حكومة واحدة

حكومة واحدة

المغرب اليوم -

حكومة واحدة

سمير عطا الله
بقلم - سمير عطا الله

كانت إقامتي، تقريباً بين مقاهي الحي اللاتيني من دون عنوان ثابت. وكل من حولي كان جاراً لي، باعتبار أن كل غريب للغريب نسيب. كنت أمضي معظم أوقات التسكع في مقهى «السان ميشال»، ولاحظت بعد فترة أن قبالتي تمثالاً نصفياً لرجل لا بد أن يكون مهماً لكي يعطى هذا الموقع أمام جامعة السوربون. غير أنني لم أكن فضولياً بما يكفي أن أتوقف لبضع دقائق، لأعرف من صاحب التمثال الحزين. وذات يوم وقع الحدث، وقبل أن أتخذ مقعدي في جنة الخمول، اتجهت نحو الرفيق الصامت، المكتوب على قاعدته: أوغست كونت 1798 – 1857، فيلسوف علم الاجتماع.

تشرفنا، أيها العزيز أوغست، أنا جارك العابر المقيم في الزاوية قبالتك. تعرف المتسكعين في باريس من مقاهيهم ومن كراسيهم، ومن ادعائهم مظهر المثقفين، «بينها سجائر الغولواز التي تنطفئ مع كل نفس».

المقيمون في مقاهي الحي اللاتيني، لا يطيلون المقام. يأتي عابر آخر من الحالمين ويحتل كرسي الزاوية، ويصبح في إمكانه أن يروي الحكايات عن جيرانه من ذوي التماثيل والنصب والأعمدة الهائلة.

لم أقرأ عن صديقي أوغست إلا بعد سنوات من مغادرة باريس. وهو عالم اجتماع مرموق، لكن لا مقارنة مع كبيرهم، وعميدهم، ومولانا ابن خلدون. بينما يمضي الوقت، المزيد من السنين في عزلته، لا يزال العالِم المثير موضع الدرس والبحث والانبهار.

حفظت عن جاري السابق، أوغست، أنه اقترح لهذا العالم حكومة عالمية. لا منافسات ولا حروب ولا قتال على نهر أو بركة أو جدول. حكومة لجميع البشر. وعليها رئيس كفء ونشيط وابن حلال.

لا مفر اليوم من أن نفكر في المرشح لهذا المنصب. كثيرون في الغرب يكتبون أن رئيس هذه الحكومة هو دونالد ترمب، وفريق آخر يرشحه لأن يكون إمبراطوراً بحيث يتسع اللقب للمهام العالمية كلها.

يقترح المفكرون والمثقفون ما يقترحون، ويحقق «العمليون» المنجزات ويبنون لنا عالماً واقعياً مليئاً بالثروات المعدنية، ومكتظاً بالصفقات. وإذ يجلس عشرات المنظرين الكبار يتدارسون حلاً لإحدى أكثر مشاكل العالم تعقيداً بين روسيا وأوكرانيا، يقول ترمب: سوف نحلها لكم في 24 ساعة.

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

حكومة واحدة حكومة واحدة



GMT 19:56 2025 السبت ,14 حزيران / يونيو

لا تصنفوا الناس حسب أهوائكم صهيوني ومقاوم !

GMT 19:53 2025 السبت ,14 حزيران / يونيو

وماذا بعد الصباح الإسرائيلي في إيران؟

GMT 19:52 2025 السبت ,14 حزيران / يونيو

فلسطين ومؤتمر «حل الدولتين»

GMT 19:50 2025 السبت ,14 حزيران / يونيو

رأس نتنياهو!

GMT 19:49 2025 السبت ,14 حزيران / يونيو

أسئلة إلى القافلة

GMT 19:47 2025 السبت ,14 حزيران / يونيو

إغراء الشعبوية!

GMT 19:46 2025 السبت ,14 حزيران / يونيو

السبيل لإنهاء النزاع الفلسطيني الإسرائيلي

GMT 19:44 2025 السبت ,14 حزيران / يونيو

الحكمة.. والضربة

أمينة خليل تتألق بفستان زفاف ملكي يعكس أنوثة ناعمة وأناقة خالدة

القاهرة - سعيد الفرماوي

GMT 11:13 2025 الأحد ,15 حزيران / يونيو

الفنان محمود حميدة يستعد لخوض تجربة فنية جديدة
المغرب اليوم - الفنان محمود حميدة يستعد لخوض تجربة فنية جديدة
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib