بقلم - طارق الشناوي
(نكتة إيه يا عم أنا لسه راجع من الحج وتايب.. بقولك إيه أنا أتغيرت).. كل تلك الكلمات أعلنها أحمد سعد لجمهوره وهو مبتسم فى حفل له قبل يومين على الساحل، وذلك بعد عودته من الأراضى المقدسة ببضعة أيام، بينما استمر فى الغناء حتى الساعات الأولى من الفجر، مكذبًا كل الشائعات التى تناثرت عن اعتزاله الغناء. شاهدنا سعد قبلها وقد تخلص من (التاتو)، الذى ملأ به جسده، وفى مرحلة ما كان يرتدى ملابس تثير الكثير من الاستهجان، ويسارع بالاعتذار، كثيرا ما شاهدناه بحلق، ثم يسارع بنزعه، الصورة الأخرى من الأراضى المقدسة حملت لنا معنى آخر تماما، وبدأ فى تجويد القرآن الكريم.. عدد ممن نطلق عليهم (رجال دين) وجدوها فرصة وأحاطوا به فى (الكادر)، وكأنهم يقدمون للجمهور رسالة بأن لديهم نجما كبيرًا فى طريقهم لإعادة برمجته.
لم أتابع حفل سعد إلا من خلال (اليوتيوب) حيث تناثرت كالعادة شذرات من أغنياته أغلبها تثير فى النفس البهجة، ولا أتصوره أعاد تغيير شىء أو حذف شيئا من كلمات أغانيه، أو أنه سوف يفعل مثل البعض الذين يطبقون على الأغنية المعايير الدينية المباشرة، وكثير مما نطلق عليهم شيخ (مستنير) يحرّمون عشرات من الأغانى بحجة أنها ضد الشريعة مثل أغنية (شادية) الشهيرة (غاب القمر يا ابن عمى/ يالله روحنى)، قبل بضع سنوات استطلعوا رأى الشيخ خالد الجندى قال بالحرف الواحد: (لا يبيح الشرع للبنت التواجد فى انصاص الليالى مع ابن عمها بدون محرم)، وحرّم تداول الأغنية، وهو نفس الرأى أيضا الذى تبنته السيدة سعاد صالح، ووقتها قلت إن هذا الباب لو تمت فقط (مواربته)، وليس فتحه على مصراعيه، سيؤدى إلى تحريم ٩٠ فى المائة على الأقل من أغانينا التى نتعامل معها ببساطة، أعتقد أن أحمد سعد مدرك كل تلك المحاذير.
سعد من الممكن وعلى طريق الكبار أمثال أم كلثوم وعبد الوهاب وعبد الحليم ونجاة وشادية وفايزة وغيرهم أن يقدم أغنيات دينية، ولكنه من المستحيل أن يعتزل أو يتنكر أو يحرم أو يجرم ما قدمه لنا من أغنيات فى الكلمة واللحن والأداء.
هل هذا مرض للمجموعة التى تحرم الفن؟ أكيد لا، بداخلهم رغبة فى استغلال أى فنان مشهور لتوصيل رسالة لتحريم الفن.
يوما حكى لى كاتب كبير أن إحدى الفنانات فى التسعينيات وكانت مكلفة بتحجيب أكبر عدد من النجمات قالت له إنها تنتظر تحجيب زوجته الإعلامية الشهيرة، واعتبرت تلك الفنانة أن هذا هو الهدف الأكبر، ربما لم يعد الأمر فى السنوات الأخيرة بكل هذا الوضوح وتلك المباشرة، ولكن لا يزال هناك محاولات بوسائل أخرى، ولا أظن أن هدف التحجيب للرجال قبل النساء قد توقف.
قال لى أحد الأصدقاء ممن لديهم تواصل مع تلك الدائرة، إن سعد على الطريق السريع للاعتزال، قلت له ما أعلمه أن لديه رغبة فى تسجيل القرآن بصوته، وهى نفس الرغبة التى حاول تحقيقها فى الماضى أم كلثوم وعبدالوهاب، كما أن الحجار والحلو بعدهما أيضا حاولا، ولم يحصلا على موافقة الأزهر الشريف.
أحمد سعد غالبا سوف يتدرب على تجويد القرآن، ولكن لن يعتزل الغناء سيظل بصوته يبهج أيامنا.. و.. ويسعد ليالينا!!.