حرب التماثيل

حرب التماثيل

المغرب اليوم -

حرب التماثيل

سمير عطا الله
بقلم - سمير عطا الله

 

بعد سقوط ستالين أقدم عدد كبير من الروس على تحطيم تماثيله. وبعد سقوط الاتحاد السوفياتي أخفيت نُصب لينين. فالرَّمز الذي تسارع إليه الجماهير الغاضبة عند التغيير هو الزعيم الذي نشر تماثيله في كل مكان، رافعاً يده في مباركة الشعب. والآن حانت الساعة التي يعبر فيها الشعب، في حرية، عن رأيه في الرجل وفي تماثيله.

الأوكرانيون رأوا أن الرمز الحقيقي عند الروس، ليس لينين ولا ستالين، ولا بوتين. إنه شاعرهم العظيم ألكسندر بوشكين. لذلك ما إن بدأت روسيا هجومها على أوكرانيا في فبراير (شباط) 2028 حتى بدأت حرب الساحات من خلال أبِ الأدب الروسي.

أولاً خرج آلاف الروس، معظمهم من الشباب، إلى ساحة بوشكين في وسط موسكو. وقفوا حول تمثاله حاملين لافتات كتب عليها «لا للحرب» لبضع دقائق قبل أن تفرقهم الشرطة.

وبعد خمسة أسابيع، استعادت القوات الأوكرانية بلدة تشيرنيهيف، شمال كييف، التي عانت بشدة لشهر من الاحتلال الروسي، وحيث قُتل المئات. وفي 30 نيسان (أبريل)، أزال الجنود الأوكرانيون تمثالاً لبوشكين، كان قائماً وسط المدينة المحررة منذ عام 1900 ونقلوه إلى المتحف المحلي.

وتمت إزالة ما لا يقل عن 20 تمثالاً لبوشكين من جميع أنحاء أوكرانيا منذ بدء الحرب. ويقول الأوكرانيون إنهم، من خلال أعمال كهذه، يطيحون الإمبريالية الروسية. واستشهدوا بإحدى قصائد بوشكين على وجه الخصوص، «إلى الافترائيين على روسيا»، وهو نص شوفيني ينتقد فيه الأوروبيين لمعارضتهم قمع الجيش الروسي الانتفاضة البولندية عام 1830. لم يقتصر الأمر على الأوكرانيين. في أوائل عام 2022، استحضرت القوات الروسية في أوكرانيا أيضاً بوشكين الإمبراطوري، ووضعت لافتات عليها صورته في البلدات التي استولت عليها، مثل خيرسون، حيث كان يعيش الشاعر.

وكان بوشكين قد أُرسل إلى جنوب أوكرانيا منفياً سياسياً، ويلقب في القرن التاسع عشر بـ«شاعر الحرية». وهو الرجل الذي كتب: «لقد أثنيت على الحرية في عصر قاس»، جملة منقوشة على قاعدة تمثاله في موسكو.

وأثارت حرب أوكرانيا جدلاً حول علاقة الأدب والثقافة الروسية بحربها الإمبراطورية الجديدة. وقد دعا الأوكرانيون وغيرهم إلى «إنهاء الاستعمار» في الأدب الروسي كجزء من نسيج الدولة الإمبراطورية. في مقال نشر أخيراً في مجلة «نيويوركر»، كتبت إليف باتومان: «باختصار، يبدو الأدب مختلفاً اعتماداً على المكان الذي تقرأه فيه».

يقف بوشكين في صلب هذا النقاش، ويرجع ذلك جزئياً إلى عمله، لأنه، بالمعنى الأدبي البحت، ينبع منه كل الأدب الروسي الحديث. ولكن الأمر الأكثر أهمية هو ما يُنظر إليه على أنه يمثله، بسبب تماثيله. وبعد عقود قليلة من وفاته عام 1837 عن عمر يناهز 37 عاماً فقط، تمت ترقيته إلى مرتبة «الكاتب الوطني الروسي». وهذا يجعله رمزاً للثقافة الروسية ككل: فإذا تمت إزالة تمثال بوشكين أو إسقاطه، يشكل ذلك تحدياً لروسيا ككل. ويكشف الجدل الدائر حول تمثال بوشكين عن مفاهيم مختلفة لما تعنيه «الحرية» بالنسبة إلى قراء مختلفين في روسيا وأراضيها الإمبراطورية السابقة.

بالنسبة إلى الأوكرانيين، تعني كلمة «الحرية» الآن صراع الحياة والموت. بعد أن شهدت أعمال العنف التي ارتكبتها روسيا في عام 2014 في شرق البلاد، ثم الغزو في عام 2022. تشعر الغالبية العظمى من الأوكرانيين الآن بالحاجة الوجودية لتحرير أنفسهم من روسيا.

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

حرب التماثيل حرب التماثيل



GMT 08:38 2025 الأحد ,09 شباط / فبراير

اختلاف الدرجة لا النوع

GMT 20:02 2025 الأحد ,19 كانون الثاني / يناير

عالم جديد حقًا!

GMT 06:19 2025 الأحد ,12 كانون الثاني / يناير

جانب فخامة الرئيس

GMT 19:43 2025 السبت ,11 كانون الثاني / يناير

أصول النظام السياسى

GMT 19:56 2025 الثلاثاء ,07 كانون الثاني / يناير

عيد سعيد!

أمينة خليل تتألق بفستان زفاف ملكي يعكس أنوثة ناعمة وأناقة خالدة

القاهرة - سعيد الفرماوي

GMT 16:45 2019 الخميس ,04 إبريل / نيسان

أبرز الأحداث اليوميّة عن شهر أيار/مايو 2018:

GMT 06:06 2016 الخميس ,17 آذار/ مارس

سحر البحر

GMT 13:16 2018 السبت ,07 تموز / يوليو

تمتعي بقضاء عطلة ملكية في فندق "قصر الشرق"

GMT 08:02 2018 الأربعاء ,28 شباط / فبراير

السياح يُقدمون على زيارة غابة "ساغانو" اليابانية

GMT 11:19 2017 الإثنين ,25 كانون الأول / ديسمبر

مطعم Harvey Washbangers يقدّم لك الوجيات ويغسل ملابسك

GMT 09:54 2017 السبت ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

بياض جبال "الأوراس" يعد الوجهة المفضلة لعشاق التزلج

GMT 00:19 2017 الإثنين ,16 تشرين الأول / أكتوبر

عبد الخالق تسعى إلى إنشاء صفوف موسيقية في مدارس الحكومة

GMT 16:32 2017 الخميس ,05 تشرين الأول / أكتوبر

وفد من وكالات السفريات في بيلاروسيا يزور المغرب

GMT 00:51 2017 الخميس ,19 كانون الثاني / يناير

مجموعة "Folli" تُعلن تجهيز مجوهرات فاخرة في 2017

GMT 20:29 2017 الخميس ,05 تشرين الأول / أكتوبر

تعرَف على جمال مدينة دهب جنوب سيناء
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib