الملاكم التركي
11 شهيدا وعشرات الجرحى في قصف إسرائيلي على مركز لتوزيع المساعدات الإنسانية غربي مدينة رفح محاولة اغتيال مرشح الرئاسة الكولومبية ميجيل أوريبي خلال فعالية انتخابية غرب العاصمة بوجوتا زلزال بقوة 6.2 درجة على مقياس ريختر يضرب المحيط الهندي الأونروا تصف منع دخول الصحفيين إلى غزة بأنه حظر على نقل الحقيقة البنك الدولي يُعلن تحديث خط الفقر الدولي ليصبح 3 دولارات للشخص الواحد يوميًا زلزال بقوة 5.3 درجة على مقياس ريختر يضرب منطقة جبل آثوس في شمال اليونان سرايا القدس تعلن استهداف قوة إسرائيلية في كمين محكم بتل الزعتر شرق مخيم جباليا شمال قطاع غزة إصابة أربعة عناصر من الأمن العام السوري جراء انفجار عبوة ناسفة أثناء محاولتهم تفكيكها في بلدة البغيلية بريف دير الزور الغربي الولايات المتحدة تُجدد دعمها الكامل لإسرائيل وتشترط إطلاق الرهائن قبل أي هدنة في غزة انفجار عبوة ناسفة بمركبة عسكرية إسرائيلية خلال اقتحام نفذته قوات الاحتلال ضمن حملة أمنية وسط مدينة جنين
أخر الأخبار

الملاكم التركي

المغرب اليوم -

الملاكم التركي

غسان شربل
بقلم : غسان شربل

الملاكم لا تعيبه الكدمات. يوجعه أن يطرح أرضاً. يقتله أن يُقذف إلى خارج الحلبة. للملاكم المدمن، أول التقاعد أول الموت أيضاً.

وكان يمكن أن تكون الصورة مختلفة. أن يخذله الناخبون. وأن يسارع إلى مغادرة القصر الشاسع بعد أن يلملم من مكاتبه وممراته أحلامه وأوهامه. يعرف أنهم كانوا ينتظرون أن يلتف حبل الانتخابات حول عنقه ليعلقوا أخطاءه على حبال التاريخ. لا المعارضة ترحم ولا الصحافة تنسى. وهو لا يطيق لا هذه ولا تلك.

أنقذته تركيا العميقة من مصير مؤلم. لم يكن يوماً عدواً بسيطاً أو حليفاً سهلاً. عنيف في العداوة ومتطلب في الصداقة. عنيد في خياراته ثم يصدم خصومه وحلفاءه باستدارة مفاجئة يسهل عليه دائماً تسويقها لدى أنصاره.

في الحفل الكبير أطلق ابتسامة المنتصر. لم يغب عن باله أن يهاجم المعارضة وما سمّاها الحسابات الصغيرة. لكنه استدرك داعياً إلى الوحدة ومعلناً انطلاق «قرن تركيا». أنقذه الناخبون من سوء المصير. لو خسر لانهال خصومه عليه بالأقلام المسنونة وخناجر الشماتة والحكايات المجبولة بالثأر. وكان متوقعاً أن يحكموا ربط صورته بصورة الليرة التركية التي عانت الأمرين في الفترة الأخيرة بسبب إصراره على التحول طبيباً لأمراض الاقتصاد وأوجاعه. وما كانوا ليتردّدوا أيضاً في تحميله وزر التباطؤ في مواجهة آثار الزلزال المدمر الذي أدمى البلاد.

كان باستطاعتهم القول إن مغامرته في الإقليم انتهت بفشل مروّع. فلا محمد مرسي أو من يشبهه يحكم مصر ولا بشار الأسد أرغم على مغادرة قصر الرئاسة. «الربيع» الذي رعاه لتغيير ملامح المنطقة تحول تهمة تطارد الضالعين فيه. ولن يتردد بعضهم في الكتابة أن القيصر نجح في تقليم أظافر السلطان، واستدرجه إلى ملعبه وأقنعه بزرع الصواريخ الروسية داخل الحديقة الأطلسية. وأغلب الظن أن أميركا كانت سترتاح من هذا الحليف المتعب وأن أوروبا ستبتهج بغياب الرجل الذي قرع بعنف بابها ثم ابتعد مطلقاً الاتهامات والأزمات.

لا يمكن كتابة قصة الشرق الأوسط في القرن الحالي من دون التوقف عند دوره. كان رجب طيب إردوغان لاعباً كبيراً ومؤثراً. ويمكن القول إنه انخرط في مجازفات شديدة الخطورة. لم يكتف بمشروع إعادة رسم ملامح الجمهورية التي هندسها أتاتورك بل تجاوز ذلك إلى محاولة إعادة رسم ملامح المنطقة برمتها. كانت رياح «الربيع الإخواني» شديدة ولافحة. أصيبت هذه الرياح بانتكاستين كبيرتين، الأولى في مصر والثانية في سوريا. يتلقى الضربات ويسدد الضربات.

كان يمكن لكل هذه الدفاتر أن تفتح لو أرغم على الجلوس في مقاعد الخاسرين. لم يحصل ذلك وأهدته الصناديق فرصة جديدة وولاية جديدة. ولاية ثالثة يقول الدستور إنها الأخيرة لكننا أبناء منطقة لا تحب الدساتير فيها إغضاب «الرجل القوي» إن احتاج ولاية إضافية. كسر خاطر الدستور أفضل من كسر خاطر الملاكم الكبير.

على مدى عقدين كتب إردوغان قصة تركيا بأسلوبه الذي لا يشبه أساليب أسلافه ولا جيرانه. مذ تولى المسؤولية تصرف كمحارب مجروح. لم يغفر للعالم ابتهاجه بركام الإمبراطورية العثمانية. لم يغفر له تحويله البلاد التي كانت تستعرض قوتها على ملاعب الآخرين إلى خريطة متواضعة يتحتم عليها أن تأخذ في الاعتبار نصائح سفراء الدول الكبرى وأحياناً توجيهاتهم. قبل موعد إطلالته بثلاث سنوات، ألقت روسيا بنفسها بين يدي رجل مجروح أيضاً. لن يغفر فلاديمير بوتين للعالم تلك الاحتفالات التي انخرط فيها يوم انهار جدار برلين ويوم انتحر الاتحاد السوفياتي أو نُحر. سلطان إسطنبول يتهم العالم بتقطيع أوصال المجد العثماني، وقيصر موسكو يتهم العالم بتقطيع أوصال الإمبراطورية السوفياتية. وتقطيع الأوصال رهيب يمزق الشرايين ويهين الأوسمة ويدفع الأيتام إلى البحث عن حامل الثأر... عن الملاكم الكبير.

على نار الشرق الأوسط الكئيب أمضى إردوغان عقدين كاملين. كانت الحرائق كثيرة وهي بدأت عملياً بالغزو الأميركي للعراق، ثم حمل العقد التالي رياح الاحتجاجات والتدخلات. ولم يكن إردوغان الوحيد المتبرّم بحدود خريطة بلاده. الجنرال قاسم سليماني، وبمباركة المرشد، نجح في اختراق خرائط عدة وبدل فيها ملامح ومعطيات.

كان العقد الثاني من القرن الحالي صاخباً في الشرق الأوسط، وكان إردوغان فيه لاعباً نشطاً على رغم تعدد الأهداف التي أضاعها على ملاعب متعددة. وكان على إردوغان أن يتجرع أكثر من صدمة أبرزها رؤية قوات بوتين تنزل في سوريا وتقفل الباب - بالتعاون مع ميليشيات إيران - أمام رياح الحالمين بإسقاط النظام السوري. ولم يكن تبادل اللكمات مع القيصر سهلاً. والملاكم التركي ينكفئ قليلاً ولا يستسلم. يقدم الخدمات لسيد الكرملين، لكن مسيّراته تعمل بإخلاص في جيش زيلينسكي.

لا يتسع هذا الحيز الضيق للإضاءة على المنعطفات الرئيسية في مسيرة إردوغان وهو رجل منعطفات وقرارات وانعطافات. ها هو يعلن حكومته الجديدة. لا تستطيع بلاد إنقاذ هيبتها إذا استمر إذلال ليرتها. عليه أن يكف عن استخدام العقاقير القديمة في تضميد جروح الاقتصاد. يحتاج الاقتصاد إلى خبراء لا إلى ملاكمين. يحتاج إردوغان أيضاً إلى معالجة الانقسام العميق في الشارع التركي الذي أظهرته نتائج الانتخابات. يحتاج أيضاً إلى بناء سياسات لا يكون حجر الأساس فيها الخوف من الأكراد أو الإصرار على مطاردتهم.

اختار إردوغان رجلاً موثوقاً لحقيبة الاقتصاد هو محمد شيمشك. وكافأ رئيس الاستخبارات حقان فيدان «كاتم أسراري وكاتم أسرار الدولة» بتعيينه وزيراً للخارجية. لا بد من استخلاص الدروس اللازمة من عقد العواصف الأخير. لا بد للحكومة من محاربة التضخم في الاقتصاد ومن ضبط التضخم في الأحلام. صعود القوى الإقليمية لا يعني ترميم هيبة الإمبراطوريات. وفي العلاقات الدولية لا بد من تجرع السم أحياناً. والدليل أن إردوغان سيشارك ذات يوم في لقاء يضمه وبوتين وبشار الأسد. هذا قانون الملاكمة. توجه الضربات وتتلقى مثلها، لكن الأهم أن تبقى واقفاً على الحلبة وألا ينجح الناخبون في دفعك خارجها.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الملاكم التركي الملاكم التركي



GMT 08:38 2025 الأحد ,09 شباط / فبراير

اختلاف الدرجة لا النوع

GMT 20:02 2025 الأحد ,19 كانون الثاني / يناير

عالم جديد حقًا!

GMT 06:19 2025 الأحد ,12 كانون الثاني / يناير

جانب فخامة الرئيس

GMT 19:43 2025 السبت ,11 كانون الثاني / يناير

أصول النظام السياسى

GMT 19:56 2025 الثلاثاء ,07 كانون الثاني / يناير

عيد سعيد!

أمينة خليل تتألق بفستان زفاف ملكي يعكس أنوثة ناعمة وأناقة خالدة

القاهرة - سعيد الفرماوي

GMT 17:42 2023 السبت ,08 إبريل / نيسان

4.9 مليار دولار أرباح أدنوك للغاز في 2022

GMT 23:30 2023 السبت ,07 كانون الثاني / يناير

«تيك توك» تفرض قيودا على بعض المقاطع

GMT 15:08 2020 الجمعة ,29 أيار / مايو

حقائق تجهليها عن شهر العسل

GMT 10:29 2020 السبت ,25 إبريل / نيسان

إدارة السجون تكشف مستجدات الحالة الوبائية

GMT 00:09 2020 الأربعاء ,08 كانون الثاني / يناير

لعبة Sekiro تفوز بجائزة لعبة السنة على متجر Steam

GMT 10:03 2019 الثلاثاء ,17 أيلول / سبتمبر

البدلة الرسمية على طريقة المُصمم العالم توم فورد

GMT 23:34 2018 الأحد ,21 تشرين الأول / أكتوبر

أهم مميزات ومواصفات سيارة "BMW X7" الجديدة
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib