على النظر في ثالث أقوى انفجار في التاريخ. وشعب معركته على التلفزيون، ما بين غائب عن الوعي، وغائب عن الضمير، وغائب عن الإحساس. أجل!
إلى اللقاء...

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

مسلسل احتضار مسلسل احتضار



GMT 08:38 2025 الأحد ,09 شباط / فبراير

اختلاف الدرجة لا النوع

GMT 20:02 2025 الأحد ,19 كانون الثاني / يناير

عالم جديد حقًا!

GMT 06:19 2025 الأحد ,12 كانون الثاني / يناير

جانب فخامة الرئيس

GMT 19:43 2025 السبت ,11 كانون الثاني / يناير

أصول النظام السياسى

GMT 19:56 2025 الثلاثاء ,07 كانون الثاني / يناير

عيد سعيد!

ميريام فارس تتألق بإطلالات ربيعية مبهجة

القاهرة - المغرب اليوم

GMT 06:09 2016 الأحد ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

فتاح العلوي يوجه انتقادات لاذعة إلى لاعبي "أسود الأطلس"

GMT 00:03 2019 الثلاثاء ,07 أيار / مايو

النجمة ليدي غاغا ترتدي ملابس جريئة في حفل عشاء

GMT 13:42 2018 الجمعة ,06 تموز / يوليو

الوجدي للملاكمة يفوز ببطولة المغرب وزن 91 كلغ

GMT 12:57 2016 الخميس ,21 كانون الثاني / يناير

بنك الرياض يطلق برنامج التمويل العقاري الإضافي

GMT 15:54 2017 السبت ,20 أيار / مايو

شباب إيران بين... نِفاقيْن!

GMT 14:15 2014 الثلاثاء ,23 أيلول / سبتمبر

رسم شخصيات كرتونية على وجوه الأطفال يبهجهم في دمشق

GMT 06:09 2017 الجمعة ,10 آذار/ مارس

عزيزي لشكر.. لا تستغرب أن أناديك يا عزيزي…

GMT 20:59 2017 الأحد ,22 تشرين الأول / أكتوبر

طوارئ في حسنية أكادير قبل مواجهة الرجاء

GMT 01:52 2017 الأحد ,29 كانون الثاني / يناير

الضحك من الأمور المفاجئة و الغريبة التي تسبب الإغماء
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib