روته ــ ترمب «الناتو» ومآلات الخط الرفيع

روته ــ ترمب... «الناتو» ومآلات الخط الرفيع

المغرب اليوم -

روته ــ ترمب «الناتو» ومآلات الخط الرفيع

إميل أمين
بقلم - إميل أمين

«أعتقد أنهم يريدون العمل معك في الفترة التي تسبق القمة المقبلة، للتأكد من أن لدينا حلف شمال الأطلسي، الذي تم تنشيطه حديثاً تحت قيادتك». هكذا وجّه أمين عام حلف «الناتو» ، مارك روته، حديثه إلى الرئيس الأميركي دونالد ترمب، نهار الخميس الماضي، خلال لقائه الودي معه في البيت الأبيض، وقد بان جلياً أن روته قد قرأ بعمق كتابات الأميركي الأشهر ديل كارنيغي، ونصائحه عن «كسب الأصدقاء والتأثير في الناس»، من خلال تعظيم صفات الشخص في عين نفسه؛ الأمر الذي يسر الطبيعة الفوقية لسيد البيت الأبيض.

بلغ «الناتو» في الأسابيع القليلة الماضية، وبعد اللقاء العاصف الذي شهده البيت الأبيض بين ترمب والرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، حافة الهاوية، قبل أن يحاول روته رأب الصدع، من خلال علاقته الشخصية مع ترمب، والتي يسرت له فهم سيكولوجية الرئيس الأميركي، رجل الصفقات.

قبل أسبوع من زيارة روته لواشنطن، كان قد أعلن عن أن المزيد من الدول الأوروبية سوف ترفع إنفاقها الدفاعي، ومشيراً إلى أن واشنطن ملتزمة بـ«الناتو» رغم الانتقادات المتكررة التي يوجهها الرئيس الأميركي للحلف.

بتاريخ 27 فبراير (شباط) كتب روته على منصة «X» إن «أميركا وحلف (الناتو) يزدادان قوة، وإن أعضاء الحلف الذي ضمن أمن أوروبا وأمانها طوال ثمانية عقود، يتحركون الآن بسرعة للاستثمار أكثر في الدفاع».

يعنّ للمرء أن يتساءل: هل توجه الدول الأوروبية الأعضاء في الحلف تجاه زيادة مستوى الإنفاق، أمر هدفه الرئيس ترضية ترمب، أم الاستعداد لساعة القارعة حال تحللت واشنطن من ارتباطاتها الأمنية التي درجت عليها تجاه القارة الأوروبية منذ نهاية الحرب العالمية الثانية؟

الجواب غير واضح بشكل جلي، والسبب الرئيس هو أن «الناتو» من غير الولايات المتحدة، يفقد حضوره الاستراتيجي ولا يمكن بحال من الأحوال لدول أوروبا مجتمعة أن تواجه التهديدات الروسية حالياً، والتحديات الصينية المخيفة مستقبلاً، في حين سيكون الأمر وبالاً على الأوروبيين بنوع خاص، تعزيز التحالف الروسي - الصيني.

وبالقدر ذاته، فإن واشنطن لا يمكن أن تستغني عن الساحة الجغرافية الأوروبية، قلب العالم القديم بحسب هالفورد ماكندر الجغرافي البريطاني الأشهر.

أثبتت الأحداث أن الضجيج الأوروبي في وجه العم سام، يبدو ضجيجاً أجوف، وأحاديث دعم أوكرانيا من دون الارتكان إلى واشنطن مفرغة من أي واقعية.

في لقائه مع ترمب، شدد روته على دعوة المفوضية الأوروبية هذا الشهر إلى تخصيص 800 مليار يورو (874 مليار دولار) لإنفاق دفاعي جديد، من جانب الكتلة المكونة من 27 دولة، وأشار إلى أن الالتزامات الأخيرة من جانب المملكة المتحدة وألمانيا بزيادة الإنفاق على الأمن في تلك البلدان ماضية قدماً.

وعلى الرغم من أن دول «الناتو» في الجانب الأوروبي رفضت الالتزام بفكرة إنفاق 5 في المائة من الناتج الإجمالي لكل واحدة منها على حدة، في موازنة الناتو، فإنها حركت مساهماتها من 2 في المائة حالياً إلى 3 في المائة، وهو الرقم الذي سيتم اعتماده غالب الأمر في قمة «الناتو» القادمة في يونيو (حزيران) المقبل.

أنتصر ترمب ولا شك من وجهة النظر الاقتصادية، وعطفاً على ذلك قطعت تصريحات روته عن روسيا الاتحادية الشك تجاه بلورة أوروبا سياسة مغايرة ما ترتئيه واشنطن.

على هامش الزيارة تحدث روته بشأن العلاقات الأوروبية - الروسية، وفي مفاجأة مدوية، أشار إلى أنها يجب أن تعود إلى مسارها الطبيعي في نهاية المطاف بمجرد أن تنتهي حرب أوكرانيا.

تبدو النبرة مغايرة، شكلاً وموضوعاً، عن الرايات الفاقعة والأصوات الزاعقة التي ارتفعت، حين تعرض زيلينسكي لموقف صادم في البيت الأبيض مؤخراً، حتى ولو حاول أمين عام حلف «الناتو» حفظ ماء الوجه الأوروبي بتأكيده على ضرورة الضغط على روسيا لضمان أن تأخذ موسكو المفاوضات الجارية مع واشنطن مأخذ الجد، ومن دون تصريح علني بأن أوروبا لا تملك أي أوراق على مائدة التفاوض هذه، والتي لم تدعَ إليها من جانب ترمب.

تبدو شخصانية العلاقة بين روته وترمب، خطاً رفيعاً حافظ من خلاله الأول على الشراكة الأميركية - الأوروبية، لا سيما أن علاقات طيبة جمعت بينهما قبل بضع سنوات، ولاحقاً كان روته من أوائل القادة الأجانب الذين هنأوا ترمب على إعادة انتخابه، وفي مقدمة من زاروه في منتجعه الشهير، كما أن روته لم يعلن دعمه لزعيم أوكرانيا مؤخراً.

يخطئ من يظن أن ترمب راغب في التضحية بـ«الناتو»، بل يبدو إنه يعمل على تحييد موسكو بعيداً عن بكين التي تتجهز بغواصات من نوع 096، والتي تعد كابوساً نووياً لأميركا

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

روته ــ ترمب «الناتو» ومآلات الخط الرفيع روته ــ ترمب «الناتو» ومآلات الخط الرفيع



GMT 20:19 2025 السبت ,13 أيلول / سبتمبر

‎قمة الدوحة.. نريدها إجراءات وليست بيانات

GMT 20:16 2025 السبت ,13 أيلول / سبتمبر

سدودنا فارغة وسرقة المياه مستمرة

GMT 20:12 2025 السبت ,13 أيلول / سبتمبر

تاريخ «لايت»

GMT 20:10 2025 السبت ,13 أيلول / سبتمبر

ما بعدَ هجوم الدوحة

GMT 20:08 2025 السبت ,13 أيلول / سبتمبر

بول بوت... جنون الإبادة الذي لا يغيب

GMT 20:07 2025 السبت ,13 أيلول / سبتمبر

ربع قرن على هجمات 11 سبتمبر

GMT 20:05 2025 السبت ,13 أيلول / سبتمبر

انزلاقات المرحلة

GMT 20:03 2025 السبت ,13 أيلول / سبتمبر

أميركا... معارك الرصاص لا الكلمات

هيفاء وهبي تتألق بإطلالات خارجة عن المألوف وتكسر القواعد بإكسسوارات رأس جريئة

بيروت -المغرب اليوم

GMT 01:02 2025 الإثنين ,15 أيلول / سبتمبر

زامير يقدّر أن السيطرة على غزة ستستغرق ستة أشهر
المغرب اليوم - زامير يقدّر أن السيطرة على غزة ستستغرق ستة أشهر

GMT 18:39 2025 الأحد ,14 أيلول / سبتمبر

تامر حسني يتعرض لكسر في القدم ويخفي آلامه
المغرب اليوم - تامر حسني يتعرض لكسر في القدم ويخفي آلامه

GMT 22:50 2024 الثلاثاء ,15 تشرين الأول / أكتوبر

أبرز حقائب اليد النسائية لخريف 2024

GMT 03:34 2021 الثلاثاء ,12 كانون الثاني / يناير

تعرف على أكبر وأهم المتاحف الإسلامية في العالم

GMT 12:20 2024 الإثنين ,01 كانون الثاني / يناير

رحمة رياض بإطلالات مريحة وعملية عقب الإعلان عن حملها

GMT 15:53 2023 الجمعة ,13 كانون الثاني / يناير

الين يرتفع بدّعم تكهنات تعديل سياسة بنك اليابان

GMT 07:31 2021 السبت ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

شباب الأهلي الإماراتي يخطط لانتداب أشرف بنشرقي

GMT 18:39 2020 الثلاثاء ,08 كانون الأول / ديسمبر

يبشّر هذا اليوم بفترة مليئة بالمستجدات

GMT 23:37 2020 الخميس ,09 إبريل / نيسان

كورونا" يسبب أكبر أزمة اقتصادية منذ سنة 1929

GMT 23:46 2019 الثلاثاء ,03 كانون الأول / ديسمبر

بنك مغربي يصرف شيكا باللغة الأمازيغية

GMT 23:52 2019 الإثنين ,22 تموز / يوليو

الفيضانات تقتل 141 حيوانًا بريًا في الهند

GMT 11:06 2019 الأربعاء ,24 إبريل / نيسان

الكشف عن "ميني كاب"أصغر سيارة إطفاء في العالم
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
RUE MOHAMED SMIHA ETG 6 APPT 602 ANG DE TOURS CASABLANCA MOROCCO
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib