في وداع أبي عبد اللطيف

في وداع أبي عبد اللطيف

المغرب اليوم -

في وداع أبي عبد اللطيف

مشاري الذايدي
بقلم - مشاري الذايدي

طوى الفارس رايته، وأراح فرسه، وأسلم روحه لخالقها، وسلّم سيرته لمن يقرأ من بعده أو يُصيغ سمعه لرواية التاريخ السعودي الحديث، التاريخ الاجتماعي والحراك الإعلامي في ربع القرن الأخير هذا.

محمد بن عبد اللطيف آل الشيخ، كاتبٌ وناشطٌ سعودي نذر حياته لمعركة التنوير، وقاتل فيها ولأجلها، في كلماته وأمسياته التي كان يعقدها في صالونه الشهير بمنزله في شمال العاصمة الرياض.

لم يأبه لضراوة الخصوم، بل كان ذلك يزيده ألقاً وتصميماً، لم يكن «أبو عبد اللطيف» يخافُ أو يُحجم، هو دوماً كان «حيث لا يجرؤ الآخرون».

لن أتحدث عن سيرته مع الصحافة، فهو عاملٌ نشط فيها ولديه روح مغامرة منذ تجربة مجلة «قطوف» التي كان صاحب امتيازها وناشرها، أو في مشواره الغني وعمله مع الراحل الآخر، رائد المجموعة السعودية «الحديثة» الأمير أحمد بن سلمان -رحمه الله.

فرادة أبي عبد اللطيف وسرُّ تميّزه هما نهجه في الكتابة، في عموده الشهير بجريدة «الجزيرة»، حيث كانت مقالته على موعد دائم في ميدان المعركة، نعم كان يرى نفسه مقاتلاً قبل أن يكون كاتباً عادياً.

يقاتل الفارس أبو عبد اللطيف على ثغور التنوير، ضدّ أهل الظلام والانغلاق، يقاتل بشراسة لا هوادة فيها، فهو رجل المواجهات الصريحة.

من أجل قضية المرأة السعودية... قاتل.

من أجل النهضة التشريعية القانونية... قاتل.

من أجل تعزيز الهوية الوطنية ضد النزعات والنزغات اللاوطنية، بخاصة الصحوية... قاتل.

من أجل الانتماء للعصر، والانفتاح على العالم... قاتل.

لم يُفرح الفارس الراحل العاديُّ من الأمور، فأي مكسب في ميادين معاركه السابقة هذه كان يفرحه ويطربه، وكأنه يكسب شخصياً.

امتزجت همومه الذاتية بقضايا السعودية الموضوعية، في حالة نادرة يُمكن الوقوف عليها، لم أرَ رجلاً مندمجاً بالقضايا العامة، كأبي عبد اللطيف، وكأنها قضايا منزله وأسرته الصغيرة.

على ذكر منزله، فقد كان صالون أبي عبد اللطيف، على مدى ربع قرن، محجّاً للزائرين من الصحافيين والباحثين عن رصد إيقاع المجتمع السعودي، كانت مجالسه منتدى للمنتمين لقضايا التنوير، وكم شهدت مجالسه السجالات والنقاشات الثرية، وكم وُلدت فيها من فكرة جديدة، ولذلك حديث مختلف يجب رصده في سياق خاص، ليت من يتصدى لهذا البحث من النبهاء، فهو بحثٌ غني ومُعبّرٌ عن حركة مجتمع كامل.

قبل أن أعزّي نفسي في الصديق الغالي، محمد بن عبد اللطيف آل الشيخ، أُعزّي رفيقة دربه السيدة هند، ونجليه البارّين، عبد اللطيف وعبد العزيز، وكل أهل منزله والعاملين فيه.

كان محمدٌ عنوان مرحلة، وصوت قضية، ونبض جيل كامل.

رحمة الله عليك أبا عبد اللطيف... نمْ قرير العين، فجلُّ ما قاتلت من أجله رأيتَهُ يتحقّقُ في وطنك، برؤية شاملة، قبل أن تُغمضَ جفونكَ للمرّة الأخيرة.

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

في وداع أبي عبد اللطيف في وداع أبي عبد اللطيف



GMT 08:38 2025 الأحد ,09 شباط / فبراير

اختلاف الدرجة لا النوع

GMT 20:02 2025 الأحد ,19 كانون الثاني / يناير

عالم جديد حقًا!

GMT 06:19 2025 الأحد ,12 كانون الثاني / يناير

جانب فخامة الرئيس

GMT 19:43 2025 السبت ,11 كانون الثاني / يناير

أصول النظام السياسى

GMT 19:56 2025 الثلاثاء ,07 كانون الثاني / يناير

عيد سعيد!

نجمات مصريات يجسّدن سحر الجمال الفرعوني في افتتاح المتحف المصري

القاهرة - المغرب اليوم

GMT 22:48 2025 الخميس ,06 تشرين الثاني / نوفمبر

إقبال تاريخي على المتحف الكبير في مصر مع زيارات غير مسبوقة
المغرب اليوم - إقبال تاريخي على المتحف الكبير في مصر مع زيارات غير مسبوقة

GMT 02:59 2025 الجمعة ,07 تشرين الثاني / نوفمبر

أحلام تشعل مواقع التواصل بنصيحة غير متوقعة للزوجات
المغرب اليوم - أحلام تشعل مواقع التواصل بنصيحة غير متوقعة للزوجات

GMT 13:43 2021 الخميس ,22 تموز / يوليو

بريشة : سعيد الفرماوي

GMT 05:24 2020 السبت ,29 شباط / فبراير

التصرف بطريقة عشوائية لن يكون سهلاً

GMT 19:51 2017 الأربعاء ,27 كانون الأول / ديسمبر

حفل افتتاح بنكهة أفريقية للشان في المغرب

GMT 13:32 2025 الثلاثاء ,14 تشرين الأول / أكتوبر

أنشيلوتي يطمح لقيادة البرازيل نحو لقبها العالمي السادس

GMT 14:13 2018 السبت ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

تقنية ثورية للتحكم في النعاس أثناء القيادة من باناسونيك

GMT 04:57 2018 الإثنين ,06 آب / أغسطس

ظهور دولفين مهجن آخر في هاواي

GMT 04:45 2017 الجمعة ,29 كانون الأول / ديسمبر

الحسين عموتة يهدد اللاعبين الذين تراجع مستواهم

GMT 05:18 2015 الجمعة ,02 كانون الثاني / يناير

محمد جبور يعرب عن فخره بنجاح تصاميمه عالميًا

GMT 14:45 2017 الإثنين ,11 أيلول / سبتمبر

تصنيف “جامعة الرباط” في المرتبة 15 إفريقيّا

GMT 17:43 2021 الإثنين ,01 شباط / فبراير

التفرد والعناد يؤديان حتماً إلى عواقب وخيمة

GMT 00:26 2018 الثلاثاء ,30 تشرين الأول / أكتوبر

الفنانة بوسي تكشّف أسباب ابتعادها عن الأدوار الكوميديا
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
RUE MOHAMED SMIHA ETG 6 APPT 602 ANG DE TOURS CASABLANCA MOROCCO
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib