فى مواجهة القضايا الأزلية الاقتصاد غير الرسمى
الرئيس الأميركي يبدأ جولة دبلوماسية في منطقة الخليج العربي من 13 إلى 16 مايو 2025 تشمل السعودية والإمارات السلطات السورية تعتقل كامل عباس أحد أبرز المتورطين في مجزرة التضامن في دمشق وزارة الصحة الفلسطينية تعلن الحصيلة الإجمالية منذ بدء العدوان في السابع من أكتوبر 2023 بلغت 51,266 شهيدًا و116,991 إصابة الشرطة الإسرائيلية تبحث عن رجل مفقود بعد تعرضه لهجوم سمكة قرش قبالة الساحل إسرائيل تحذف تعزية في وفاة البابا فرنسيس بعد موجة غضب واسع وردود فعل غاضبة من متابعين حول العالم وفاة الفنان المغربي محسن جمال عن 77 عاماً بعد صراع مع المرض الجامعة الملكية المغربية لكرة السلة تقرر توقيف منافسات البطولة الوطنية في جميع الأقسام بصفة مؤقتة وطارئة الصين تطلق ستة أقمار اصطناعية تجريبية من طراز "شيان 27" إلى الفضاء شاب يخسر أكثر من 2400 دولار بعد تحميل صورة عبر واتساب وزارة الصحة الفلسطينية تعلن عن نقص حاد فى مواد الفحص يحرم مرضى الأورام من التشخيص
أخر الأخبار

فى مواجهة القضايا الأزلية: الاقتصاد غير الرسمى!

المغرب اليوم -

فى مواجهة القضايا الأزلية الاقتصاد غير الرسمى

عبد المنعم سعيد
بقلم - عبد المنعم سعيد

يشكل «مجلس الشيوخ» نوعًا من مصانع التفكير العام، التي لا تنأى عن المعضلات «الأزلية» التي تمر بها البلاد، وإنما تتصدى لها بالتفكير والرأى في السياسات الواجب اتباعها.

المجلس يقوم من ناحية بفحص القوانين أو التعديلات عليها التي تُحال إليه من الحكومة أو مجلس النواب؛ ومن ناحية يقوم ببحث القضايا التي تُحال إليه من أحد النواب مؤيَّدًا من عشرين عضوًا على الأقل من خلال إحدى اللجان النوعية بالمجلس (١٤ لجنة)، التي تدعو ما شاء لها من أهل الاختصاص من الحكومة أو المجتمع الأهلى أو الخبراء لفحص الموضوع. وإذا ما بلغ الفحص الرضا، مقررًا في تقرير وافٍ مشبع بالتفاصيل والأرقام والسياسات المقترحة، يتم عرضه على كامل أعضاء المجلس. الأسبوع الماضى، عرض النائب، مقرر لجنة الشباب والرياضة، أحمد أبوهشيمة، على المجلس تقريرًا متميزًا عن «الشباب وسوق العمل غير الرسمى: مخاطر راهنة ومقاربات واعدة». طَرَق على قضية من قضايا مصر الأزلية، التي ألَحّت على جيلنا خلال عقود سابقة، دونما شعاع ضوء يلوح بالحل عند نهاية نفق الحديث.

ولمَن لا يعلم، فإن في مصر العديد من القضايا «الأزلية»، مثل «مجانية التعليم»، التي تتضمن تصورًا أن يكون هناك منتج «التعليم»، ويكون مجانيًّا في نفس الوقت، فتكون النتيجة أنه لا يكون التعليم موجودًا، وتغلق المدارس أبوابها، وتظل التكلفة قائمة في كل الأحوال. ذات التناقض يبدو حاضرًا عند الحديث عن «الاقتصاد غير الرسمى»، حيث إن القائمين عليه أشخاص ومواطنون في الدولة، وحصلوا منها على شهادة للميلاد، ومن بعدها بطاقة للرقم القومى، ومن بعدها شهادات في أداء الخدمة العسكرية أو الإعفاء منها، وبعد ذلك لا تكون لهم صفة «رسمية» في الدولة عندما يدخلون عالم الاقتصاد. الحقيقة هي أننا لدينا قطاع خاص اقتصادى واسع «غير منظم» من الحكومة وأدواتها، ووفقًا لآخر التقديرات، فإن حجمه يمثل ٥٣٪ من إجمالى المنشآت في قطاعات الأنشطة الاقتصادية، ومنها ٢ مليون منشأة في القطاع «غير الرسمى».

كما هو معلوم لدى القراء، فإن الكاتب ليس عالِمًا اقتصاديًّا، ولكن التخرج في كلية الاقتصاد والعلوم السياسية والتعرف على عدد من الاقتصاديين المرموقين، من بينهم د. أحمد جلال، وزير المالية سابقًا، والأستاذ محمود عبدالله، رئيس الشركة القابضة للتأمين سابقًا، أضاف الكثير من المعرفة الاقتصادية، خاصة ما تعلق بمفهومين: رأس المال الميت، و«الاقتصاد غير الرسمى»؛ وكلاهما يوجدان في الاقتصاد القومى، ولكنهما لا يسجلان ولا ينشطان في العملية الاقتصادية للدولة. كلاهما يشكل خسارة حقيقية للاقتصاد القومى؛ وفى حدود ما أعلم، فإن التنبيه إلى أهمية الموضوعين فيما يتعلق بمصر جاء على يد اقتصادى من «بيرو» في أمريكا الجنوبية، هو «هيرناندو دى سوتو»، الذي كتب كتابًا عن مصر بعنوان «رأس المال الميت والفقراء»، وبعد ذلك جرى تأصيل الموضوع في كتابات د. أحمد جلال مع إسحق ديوان «اقتصاديات الشرق الأوسط في مرحلة التحول»؛ ومع آخرين «ما بعد الربيع: التحولات الاقتصادية في العالم العربى». في هذا الأدب الاقتصادى انطلقت صرخة كبرى حول قطاع مهم من الاقتصاد المصرى، وهو متواجد، وربما يلعب دورًا جوهريًّا في الاقتصاد القومى؛ أو أنه ميت لا يسهم ولا يُستخدم، وبالتأكيد لا يدخل في خطط التنمية.

التقرير الذي تقدمت به لجنة الشباب والرياضة في مجلس الشيوخ إلى أعضاء المجلس يمثل مرة أخرى إعلانًا مهمًّا عن قضية جوهرية جرى تقدير أهميتها بأنها تمثل ٦٠٪ من حجم الناتج في الاقتصاد الرسمى، ويعمل فيه ٤ ملايين بنسبة ٢٩.٣٪ من العاملين في هذا الاقتصاد. التعريف الذي قدمه التقرير للمفهوم، الذي يُطلق عليه أحيانًا اسم الاقتصاد الموازى أو الاقتصاد الخفى، هو «كافة الأنشطة المولدة للدخول، والتى لا تدخل في الإيرادات العامة للدولة، وتتم بعيدًا عن أعين الرقابة الحكومية بهدف التهرب من كافة الاستحقاقات المترتبة عليها، مما يترتب عليه الإضرار بحقوق الخزانة العامة، وبالتالى زيادة العجز في موازنة الدولة». التعريف على هذا النحو ينطلق من إلقاء اللوم على هذا القطاع، دون مراعاة لفشل الدولة في أن تجعل من القطاع غير الرسمى منجذبًا وعارفًا لمصالح كبيرة من الاندماج في الاقتصاد الرسمى. وهى نقطة مهمة أثارت الكثير من النقاش داخل مجلس الشيوخ، ولعلها مُثارة بأصوات أعلى الآن داخل الساحة الوطنية على ضوء الأزمة الاقتصادية الراهنة، التي لها أبعاد متعددة، ربما يكون واقع «رأس المال الميت» و«الاقتصاد غير الرسمى» من أهم تحدياتها المتراكمة منذ وقت طويل.

ولا توجد نية هنا لاعتبارات المساحة في ذكر الكثير من تفاصيل الموضوع، ولكن المهم هنا الإشارة إلى أن الاقتصاد غير الرسمى متنوع، وبعضه يدخل في القطاع الصناعى، والباعة الجائلين، وسوق الأموال المدفوعة دون مقابل (البقشيش مثالًا)، ومجال التعليم والنقل والمواصلات، والبناء المخالف. وفى كل ذلك هو غير مسجل في دفاتر الدولة وملفاتها، وله طبيعة فردية، ويعمل في مشروعات محدودة رأس المال والعمالة والإنتاج بالتالى، ويعتمد كثيرًا على العمل اليدوى وليس التكنولوجى، وفى العموم فإنه عمل منخفض الأجور وغير مؤمَّن اجتماعيًّا. ومن مزايا التقرير أنه بالإضافة إلى بيانات الحالة المصرية، فإنه اطّلع على تجارب الدول الآسيوية، التي تعاملت مع ظواهر مشابهة في تايلاند وبنجلاديش وفيتنام والهند والفلبين وما توصلت إليه هذه من معالجات للظاهرة تُعيد صياغة النظام الضريبى وضبط البنية التشريعية وتبسيط تسجيل الشركات.

وأخذًا في الاعتبار لجهود الحكومات السابقة والحالية من محاولات لخلق بيئة عمل لائقة، وتوسيع نطاق الحماية الاجتماعية، وتأهيل الشباب، ودور الإعلام في توسيع ثقافة العمل الرسمى لدى الشباب، فإن التقرير تقدم بمجموعة من التوصيات تقوم على الربط بين التعليم وسوق العمل، وتحسين الإطار التشريعى، وإقرار سياسة ضريبية أكثر كفاءة وإنشاء هيئة عليا خاصة بالقطاع غير الرسمى وإطلاق استراتيجية وطنية تتعامل بجدية مع الاقتصاد غير الرسمى.

القرار الذي أصدره مجلس الشيوخ بخصوص التقرير كان الإحالة إلى فخامة السيد رئيس الجمهورية، وهو بالتأكيد سوف يضيف بُعدًا مهمًّا لمرحلة جديدة من الإصلاح الاقتصادى، التي يكثر فيها الأمل ألّا تحتوى على الاقتصاد غير الرسمى أو «رأس المال الميت» لأن كل ما هو «غير رسمى» نفعه قليل ما لم يكن مُضِرًّا في أحيان كثيرة؛ أما كل ما هو ميت فهو فاقد الأهلية بحكم التعريف لما هو زائل. ولكن ما يهمنا في الإضافة إلى هذا التقرير هو البُعد المحلى، حيث تتفاوت وتتنوع مستويات وأنواع الاقتصاد غير الرسمى في المحافظات المصرية المختلفة، وهو في مساحات المحافظات الشاسعة مثل الوادى الجديد أو البحر الأحمر ليست مثلها في محافظات الدلتا المزدحمة أو محافظات المدن الكبرى مثل القاهرة والإسكندرية. في كل واحدة من هؤلاء تركيبة مختلفة ما بين الرسمى وغير الرسمى، وكل منهما تستحق اهتمامًا خاصًّا ومعالجة مختلفة.

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

فى مواجهة القضايا الأزلية الاقتصاد غير الرسمى فى مواجهة القضايا الأزلية الاقتصاد غير الرسمى



GMT 08:38 2025 الأحد ,09 شباط / فبراير

اختلاف الدرجة لا النوع

GMT 20:02 2025 الأحد ,19 كانون الثاني / يناير

عالم جديد حقًا!

GMT 06:19 2025 الأحد ,12 كانون الثاني / يناير

جانب فخامة الرئيس

GMT 19:43 2025 السبت ,11 كانون الثاني / يناير

أصول النظام السياسى

GMT 19:56 2025 الثلاثاء ,07 كانون الثاني / يناير

عيد سعيد!

تنسيقات مثالية للنهار والمساء لياسمين صبري على الشاطيء

القاهرة ـ المغرب اليوم

GMT 17:48 2019 الثلاثاء ,03 كانون الأول / ديسمبر

أحدث موديلات الجينز من مجموعة أزياء كروز 2020

GMT 21:16 2019 الجمعة ,01 شباط / فبراير

الغيرة تفسر أزمات بيريسيتش في إنتر ميلان

GMT 17:15 2018 السبت ,01 كانون الأول / ديسمبر

دراسة طبية تكشف دور البذور والمكسرات في حماية القلب

GMT 00:11 2018 الجمعة ,29 حزيران / يونيو

خلطة التفاح تساعد على سد الشهية وفقدان الوزن

GMT 10:25 2018 الإثنين ,26 آذار/ مارس

إيلي صعب يكشف عن مجموعته لربيع وصيف 2018

GMT 01:51 2018 الخميس ,04 كانون الثاني / يناير

الفنانة بشرى تفصح عن سبب ابتعادها عن الفن أخيرًا

GMT 12:22 2017 السبت ,30 كانون الأول / ديسمبر

عموتة يفوز بجائزة أفضل مُدرِّب في أفريقيا

GMT 02:40 2017 السبت ,02 كانون الأول / ديسمبر

راغب علامة يعلن صعوبة انتقاء الأغنية الأفضل

GMT 14:17 2016 السبت ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

قصيدة عشّاق

GMT 06:19 2016 الإثنين ,12 كانون الأول / ديسمبر

لجين عمران تتألّق خلال افتتاح فندق الحبتور في دبي

GMT 14:15 2016 الأربعاء ,30 آذار/ مارس

هجمات بروكسيل و سؤال العنف
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib