الاقتصاد العالمي ما الأسوأ من الركود

الاقتصاد العالمي... ما الأسوأ من الركود؟

المغرب اليوم -

الاقتصاد العالمي ما الأسوأ من الركود

إميل أمين
بقلم - إميل أمين

منذ أن فرض الرئيس الأميركي دونالد ترمب تعريفاته الجمركية الأخيرة، والتساؤل المطروح على ساحات النقاش العالمية: هل سيؤدي الأمر إلى حالة من الركود الاقتصادي على مستوى العالم؟

يبدو أن بعض كبار العقول الاقتصادية تقطع بأن هناك للأسف الشديد، ما هو أكثر سوءاً من مجرد الركود الاقتصادي، وأن المشهد يمكن أن ينسحب على المشهدين السياسي والأمني العالميين دفعة واحدة. وفي مقدم هؤلاء، يأتي الملياردير الأميركي الشهير ريموند داليو، مؤسس أحد أكبر صناديق التحوط في العالم «بريدجووتر» وأحد كبار أغنياء العالم.

عبر موقع «X» للتواصل الاجتماعي، ومن خلال برنامج «قابل الصحافة» على محطة «إن بي سي» الإخبارية الأميركية، نهار الأحد الماضي، نفخ داليو في بوق القرن إنذاراً وتحذيراً، لا من الركود المحتمل فحسب، بل خوفاً من مزيد من الاضطرابات نتيجة سياسات اقتصادية من جهة، وعوامل أخرى من جهة ثانية.

كيف لنا أن نفهم تحذيرات داليو؟

الراسخون في عالم الاقتصاد يدركون تمام الإدراك أن العالم يبدو وكأنه على شفا انهيار كلاسيكي للأنظمة النقدية والسياسية، جنباً إلى جنب مع الأوضاع الجيوسياسية الرئيسية، التي جرى الحفاظ عليها لـ3 عقود ونصف عقد، أي إلى ما بعد الحرب الباردة وسقوط الاتحاد السوفياتي.

الخوف الأكبر هو أن هذا النوع من التغيرات الجذرية، التي تلامس سقف الانهيارات بالفعل، لا تجري به المقادير سوى مرة واحدة في العمر، وقد حدثت بالفعل عندما توافرت حزمة من ظروف غير مستدامة... ماذا عن هذه؟

باختصار، يمكننا الإشارة إلى أزمة الديون العالمية بشكل عام، والأميركية منها بشكل خاص، مع الخوف من عدم المقدرة على السداد عند لحظة زمنية غير متوقعة.

هناك إشكالية تزايد عدم المساواة في الفرص والتعليم داخل الولايات المتحدة، حيث ينحو المجتمع إلى توجه طبقي ومحاصصة معرفية مرتبطة بالمقدرات المالية. أضف إلى ذلك ما يطرأ على النظام العالمي الجيوسياسي من تحولات، ما يظهر واضحاً في الدعوات الآيديولوجية الخاصة بشعار إدارة ترمب «أميركا أولاً».

عطفاً على ما تقدم، تبدو الطبيعة الغاضبة خصماً لأي استقرار عالمي، عبر فيضانات وأوبئة، وزلازل وتسونامي، والقادم أسوأ على هذا الصعيد، في ظل الارتداد الإيكولوجي الذي تسمع أخباره في الداخل الأميركي، من عودة للتنقيب عن الفحم، والانسحاب من معاهدات المناخ، وإغلاق مؤسسات التعاون الدولي.

بدت واشنطن في أعين الملياردير الكبير داليو في نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي في حاجة إلى قائد أكثر اعتدالاً من المرشحين، قائد يسعى في طريق خفض العجز الفيدرالي إلى 3 في المائة من الناتج الإجمالي، وإلا فإن مشكلات أكبر في العرض والطلب على الديون، بالتزامن مع المتغيرات السلبية الأخرى، ستقود إلى معترك سياسي لا تنقصه شرارة الصراع الأهلي.

وما زالت السياسة باقية مؤثراً فاعلاً، بل ضاغطاً، وفي الحقيقة موجهاً لمسارات الاقتصاد، وهذا ما تنبه له داليو على عتبات الانتخابات الرئاسية الأميركية في نوفمبر الماضي، حيث رفض دعم أي من الحزبين الكبيرين.

في مقال له في مجلة «التايم» وقتها، كتب داليو أن «أميركا بين خيارين، أحلاهما مرّ، وهي أمام دربين، كلاهما أعرج، حزب جمهوري قوي وغير أخلاقي وفاشي تقريباً - على حدّ تعبيره - وحزب ديمقراطي ضعيف وغير صادق وغامض».

الأسوأ الذي يتخوف منه العالمون ببواطن الحياة الأميركية هو أن تقود الأجواء الاقتصادية، التي تجري برسم سياسي، وعبر إجراءات أكثر إثارة موصولة بالمجمع الصناعي العسكري الأميركي، ومحاولات التقتير عليه، والتضييق على مساقاته، إلى إطلالة للحقبة الزمنية القاتلة التي عاشتها البشرية في الفترة الممتدة من 1930 حتى 1945.

في تلك الآونة، ضربت كثيراً من البقاع والأصقاع، في أميركا وأوروبا، أزمات اقتصادية طاحنة، لم تلبث أن دفعت ديمقراطيات راسخة إلى طريق الديكتاتوريات المتوحشة.

كانت ألمانيا وإسبانيا واليابان تتمتع بأنظمة برلمانية، لكنها انهارت بفعل الصراعات الداخلية بين اليسار المتطرف واليمين المتطرف، حيث طفت الشيوعية والفاشية على الساحة.

هل نشهد اليوم نسخاً معاصرة من حكايا الزمان وأحاجي الإنسان؟

يحاجج البعض بأن أميركا عرفت في السبعينات نوعاً من الركود، الذي ما انفك يتراجع في الثمانينات بسبب النهضة التكنولوجية، ثم جاءت رياح العولمة في التسعينات، لتتسنم أميركا القيادة والريادة بعد تفكيك الاتحاد السوفياتي.

على أن هذا الكلام، وإن كان مبتدأه صحيحاً، فإن خبره ليس كذلك. بمعنى أن روح الانعزالية، وشعارات الفوقية الأميركية، تقطع الطريق على العولمة شكلاً وموضوعاً. أهي ساعة الضبابية الإنتروبية؟

 

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الاقتصاد العالمي ما الأسوأ من الركود الاقتصاد العالمي ما الأسوأ من الركود



GMT 10:53 2025 الخميس ,06 تشرين الثاني / نوفمبر

المسلمان

GMT 10:51 2025 الخميس ,06 تشرين الثاني / نوفمبر

‏مفاجأة الحرب... تكنولوجيا أوكرانية مقابل أسلحة أميركية

GMT 10:48 2025 الخميس ,06 تشرين الثاني / نوفمبر

من موجة ترمب إلى موجة ممداني

GMT 10:45 2025 الخميس ,06 تشرين الثاني / نوفمبر

محاذير هدنة قصيرة في السودان

GMT 10:42 2025 الخميس ,06 تشرين الثاني / نوفمبر

المتحف المصري الكبير

GMT 10:39 2025 الخميس ,06 تشرين الثاني / نوفمبر

«تسونامي» اسمُه ممداني

GMT 10:36 2025 الخميس ,06 تشرين الثاني / نوفمبر

السودان... حكاية الذَّهب والحرب والمعاناة

GMT 10:33 2025 الخميس ,06 تشرين الثاني / نوفمبر

إحياء الآمال المغاربية

نجمات مصريات يجسّدن سحر الجمال الفرعوني في افتتاح المتحف المصري

القاهرة - المغرب اليوم

GMT 22:48 2025 الخميس ,06 تشرين الثاني / نوفمبر

إقبال تاريخي على المتحف الكبير في مصر مع زيارات غير مسبوقة
المغرب اليوم - إقبال تاريخي على المتحف الكبير في مصر مع زيارات غير مسبوقة

GMT 02:31 2025 الجمعة ,07 تشرين الثاني / نوفمبر

اليونيفيل تطالب إسرائيل بوقف الهجمات على لبنان فوراً
المغرب اليوم - اليونيفيل تطالب إسرائيل بوقف الهجمات على لبنان فوراً

GMT 13:17 2025 الخميس ,06 تشرين الثاني / نوفمبر

الأمم المتحدة تطلق حملة تطعيم واسعة للأطفال في غزة
المغرب اليوم - الأمم المتحدة تطلق حملة تطعيم واسعة للأطفال في غزة

GMT 02:59 2025 الجمعة ,07 تشرين الثاني / نوفمبر

أحلام تشعل مواقع التواصل بنصيحة غير متوقعة للزوجات
المغرب اليوم - أحلام تشعل مواقع التواصل بنصيحة غير متوقعة للزوجات

GMT 16:11 2020 الجمعة ,10 إبريل / نيسان

تثق بنفسك وتشرق بجاذبية شديدة

GMT 12:58 2019 الثلاثاء ,19 تشرين الثاني / نوفمبر

الشمامي يتراجع عن الاستقالة من الجيش الملكي

GMT 15:14 2019 الثلاثاء ,15 تشرين الأول / أكتوبر

تفاصيل مشروع قانون المالية المغربي لسنة 2020

GMT 17:38 2018 الأحد ,04 تشرين الثاني / نوفمبر

حيوان المولوخ الأسترالي يشرب الماء عن طريق الرمال الرطبة

GMT 13:15 2018 الثلاثاء ,02 كانون الثاني / يناير

سعد الصغير يعلن عن قلقه من الغناء وراء الراقصات

GMT 12:18 2012 الأربعاء ,27 حزيران / يونيو

جهود دولية لمكافحة الجرائم الإلكترونية

GMT 13:15 2012 الأحد ,02 كانون الأول / ديسمبر

لكل زمن نسائه

GMT 15:54 2015 الإثنين ,06 تموز / يوليو

متأسلمون يستدرجون يستعملون وبعد ذلك يسحقون

GMT 15:10 2013 الإثنين ,28 كانون الثاني / يناير

ما صدر في قضية بورسعيد قرار والحكم 9 مارس
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
RUE MOHAMED SMIHA ETG 6 APPT 602 ANG DE TOURS CASABLANCA MOROCCO
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib