رضيعة رحلة دبي

رضيعة رحلة دبي

المغرب اليوم -

رضيعة رحلة دبي

سمير عطا الله
بقلم : سمير عطا الله

لم يكن على الرحلة من دبي إلى بيروت مكان واحد شاغر، ولا كان هناك شك، من هندام الركاب، أنهم جميعاً لبنانيون، وجميعاً من الصفوة المهاجرة، جميعهم في سن الشباب ومراتب العِلم والعَمل. وسألت جارتي العائدة من زيارة أبنائها، في أي حقل يعملون؟ فقالت: في الحقل الذي يعمل فيه الجميع: الفاينانس! الرزق، الرفاه.
عندما شُكلت الحكومة اللبنانية الحالية كان بين وزرائها عبقري من عباقرة الثورات الثقافية. ومن أجل إنقاذ لبنان من البلوى الاقتصادية الشاملة التي يتلوى فيها، اقترح ذيّاك الوزير وقف استخدام حفاضات الأطفال، كما فعلت الصين. غاب عن كونفوشيوس لبنان تفصيل بسيط جداً، هو أن عدد سكان الصين نصف مليار ومليار، وبالتالي، فإن حرمان الطفولة من راحة الحفاض، يشكل جزءاً ضخماً من الوفر، ويستحق التضحية.
لا يهمّ. فالرجل يمثل نموذجاً عن سياسيي المرحلة. وفي أي حال كانت نجمة الرحلة من دبي إلى بيروت رضيعة في شهورها الأولى. وطبعاً كانت بين ذراعي أمها. ومنذ لحظة جلوسهما أمامي بدأتُ - كالعادة - أتقاسم الهموم مع نفسي: كم ستكون هذه الأم الصبية محرجة أمام الركاب عندما تبدأ الطفلة في البكاء. وكم سيكون إحراجها عندما تقوم خلال رحلة تستغرق ثلاث ساعات وعشر دقائق، إلى تغيير لوازم البريئة الساحرة؟ وقد زاد في سحر الطفولة أن الأم صنعت لوليدتها، بما توافر لديها من شعر، ضفيرتين صغيرتين في مقدم الرأس.
سبحان الله في خلقه، وسبحانه في رحلة «طيران الشرق الأوسط» عند العصر. قامت الأم الشابة بوليدتها إلى غرفة التغيير مرتين، غير عابئة بفلسفة التوفير، ولم نسمع للمخلوقة الجميلة صوتاً، أو بكاء. ونامت الطفلة نوماً هانئاً، ثم استيقظت مثل الملائكة. وعند الهبوط يبكي الأطفال عادة من ألم في الأذنين، وما بكت. وعندما التقينا عند حزام الحقائب قلت للأم إنني كنت أدعو لها ولطفلتها طوال الوقت.
خرجنا من المطار فسارعت أقول لزوجتي إن وزيراً في حكومتنا لم يخطر له سوى حرمان الرضّع من حماية الحفاض، فيما يمضي محمد بن راشد في بناء معجزة عمرانية خيالية، من أجل أبناء بلده وأبناء هذا العالم، خصوصاً اللبنانيين منهم.
شبه فارغ كان مطار رفيق الحريري الدولي. والمسافرون جميعاً لبنانيون. ومطارات دبي سوف تستقبل هذا العام 80 مليون مسافر، بينهم ألوف الرضّع، مشكلة لبنان والدول المشابهة، مثقفو الجرائد وعناوين الصحف. أحد المنظّرين المشهورين التقط لنفسه صورة سيلفي مع حقل صغير، ونصح اللبنانيين بالعودة إلى الزراعة. تستقبل دبي هذا العام أكثر من 20 مليون سائح، وليس لديها من المعالم السياحية سوى ما بناه محمد بن راشد، وبينها أعلى برج في العالم (816 متراً).

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

رضيعة رحلة دبي رضيعة رحلة دبي



GMT 08:38 2025 الأحد ,09 شباط / فبراير

اختلاف الدرجة لا النوع

GMT 20:02 2025 الأحد ,19 كانون الثاني / يناير

عالم جديد حقًا!

GMT 06:19 2025 الأحد ,12 كانون الثاني / يناير

جانب فخامة الرئيس

GMT 19:43 2025 السبت ,11 كانون الثاني / يناير

أصول النظام السياسى

GMT 19:56 2025 الثلاثاء ,07 كانون الثاني / يناير

عيد سعيد!

أمينة خليل تتألق بفستان زفاف ملكي يعكس أنوثة ناعمة وأناقة خالدة

القاهرة - سعيد الفرماوي

GMT 16:47 2022 الجمعة ,14 كانون الثاني / يناير

حزب التجمع الوطني للأحرار" يعقد 15 مؤتمرا إقليميا بـ7 جهات

GMT 19:22 2025 الثلاثاء ,03 حزيران / يونيو

محمد صلاح يواصل كتابة التاريخ فى دوريات أوروبا
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib