«بلهارسيا» عبد الحليم حافظ و«حصوات» عمرو دياب

«بلهارسيا» عبد الحليم حافظ و«حصوات» عمرو دياب!

المغرب اليوم -

«بلهارسيا» عبد الحليم حافظ و«حصوات» عمرو دياب

طارق الشناوي
بقلم - طارق الشناوي

هل يفضفض الفنان بكل آلامه للناس، أم أن عليه الاحتفاظ بها لنفسه، ليظل أمام جمهوره نموذجا يحتذى فى كل تفاصيله الفنية والشخصية؟.

عندما احتدمت المعركة الغنائية، فى مطلع الستينيات، بين المطربين عبد الحليم حافظ ومحمد رشدى، اتهم رشدى حليم على الملأ بأنه يحاكيه فى اختيار الأغانى الشعبية، ويسعى أيضا للاستحواذ على تلك الشريحة من طبقة العمال والفلاحين التى تعلقت به، كان رشدى قد تمكن من تحقيق قفزة جماهيرية غير مسبوقة بأغنيتى (وهيبة) و(عدوية)، دفعت عبد الحليم للتفكير فى تغيير البوصلة قليلا، ناحية الغناء الشعبى، مثل (على حسب وداد قلبى) و(أنا كل ما أقول التوبة) و(سواح) وغيرها.

قال رشدى: أنا فلاح أغنى لأهلى وناسى (تحت الشجر يا وهيبة/ يا ما كلنا برتقان) و(فى إيديّا المزامير/ وفى قلبى المسامير)، وعبد الحليم يغنى للقاهريين والمترفين (توبة أن كنت أخاصمك تانى توبة) و(أنا لك على طول خليك ليّا).

أجابه عبد الحليم: أنا الأقرب للفلاحين، لأنى أساسا منهم، أعانى من أشهر مرض يهاجمهم، ويعذبهم وتنزف دماؤهم بسببه (البلهارسيا). وبالفعل مع مرور الزمن رحل حليم عن الدنيا بسبب المضاعفات التى يسببها هذا المرض اللعين، إذ لم يتم علاجه مبكرا، فاستوطن فى الكبد، بينما رشدى عانى هو أيضا مع الزمن من مضاعفات الكبد، وفى آخر تسجيل له، لم يكن قادرا على الوقوف للتصوير أمام الكاميرا، ورحل بعد أن تحولت المزامير إلى مسامير تنهش فى كبده.

كان حليم حريصا أن يعلن مرضه كنوع من الدفاع عن النفس، حتى إنه فى أكثر من حفل شاهدناه يأخذ أقراص العلاج أثناء عزف الفرقة الموسيقية، بينما تعودنا أن الفنان يُخفى عن الناس آلامه، خاصة أن فتى الأحلام يجب أن يظل له سحره عند الجمهور، ويبدو فى كل الأحوال (على سنجة عشرة)، عبد الحليم كان أكثر وضوحا ومباشرة، حتى إن بعض المنافسين، قالوا إنه ليس مريضا، ولكنه يمثل المرض من أجل التعاطف والترويج لأغنيته الجديدة، ولم يصمتوا إلا يوم 30 مارس 1977 عندما عاد عبد الحليم من لندن فى صندوق.

فى السنوات الأخيرة شاهدنا العديد من الفنانين والإعلاميين وهم يصارحون جمهورهم بحقيقة أمراضهم، لم يعد هناك حرج، أتصور أن الهدف المباشر هو الحصول على الدعم العاطفى، للوصول إلى الإحساس بالمشاركة.

اغلب النجوم ستكتشف أنهم يتكتمون الإعلان عن المرض، مثلا سعاد حسنى، لم يعلم الناس حقيقة ما تعانيه إلا بعد الرحيل، كانت قبلها قد قررت السفر إلى لندن والإقامة شبه الدائمة هناك حتى تختفى عن نظرات المتطفلين، الذين سوف يتساءلون عن أسباب السمنة الزائدة، بالإضافة إلى إصابتها بـ(العصب السابع) الذى أدى إلى معاناتها فى أحد جانبى وجهها، ما باحت به سعاد فى أحد البرامج هو فقط متاعب فى الظهر، وفى آخر أفلامها (الراعى والنساء) كان واضحا على ملامحها المعاناة، رغم أنها كانت تغلف الحوار بابتسامة.

بالطبع توجد بعض حالات مرضية صعبة، يعيشها الفنان ولا يمكن أن يخفيها عن الجمهور، مثل الموسيقار محمد فوزى الذى سمح بالتقاط صورة له بعد أن تداعت تماما صحته، وتناقص وزنه واقترب من شاطئ النهاية، فقرر وداع جمهوره وخاصة الأطفال فى رسالة تقطر دموعا نشرها عام 66، ظل فوزى لا يدرك إصابته بالسرطان، كان الأطباء بعد أن أصابتهم الحيرة يطلقون على معاناته اسم (مرض محمد فوزى).

شاهدت تسجيلا قبل بضع سنوات لعمرو دياب وهو داخل (الجيم)، مفتول العضلات، إلا أنه اعلن عن اضطراره بين الحين والآخر للتخلص من حصاوى، تصيبه (جينيا)، ولا يعرف بالضبط أين ومتى تتكون، ورغم ذلك غلف عمرو كل ذلك بإطار من القوة وليس الضعف، حيث سيطر على المشهد قدرته العضلية وأظنها كانت مقصودة.

بينما فريد شوقى فوجئ بأن التليفزيون الرسمى المصرى عام 98 يذيع خبر رحيله، حيث كان يعانى من مشاكل فى القلب، صارح جمهوره بحقيقة المرض، وهو ينفى خبر الرحيل، وأكد أنه يعتبرها مجرد بروفة للرحيل، وبعد 40 يوما فقط أذاع التليفزيون الرسمى خبر الرحيل مع الأسف ولم تكن بروفة، وشاهدت قبلها بأيام فريد على سرير منزله مع عدد من النجوم والنجمات، يدعون له بالشفاء، بعد أن تدهورت صحته، ولم أكن سعيدا بتلك اللقطات، أحمد زكى صارح الجمهور بحقيقة المرض، وصور آخر مشاهده فى فيلم (حليم) بعد أن فقد تماما قدرته على الإبصار.

هل الناس تحب الفنان فقط وهو فى كامل صحته ولياقته أم تتعاطف مع مرضه؟، فعلتها المطربة إليسا بشجاعة نادرة بل والتقطت صورها وهى تتلقى العلاج، من السرطان وتوجه الملايين بالدعاء لها، كما أنها، وهذا هو الأهم، منحت أملا للعديد من المرضى بالمواجهة، وبالفعل، صارت إليسا عنوانا للصمود القاهر للمرض، وهو ما أعلنته قبل عامين الإعلامية والفنانة الكبيرة نجوى إبراهيم، وهو ما كررته وبعد عشر سنوات من المعاناة الإعلامية لميس الحديدى، وهو أيضا ما سبق أن فعله أحمد حلمى، وهو حريص على ألا يتطرق أبدا حاليا إلى تلك المعاناة.

أسقطت وسائط التواصل الحديثة أوراق السوليفان، الناس على استعداد أن تمنح القوة والتعاطف وفيضا من الحب للفنان، لو استشعروا أنه بحاجة حقا إلى أحضان قلوبهم الدافئة.

ضبط الجرعة مطلوب، لتصبح الرسالة العميقة ليس البكاء والحزن ولكن بث الأمل للشفاء!.

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

«بلهارسيا» عبد الحليم حافظ و«حصوات» عمرو دياب «بلهارسيا» عبد الحليم حافظ و«حصوات» عمرو دياب



GMT 10:14 2025 الجمعة ,07 تشرين الثاني / نوفمبر

«أوراقي 9».. محمود الشريف الدور 9 شقة 4!

GMT 10:11 2025 الجمعة ,07 تشرين الثاني / نوفمبر

متغيرات دمشق

GMT 10:10 2025 الجمعة ,07 تشرين الثاني / نوفمبر

الشرع من موسكو إلى واشنطن

GMT 10:09 2025 الجمعة ,07 تشرين الثاني / نوفمبر

أما آن للمغرب العربي أن يتعافى؟

GMT 10:08 2025 الجمعة ,07 تشرين الثاني / نوفمبر

الجهل قوّة يا سِتّ إليزابيث

GMT 10:07 2025 الجمعة ,07 تشرين الثاني / نوفمبر

الانتخابات الأميركية: هل سيشكر ترمب ممداني؟

GMT 10:05 2025 الجمعة ,07 تشرين الثاني / نوفمبر

«حزب الله» في بيانين

GMT 10:04 2025 الجمعة ,07 تشرين الثاني / نوفمبر

ليس كَمَنْ سمع

نجمات مصريات يجسّدن سحر الجمال الفرعوني في افتتاح المتحف المصري

القاهرة - المغرب اليوم

GMT 19:22 2025 الجمعة ,07 تشرين الثاني / نوفمبر

بزشكيان يُحذر من تقنين وشيك للمياه في العاصمة طهران
المغرب اليوم - بزشكيان يُحذر من تقنين وشيك للمياه في العاصمة طهران

GMT 23:50 2025 الجمعة ,07 تشرين الثاني / نوفمبر

إدارة ترمب تعهدت بإغلاق محطة إذاعية أمريكية ناطقة بالمجرية
المغرب اليوم - إدارة ترمب تعهدت بإغلاق محطة إذاعية أمريكية ناطقة بالمجرية

GMT 23:02 2025 الجمعة ,07 تشرين الثاني / نوفمبر

واشنطن تدعم عراق خالٍ من الميليشيات المدعومة من الخارج
المغرب اليوم - واشنطن تدعم عراق خالٍ من الميليشيات المدعومة من الخارج

GMT 01:02 2025 السبت ,08 تشرين الثاني / نوفمبر

دواء جديد يحمي مرضى السكري من تلف الكلى
المغرب اليوم - دواء جديد يحمي مرضى السكري من تلف الكلى

GMT 01:37 2025 السبت ,08 تشرين الثاني / نوفمبر

فيديو قديم مع دينا الشربيني يثير ضجة وروبي تعلق بغضب
المغرب اليوم - فيديو قديم مع دينا الشربيني يثير ضجة وروبي تعلق بغضب

GMT 10:37 2012 الأربعاء ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

سوتشي مدينة التزلج الأولى في روسيا تستضيف أوليمبياد 2014

GMT 14:25 2020 الجمعة ,12 حزيران / يونيو

انهيار برج ضخم في مصافي حيفا

GMT 10:35 2018 الثلاثاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

دراسة تكشف أن الهواتف الذكية تجعل المراهقين غير ناضجين

GMT 06:57 2018 الجمعة ,12 تشرين الأول / أكتوبر

السودان تحذر من فيضانات على ضفتي النيل الأزرق والدندر

GMT 05:52 2018 الجمعة ,12 تشرين الأول / أكتوبر

الخبيرة منى أحمد تُبيِّن مدى قبول كلّ برج للاعتذار

GMT 05:30 2018 الجمعة ,15 حزيران / يونيو

CGI wizardry تعيد الحضارات القديمة وتجسدها للزوار

GMT 08:13 2016 الجمعة ,22 إبريل / نيسان

بيبيتو يكشف دور ميسي وسواريز في تألق نيمار

GMT 18:04 2018 الثلاثاء ,02 كانون الثاني / يناير

وزير الرياضة يناقش خطة اتحاد الجودو في 2018

GMT 21:02 2017 السبت ,23 كانون الأول / ديسمبر

الاتحاد المغربي يحرم الوداد من منحته السنوية

GMT 07:23 2012 الجمعة ,22 حزيران / يونيو

"روائح مبعثرة" المجموعة القصصية الأولى للعسيري

GMT 05:34 2017 الخميس ,07 كانون الأول / ديسمبر

"سيات ليون كوبرا" ضمن أفضل 5 سيارات في "اليورو"
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
RUE MOHAMED SMIHA ETG 6 APPT 602 ANG DE TOURS CASABLANCA MOROCCO
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib