مديرية الجمارك

مديرية الجمارك

المغرب اليوم -

مديرية الجمارك

سمير عطا الله
بقلم : سمير عطا الله

صدرت إحدى الصحف العربية الأسبوع الماضي وعنوانها الرئيسي بشارة كاملة للشعوب المسحوقة: أفريقيا تلفظ الاستعمار! السذج من أمثالنا كانوا يعتقدون أن زمن الاستعمار في القارة السمراء قد انتهى يوم أثبت نيلسون مانديلا أحقيّة الإنسان الأفريقي بالحرية أكثر من أي رجل أبيض. فإذا الحقيقة غير ذلك. الحقيقة أن «اللفظ» قد حصل عندما دخل رئيس الحرس عبد الرحمن حقباني على رئيس الجمهورية محمد بازوم. بدل أن يؤدّي تحية الولاء، أدّى خبث الانقلاب.
 

لم تكن هذه أول مرة يُلفظ فيها الاستعمار في أفريقيا. منذ موجة الاستقلال الأولى، أواخر الخمسينات، لم يبقَ بلد أفريقي لم يسعَ فيه العسكر إلى خلع الرئيس المنتخب وإبداله برئيس مدى الحياة. ومعظم هؤلاء، كما أشار علّامة الشؤون الأفريقية عبد الرحمن شلقم، كانوا رقباء، أو رتباء في الشرطة، أعلنوا أنفسهم جنرالات، باستثناء الرقيب أول جان بيدل بوكاسا، الذي توّج نفسه إمبراطوراً؛ لأنه كان معجباً بنابليون. ألم يقل مؤسس علم الاجتماع ابن خلدون إن المظلوم ينحو دائماً إلى تقليد الظالم؟! لكن هواة رمي المعارضين إلى برك التماسيح ذهبوا أبعد من ذلك. ليس في الألقاب، بل في تغييب الشعوب. اكتفى الرقيب أول عيدي أمين بلقب ملك أسكوتلندا، لكنه لم يكتفِ بتسلية التماسيح بجثث معارضيه.

في ليبيريا رأى الرقيب أول صامويل دو، رجال القيادة ينامون مسترخين على الشاطئ. انتزع رشاشه وخلط الدماء بالمياه المالحة، وأعلن نفسه مارشالاً ومحرراً للبلاد. وبعد فترة قصيرة طابت له القيلولة هو أيضاً، فأطلق عليه الرقباء الجدد النار و«قصبوه»، ورموا أشلاءه المقطعة في مياه المحيط.

محمد بازوم لم ينزع لحظة «الشنة الليبية» التي تؤكد أنه أول رئيس عربي في النيجر. لكنه لم ينجُ من سلسلة الانقلابات التي ضربت أخيراً غرب أفريقيا دون استثناء. وفيما أخفق قائد «فاغنر» يفغيني بريغوجين في الحرب الروسية - الأوكرانية، أبلى البلاء الحسن في الصراع مع فرنسا على معادن القارة. وقد جرت العادة أن توّشى الحروب غير النظيفة بمسميات طنّانة كي تغطي حقيقة وطبيعة الأشياء. ولذلك برز فجأة تعبير «لفظ» كي يذكرنا بأن اللغة القاصرة تتخشب لكنها لا تغيب. كم شهدت هذه القارة من عبث سخيف ودماء غالية؟!

هل تعرف ما هو أول التعيينات في النظام الانقلابي؟ «وزارة الخارجية»، و«الدفاع»، والتعليم. إنها مديرية الجمارك. في الحرب اللبنانية كانت خطوة يتخذها فريق منتصر على الآخر، هي السيطرة على أقرب ميناء غير شرعي. إنه باب رزق بلا نهاية.

لا مجال حتى للخجل والتردد أو التمويه. الجمارك، أيها السادة، هي الحياة، والموت والتشرد لفقراء أفريقيا. فجأة انتقل مشهد آلاف الهاربين من الخرطوم إلى نيامي. مئات الآلاف في العراء، هرباً من زعمائهم وجنرالاتهم ورقبائهم. وليس من الاستعمار الذي «لُفِظ». على الأقل جددوا المفردات.

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

مديرية الجمارك مديرية الجمارك



GMT 08:38 2025 الأحد ,09 شباط / فبراير

اختلاف الدرجة لا النوع

GMT 20:02 2025 الأحد ,19 كانون الثاني / يناير

عالم جديد حقًا!

GMT 06:19 2025 الأحد ,12 كانون الثاني / يناير

جانب فخامة الرئيس

GMT 19:43 2025 السبت ,11 كانون الثاني / يناير

أصول النظام السياسى

GMT 19:56 2025 الثلاثاء ,07 كانون الثاني / يناير

عيد سعيد!

نانسي عجرم تتألق بالأسود اللامع من جديد

بيروت ـ المغرب اليوم

GMT 02:45 2020 الإثنين ,15 حزيران / يونيو

مدرب بكين جوان يوضح الوضع محبط وأكثر سوءا

GMT 03:34 2020 الأربعاء ,10 حزيران / يونيو

نصائح الخبراء لتفادي الشعور بالجوع والكسل

GMT 11:45 2019 الأربعاء ,25 كانون الأول / ديسمبر

"مليحة العرب" تطرق أبواب الغناء بـ"غلطة كبيرة"

GMT 20:32 2019 الأحد ,10 تشرين الثاني / نوفمبر

لاعبو شباب الحسيمة يحتجون مجددا على تأخر صرف مستحقاتهم

GMT 13:07 2019 السبت ,12 تشرين الأول / أكتوبر

المنتخب السوداني يستدعي 6 لاعبين من المريخ

GMT 09:26 2019 الثلاثاء ,03 أيلول / سبتمبر

الجيش يكشف عن أهدافه وتعاقداته في مؤتمر صحفي

GMT 15:11 2019 السبت ,09 شباط / فبراير

Ralph & Russo "للخياطة الراقية لربيع 2019

GMT 04:05 2019 الجمعة ,11 كانون الثاني / يناير

الفنان أحمد عز يشرع في تصوير فيلم "يونس"

GMT 17:46 2018 الخميس ,20 كانون الأول / ديسمبر

إدارة السجون توضّح حقيقة اغتصاب سَجين في "عين السبع1"

GMT 01:30 2018 الأربعاء ,14 تشرين الثاني / نوفمبر

غادة إبراهيم تكشف عن استخدام الفوم لعمل عرائس المولد النبوي
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib