شريد طنجة

شريد طنجة

المغرب اليوم -

شريد طنجة

سمير عطا الله
بقلم - سمير عطا الله

لو كان محمد شكري حياً (1935 – 2003) لكان الآن في التسعين من العمر يتناول القهوة في «الكافيه دو باري» في طنجة، ويكتب فصلاً آخر من «الخبز الحافي» أو «الشطار»، أو تلك الملاحم القاسية من البؤس والعوز والقسوة، ونوم الليالي الجائعة في مقابر طنجة، يدخن أعقاب السجائر، السباسب.

جاء محمد شكري من بلاد «الريف» فقيراً لا يعرف قراءة الألف باء. وكان والده سكيراً، ينهال عليه وعلى أمه وجميع العائلة بالضرب. وعندما بكى مرة من جوعه أمام أمه، قالت له الأم: «اصبر قليلاً سوف نجد ما تأكله عندما نصل إلى طنجة».

في نواحٍ كثيرة، كانت المدينة تشبه الفتى القادم؛ فقد كانت خلال الحرب العالمية، وبعدها بقليل، ملاذ المشردين ورفاق السوء. وبُعيد الحرب، اكتشفها الكتَّاب والشعراء الأميركيون الذين يعيشون في باريس، فانتقلوا إلى الحياة في تراخيها وحرياتها.

سارا معاً نحو الحياة. هو، بدأ الدراسة وحصل على شهادة في الخامسة والعشرين، وطنجة بدأت تنمو وتتعظ. لكن المدينة على تراخيها لن تغفر بسهولة للكاتب الجديد تلك الواقعية الوجودية الفجة، ولن يتراجع الفتى البائس. والآن أصبح الكتَّاب الأميركيون الذين يعيشون في المدينة يترجمون أعماله. وتُرجمت «الخبز الحافي» إلى 39 لغة، بينما نقل أعماله إلى الفرنسية، الروائي المغربي الطاهر بن جلون.

هل كان شكري يعرف، أو يدرك، عندما وضع «الخبز الحافي» أنه يتجاوز في «واقعيته» كل شيء؟ هل كان يدرك ماذا يعني لقرائه أن والده في فورة غضب، ظل يضرب شقيقه الأصغر، إلى أن مات بين يديه؟

جميع أعمال محمد شكري جزء من سيرة ذاتية. من تشرد إلى تشرد، ينتهي به الأمر في السجن، وهناك، تبدأ حياته في التغير. يرى يوماً كتابة على

الجدار فيسأل رفيقاً أن يقرأها له. يقرأ الرفيق ويشرح: «إذا الشعب يوماً أراد الحياة... فلا بدّ أن يستجيب القدر». سوف تكون قصيدة أبي القاسم الشابي درس العمر. لكن حياة شكري تظل مغلقة بشيء من القسوة. ومات قبل أن يعتبر النقاد أن عمله أدب، وليس (أباحة). ونفضت طنجة عن نفسها سمعة الخطايا على أنواعها. ويوم غاب، أقيمت له جنازة المكرمين. وحمل النعشَ إلى مثواه ضباطٌ من رجال الدرك. وحضر وزير الثقافة ومحافظ المدينة. لقد رُفع الحظر عن شريد طنجة.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

شريد طنجة شريد طنجة



GMT 00:10 2025 الثلاثاء ,09 أيلول / سبتمبر

أزمة النووي الإيراني.. أي مسار سنشهد؟‎

GMT 00:06 2025 الثلاثاء ,09 أيلول / سبتمبر

قمة لا غرب فيها

GMT 00:03 2025 الثلاثاء ,09 أيلول / سبتمبر

وميضٌ عربي في بحر الظلمات

GMT 00:00 2025 الثلاثاء ,09 أيلول / سبتمبر

لبنان وخطر العودة إلى العادات القديمة

GMT 23:58 2025 الثلاثاء ,09 أيلول / سبتمبر

«واقعة» صبي المنبر

GMT 23:56 2025 الثلاثاء ,09 أيلول / سبتمبر

«عيد ميلاد سعيد».. أمل جديد!

الكروشيه يسيطر على صيف 2025 ونانسي عجرم والنجمات يتألقن بأناقة عصرية

بيروت ـ المغرب اليوم

GMT 15:02 2017 الخميس ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

يسرا سعيدة بإهداء دورة مهرجان القاهرة السينمائي لشادية

GMT 01:36 2014 الثلاثاء ,28 تشرين الأول / أكتوبر

"لارام" تلغي الخط الجوي الرابط بين الحسيمة والدار البيضاء

GMT 00:59 2016 الإثنين ,18 كانون الثاني / يناير

10 نصائح للفوز بفستان زفاف أنيق يوافق المرأة في سن الأربعين

GMT 23:42 2024 الجمعة ,26 كانون الثاني / يناير

نيللي كريم تُصرح أن جائزة جوي أووردز كانت مفاجأة

GMT 01:12 2024 الأربعاء ,03 كانون الثاني / يناير

إشبيلية يفشل في تأجيل سفر النُصيري

GMT 16:35 2023 السبت ,29 تموز / يوليو

ديكورات لحفلات الزفاف الخارجية لصيف 2023

GMT 23:09 2023 الأربعاء ,11 كانون الثاني / يناير

السعودية تجمع 10 مليارات دولار من إصدار سندات

GMT 16:37 2022 الأحد ,09 كانون الثاني / يناير

4 غيابات للأسود في أولى مباريات "الكان

GMT 21:54 2020 الأحد ,22 تشرين الثاني / نوفمبر

توقّعات العرّافة البلغارية العمياء بابا فانغا لعام 2021

GMT 22:53 2020 الإثنين ,16 تشرين الثاني / نوفمبر

الاتحاد الأوروغوياني يعلن إصابة لويس سواريز بـ فيروس كورونا
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
RUE MOHAMED SMIHA ETG 6 APPT 602 ANG DE TOURS CASABLANCA MOROCCO
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib