«كايسيد» آفاق مشتركة للتماسك الاجتماعي

«كايسيد»... آفاق مشتركة للتماسك الاجتماعي

المغرب اليوم -

«كايسيد» آفاق مشتركة للتماسك الاجتماعي

إميل أمين
بقلم - إميل أمين

بات من العسير أن يتابع المرء هذه الأيام حواراً فكرياً راقياً، يصطبغ بصبغة إنسانية، ويسعى في طريق بشرية قادرة على مواجهة التحديات معاً، وسط تيار من العولمة، التي وإن قربتنا من بعضنا البعض جغرافياً، إلا أنه وللأسف لم يقدر لها أن تجعل منا إخوة.

سيطرت طوال الأسابيع الماضية، وربما لا تزال، أصداء أزمات التعريفات الجمركية للرئيس الأميركي دونالد ترمب، وفيما الضجيج يتصاعد، بدت مخاوف جدية من أن يدفع مناخ الكرة الأرضية تكاليف عالية وغالية من جراء المخاصمات والمحاصصات بين الأقطاب الكبرى، المتسابقة نحو مدارك العظمة، حتى ولو تعرض العالم لمزيد من التدهور.

على مدى يومين، التاسع والعاشر من أبريل (نيسان) الجاري، استضافت الجامعة البابوية «أنطونيانوم» في روما، مؤتمراً تحت عنوان «آفاق مشتركة... مسارات مشتركة بين الأديان نحو التماسك الاجتماعي والعدالة المناخية في أوروبا».

العنوان يستدعي إلى الذاكرة مقولة الكاتب الآيرلندي الشهير برنارد شو «عند العاصفة يلجأ الإنسان إلى أقرب مرفأ».

في خضم الصراعات، لا تجد الخليقة لها ثوابت في حاضر أيامنا، سوى ضفاف الأديان، حيث الثوابت لا المتغيرات، ما يجعل منها مواني للنجاة للمبحرين في دروب التهلكة.

في مقدمة المشاركين في أعمال المؤتمر، جاء الكاردينال جورج كوفاكد، الذي تم تعيينه في الفاتيكان حديثاً، رئيساً لدائرة الحوار بين الأديان، والذي أكد على أن الإيمان بالله، وفيما يحثنا على توعية الناس باحتياجات كوكبنا، ويفتح أعيننا على آلام وضيقات إخواننا البشر، فإنه يدفعنا في طريق البحث عن نموذج روحاني ووجداني للحياة، عوضاً عن مسارات النماذج التكنوقراطية المفرغة من أي معانٍ ما بعد إنسانية.

في مقدمة الحضور والمشاركين في أعمال المؤتمر، جاء السفير أنطونيو دي ألميدا ريبيرو، الأمين العام المكلف لمركز الملك عبد الله بن عبد العزيز العالمي للحوار بين أتباع الحضارات والأديان (كايسيد)، والذي شارك برؤية عن أهمية التعاون بين المؤسسات الدينية والعلمانية.

عبر أكثر من اثنتي عشرة سنة، عمل «كايسيد»، ولا يزال، على إقامة الجسور بين الشرق والغرب، عن طريق الحوار البناء، بهدف بلورة ملامح لإنسانية تشترك في «وحدة القلب»، وتجابه سوياً معضلات ونوازل عالمنا المعاصر، لا سيما ثقافة الكراهية، التي بات الكوكب يئن تحت وقع ضرباتها.

اعتبر السفير ألميدا أنه «في حين تتيح الأديان شبكات اجتماعية وقروناً من الحكمة، يمكن لصانعي السياسات توفير أطر تساعدهم على تحويل حدسهم إلى مقترحات سياسية بناءة»، مؤكداً أنه حال تعاون هذان الفريقان، يكون الأثر عميقاً.

سلط حضور «كايسيد» في أعمال مؤتمر «آفاق مشتركة» الضوء على روح الوحدة الإنسانية، باعتبارها هدفاً أساسياً ينبغي السير في هديه. ولاقت دعوات السفير ألميدا بشأن ضرورة متابعة «أفكار جديدة» و«نهج جديد في الحوار بين أتباع الأديان» صدى إيجابياً كبيراً وواسعاً لدى المشاركين الذين يمثلون زبدة المفكرين العلمانيين والروحيين الأوروبيين.

ولعل من أهم التوصيات والقراءات التي قدمها أمين عام «كايسيد» بالإنابة، خلال أعمال هذا المنتدى الفكري التقدمي، حتمية ارتكاز أعمال الحوار بين كافة المؤسسات الفاعلة والدول الساعية لخلق سردية روح واسعة، على تجارب ملموسة، وليس على تصريحات مجردة، هذا إن أردنا أن تكون فعاليات اللقاء طويلة بل دائمة التأثير نحو «الخير».

ولعل مسطح الكتابة هنا لا يتسع لسرد وعرض العديد من الكلمات المهمة والعميقة، ولا مناقشة التساؤلات الجذرية التي تم طرحها، عبر جلسات الحوار، غير أنه يمكن القطع بأنه كان هناك إجماع على كون الأزمات الاجتماعية والبيئية الحالية تتطلب رؤية جديدة للتنمية المتكاملة، كما أن الثقافة البيئية لا تعني فقط التعامل مع القضايا البيئية، بل تتطلب منظوراً أوسع يشمل الصالح العام للبشرية جمعاء.

هل سكان المعمورة اليوم في حاجة إلى تحالف ثقافي يدور حول القيم الإنسانية؟

غالب الظن أنه كذلك، لا سيما بعد أن عادت دوائر الرأسمالية الاستبدادية تحلق فوق رؤوس الجميع، ومن غير أن تأخذ في الاعتبار أن الكرامة الوجودية لكل إنسان مستخلف في الأرض، يجب أن تترجم إلى كرامة اجتماعية، ومن هنا تتبدى المسؤولية الحقيقية للزعماء الدينيين، وبشكل حاسم، ذلك أنه يتعين عليهم أن يعملوا كمحفزين للتضامن والعدالة في مجالات رئيسية مثل التعليم والثقافة.

الخلاصة... عززت مشاركة «كايسيد» السعي في طريق إيجاد المزيد من الجسور في عالم الآفاق المشتركة من أجل الخير العام والسعي لبيت مشترك يمكن للجميع العيش فيه.

 

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

«كايسيد» آفاق مشتركة للتماسك الاجتماعي «كايسيد» آفاق مشتركة للتماسك الاجتماعي



GMT 20:19 2025 السبت ,13 أيلول / سبتمبر

‎قمة الدوحة.. نريدها إجراءات وليست بيانات

GMT 20:16 2025 السبت ,13 أيلول / سبتمبر

سدودنا فارغة وسرقة المياه مستمرة

GMT 20:12 2025 السبت ,13 أيلول / سبتمبر

تاريخ «لايت»

GMT 20:10 2025 السبت ,13 أيلول / سبتمبر

ما بعدَ هجوم الدوحة

GMT 20:08 2025 السبت ,13 أيلول / سبتمبر

بول بوت... جنون الإبادة الذي لا يغيب

GMT 20:07 2025 السبت ,13 أيلول / سبتمبر

ربع قرن على هجمات 11 سبتمبر

GMT 20:05 2025 السبت ,13 أيلول / سبتمبر

انزلاقات المرحلة

GMT 20:03 2025 السبت ,13 أيلول / سبتمبر

أميركا... معارك الرصاص لا الكلمات

هيفاء وهبي تتألق بإطلالات خارجة عن المألوف وتكسر القواعد بإكسسوارات رأس جريئة

بيروت -المغرب اليوم

GMT 18:39 2025 الأحد ,14 أيلول / سبتمبر

تامر حسني يتعرض لكسر في القدم ويخفي آلامه
المغرب اليوم - تامر حسني يتعرض لكسر في القدم ويخفي آلامه

GMT 22:50 2024 الثلاثاء ,15 تشرين الأول / أكتوبر

أبرز حقائب اليد النسائية لخريف 2024

GMT 03:34 2021 الثلاثاء ,12 كانون الثاني / يناير

تعرف على أكبر وأهم المتاحف الإسلامية في العالم

GMT 12:20 2024 الإثنين ,01 كانون الثاني / يناير

رحمة رياض بإطلالات مريحة وعملية عقب الإعلان عن حملها

GMT 15:53 2023 الجمعة ,13 كانون الثاني / يناير

الين يرتفع بدّعم تكهنات تعديل سياسة بنك اليابان

GMT 07:31 2021 السبت ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

شباب الأهلي الإماراتي يخطط لانتداب أشرف بنشرقي

GMT 18:39 2020 الثلاثاء ,08 كانون الأول / ديسمبر

يبشّر هذا اليوم بفترة مليئة بالمستجدات

GMT 23:37 2020 الخميس ,09 إبريل / نيسان

كورونا" يسبب أكبر أزمة اقتصادية منذ سنة 1929

GMT 23:46 2019 الثلاثاء ,03 كانون الأول / ديسمبر

بنك مغربي يصرف شيكا باللغة الأمازيغية

GMT 23:52 2019 الإثنين ,22 تموز / يوليو

الفيضانات تقتل 141 حيوانًا بريًا في الهند

GMT 11:06 2019 الأربعاء ,24 إبريل / نيسان

الكشف عن "ميني كاب"أصغر سيارة إطفاء في العالم
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
RUE MOHAMED SMIHA ETG 6 APPT 602 ANG DE TOURS CASABLANCA MOROCCO
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib