إعلان نورثوود زمن الصحوة الأوروبية

إعلان نورثوود... زمن الصحوة الأوروبية

المغرب اليوم -

إعلان نورثوود زمن الصحوة الأوروبية

إميل أمين
بقلم - إميل أمين

«إن أسلحتنا النووية موجودة لردع التهديدات الأكثر تطرفاً لأمن دولنا ومصالحنا الحيوية. إن قواتنا النووية مستقلة، ولكن يمكن تنسيقها والمساهمة بشكل كبير في الأمن الشامل للتحالف وفي السلام والاستقرار في منطقة اليورو والأطلسي».

هذا هو جوهر «إعلان نورثوود» الصادر عن المملكة المتحدة والجمهورية الفرنسية، بعد زيارة غير اعتيادية، استمرت 3 أيام، للرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون لبريطانيا، وحصاد رؤية جديدة لمرحلة مغايرة من الصحوة الأوروبية، وبهذا طوتا صفحة سنوات من الاضطرابات في أعقاب قرار بريطانيا الانسحاب من الاتحاد الأوروبي.

اتفق القطبان الأوروبيان على تعزيز التعاون بشأن ترسانتهما النووية، لا سيما في ظل أمرين مثيرين للقلق والهواجس:

أولاً: من جهة الشرق لا يبدو أن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين راغب في التوصل إلى صفقة مؤقتة، أو تهدئة مرحلية للحرب مع أوكرانيا، قبل أن يدرك مرامه الاستراتيجي المتمثل في وضع جيوسياسي نهائي لوضعية أوكرانيا، متذرعاً دوماً بالمظلوميات التاريخية، وغير قادر على أن يغفر لـ«الناتو» خطيئة القرن العشرين الكبرى بإسقاط الاتحاد السوفياتي؛ ما يعني إمكانية أن تتطور المواجهات المسلحة، لتعيد فصلاً أو فصولاً من الماضي الأليم.

ثانياً: أدى انفتاح الرئيس الأميركي دونالد ترمب على نظيره الروسي، منذ بداية ولايته الثانية، إلى إثارة تساؤلات وجودية في أوروبا حول العلاقة عبر الأطلسي والتزام واشنطن بمساعدة حلفائها الأوروبيين والدفاع عنهم، حال حدوث القارعة الروسية، لا سيما أن غير المتوقع يحدث عادة Toujours l›inattendu arrive.

لم تعد سردية الردع النووي الأساسي لأوروبا الآتية من الولايات المتحدة كرمز للتعاون عبر الأطلسي منذ عقود من الزمان، قائمة في الاتفاق المحفوظ بعد، وهو ما أدركه الأوروبيون مؤخراً، وعليه بدا كأن عليهما استشراف واقع جيوسياسي متغير جديد.

لكن فهم «إعلان نورثوود» يقتضي أسئلة معمقة في مقدمها: ماذا يعني الاتفاق بداية، وهل هو إعلان حرب مقنع، كما سيحلو لجماعة السيلوفيكي الروسية القائمة من حول بوتين أن ترى الأمر بمنظورها؟

يمكن القطع بأن التفكير الأساسي من وراء اتفاق التنسيق النووي بين لندن وباريس، هو إظهار العزم الأوروبي المشترك، بعد أن باتت أوروبا كأنها بين المطرقة الروسية والسندان الأميركي... تهديد من موسكو، وابتزاز من واشنطن التي فرض رئيسها نسبة 5 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي لكل دولة عضو في «الناتو»، كمشاركة فعلية، في موازنة «الناتو».

في زمن السلم، يمكن للندن وباريس معاً دعم عمليات الردع البحرية، الواحدة للأخرى، وذلك بتوفير، على سبيل المثال، غواصات هجومية تعمل بالطاقة النووية، وفرقاطات وقدرات حربية مضادة للغواصات تُستخدم لضمان حماية الغواصات النووية.

أما في أوقات الخطر، فتتيح الاتفاقية الوصول إلى القواعد، وتقديم أشكال أخرى من الدعم، ويمكن أن تستفيد عمليات الردع الجوي من الدعم المشترك.

هل سيكون السلاح النووي الفرنسي والبريطاني حاضراً في الدفاع عن أوروبا؟

لا تزال إشكالية المظلة النووية التي تحمي القارة الأوروبية واحدة من القضايا المقلقة للأوروبيين، نخبة وعوام، وما من أحد قادر على التنبؤ بخطوات الرئيس ترمب، الرجل غير المتوقع، وما إذا كان عند لحظة زمنية بعينها سيقوم بسحب الوحدات النووية الأميركية من ألمانيا على سبيل المثال، وما إذا كان سينقلها إلى منطقة الإندوباسيفيك، حيث المعركة القادمة حكماً مع الصين، أو يحركها لجهة بولندا، الدولة الأكثر مواجهة لروسيا في الزمن المنظور.

وفي كل الأحوال، فإنه خلال أي أزمة في القارة العجوز، سواء كانت نووية أم لا، ستكون المملكة المتحدة وفرنسا بالفعل على تعاون وثيق المستوى عسكرياً في إطار حلف «الناتو»، ويبدو أن هناك عدداً محدوداً جداً من الحالات الطارئة التي قد تستعين فيها بريطانيا وفرنسا بقدراتهما النووية لدعم بعضهما البعض، خارج إطار جهد أوسع يشمل بقية دول العالم.

هل تقدم فرنسا في هذه الاتفاقية ما يفوق ما يمكن لبريطانيا أن تفعله أوروبياً؟ نظرياً، تستفيد لندن من إمكانية الوصول إلى أسلحة نووية فرنسية يمكن استخدامها بشكل مستقل تماماً عن الولايات المتحدة.

وبينما تستطيع المملكة المتحدة إطلاق صواريخها الباليستية من طراز «ترايدنت» التي تطلق من الغواصات دون موافقة الولايات المتحدة، إلا أنها على عكس فرنسا لا تزال تعتمد على التكنولوجيا الأميركية في أسلحتها النووية.

هل من جانب غير مرئي في الاتفاقية؟

المؤكد أنها تتيح فرصاً أكبر لتخطيط الحرب النووية، بما في ذلك خطط الاستهداف والتدريب على المستوى التكنولوجي، والتعاون في مجال البحوث النووية، وتعزيز منظومة منع الانتشار النووي الدولي.

إعلان نورثوود يستدعي غضب بوتين... لكن ماذا عن ترمب؟

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

إعلان نورثوود زمن الصحوة الأوروبية إعلان نورثوود زمن الصحوة الأوروبية



GMT 20:19 2025 السبت ,13 أيلول / سبتمبر

‎قمة الدوحة.. نريدها إجراءات وليست بيانات

GMT 20:16 2025 السبت ,13 أيلول / سبتمبر

سدودنا فارغة وسرقة المياه مستمرة

GMT 20:12 2025 السبت ,13 أيلول / سبتمبر

تاريخ «لايت»

GMT 20:10 2025 السبت ,13 أيلول / سبتمبر

ما بعدَ هجوم الدوحة

GMT 20:08 2025 السبت ,13 أيلول / سبتمبر

بول بوت... جنون الإبادة الذي لا يغيب

GMT 20:07 2025 السبت ,13 أيلول / سبتمبر

ربع قرن على هجمات 11 سبتمبر

GMT 20:05 2025 السبت ,13 أيلول / سبتمبر

انزلاقات المرحلة

GMT 20:03 2025 السبت ,13 أيلول / سبتمبر

أميركا... معارك الرصاص لا الكلمات

هيفاء وهبي تتألق بإطلالات خارجة عن المألوف وتكسر القواعد بإكسسوارات رأس جريئة

بيروت -المغرب اليوم

GMT 18:39 2025 الأحد ,14 أيلول / سبتمبر

تامر حسني يتعرض لكسر في القدم ويخفي آلامه
المغرب اليوم - تامر حسني يتعرض لكسر في القدم ويخفي آلامه

GMT 22:50 2024 الثلاثاء ,15 تشرين الأول / أكتوبر

أبرز حقائب اليد النسائية لخريف 2024

GMT 03:34 2021 الثلاثاء ,12 كانون الثاني / يناير

تعرف على أكبر وأهم المتاحف الإسلامية في العالم

GMT 12:20 2024 الإثنين ,01 كانون الثاني / يناير

رحمة رياض بإطلالات مريحة وعملية عقب الإعلان عن حملها

GMT 15:53 2023 الجمعة ,13 كانون الثاني / يناير

الين يرتفع بدّعم تكهنات تعديل سياسة بنك اليابان

GMT 07:31 2021 السبت ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

شباب الأهلي الإماراتي يخطط لانتداب أشرف بنشرقي

GMT 18:39 2020 الثلاثاء ,08 كانون الأول / ديسمبر

يبشّر هذا اليوم بفترة مليئة بالمستجدات

GMT 23:37 2020 الخميس ,09 إبريل / نيسان

كورونا" يسبب أكبر أزمة اقتصادية منذ سنة 1929

GMT 23:46 2019 الثلاثاء ,03 كانون الأول / ديسمبر

بنك مغربي يصرف شيكا باللغة الأمازيغية

GMT 23:52 2019 الإثنين ,22 تموز / يوليو

الفيضانات تقتل 141 حيوانًا بريًا في الهند

GMT 11:06 2019 الأربعاء ,24 إبريل / نيسان

الكشف عن "ميني كاب"أصغر سيارة إطفاء في العالم
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
RUE MOHAMED SMIHA ETG 6 APPT 602 ANG DE TOURS CASABLANCA MOROCCO
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib